قال مدير العمليات السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية الجنرال المتقاعد يسرائيل زيف إن إسرائيل غرقت في اعتبارات عسكرية تكتيكية في قطاع غزة دون أي تصور إستراتيجي عكس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تمتلك هذا التصور، وانتقلت من مرحلة الصدام العسكري المباشر إلى حرب عصابات تلحق أضرارا بالجيش الإسرائيلي.
وفي لقاء مع صحيفة معاريف الإسرائيلية قال الجنرال زيف (الذي استلم بين مناصب عليا قيادةَ سلاح المظليين وفرقة غزة خلال الانتفاضة الثانية) إن حماس لم تعد تبحث عن نصر في صدام مباشر بل ما يعنيها حاليا هو حرب العصابات، أما إسرائيل فتغرق في اعتبارات قتال تكتيكية، وتتصرف كمن يملك كل الوقت ولا يستشعر تأثير عوامل أخرى على الزمن.
وأضاف الجنرال زيف أن حماس، عكس الجيش الإسرائيلي، عدلت طريقة قتالها كتغيير في إستراتيجيتها، وتخوض عموما معركة مركبة، قائلا إن حرب العصابات (وبينها تكتيكات الفخاخ المتفجرة) -التي باتت تشبه حرب العصابات التي كان يخوضها حزب الله– تناسب الحركة وتلحق خسائر بإسرائيل لأن جيشها في صورته الحالية ليس مُصمَّما لتبقى فرقه في كل بقعة من غزة.
معركة الوقت
لكن ما الذي يدور يا ترى في عقل زعيم حماس في غزة يحيي السنوار حتى يصر على رفض صفقة أسرى ولا يبدي أي مرونة؟
يرى الجنرال المتقاعد زيف أن إسرائيل تخسر وقتا ثمينا وأن السنوار يدرك الضغط الدولي عليها ويعرف أن رصيدها يتآكل وأن الصبر الأميركي سينتهي قريبا ولا يريد بالتالي “الانخراط معها في شيء يقويها” وهو يقاوم الضغوط لأجل ذلك.
وحسب الجنرال زيف فإن السنوار لا يعبأ بالضغوط الخارجية عليه إن وجدت، فهو يريد إنهاء الحرب بحيث تنسحب إسرائيل من القطاع وهي تجر أذيال الهزيمة، ويستثمر لتحقيق ذلك في الكارثة الإنسانية الحالية ويسعى لإشعال المنطقة في شهر رمضان مستغلا أخطاء إسرائيل أو استفزازات تقود إلى “انفجار تام” يخرج منه منتصرا.
ودعا زيف لقبول المقترح الأميركي طريقا وحيدا لتغيير الوضع الحالي، وذلك بإحلال حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محل حماس في القطاع، لكن مع فرض شروط بينها سيطرة إسرائيلية على حكم مدني هناك (يحصل في النهاية على شرعية دولية) وعلى المعونة الإنسانية، وإبقاء الجيش حتى تفكيك كل قوات حماس.
واتهم الجنرال زيف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتعنت بإصراره على مقاربة تكتيكية حصرا لا تحقق مكاسب إستراتيجية، ولا تغييرا في الحرب، بل تجعل إسرائيل تجرجر أقدامها لا يحدوها هدف واضح.
رفح ولبنان
أما بالنسبة لرفح، فأوصى بتحاشي دخولها دون تنسيق وتحديدا في رمضان، قائلا إنها ليست بالأهمية التي تحتم اقتحامها الآن، لأن “أي خطأ في مكان يزدحم بمئات ألوف اللاجئين سيضر أكثر بصورة إسرائيل الدولية”.
وفيما يتعلق بلبنان، دعا الجنرال زيف إلى عدم الاكتفاء بتوجيه الضربات إلى حزب الله في الجنوب، وإنما أيضا إلى استغلال الوضع الهش للحكومة اللبنانية للضغط عليها، بما في ذلك التلويح باستهداف البنية التحتية.
وقال إن حزب الله حتى وإن كان يخسر المعركة تكتيكيا فإنه يسيطر على سرديته القائلة إنه لن يوقف القتال قبل وقف إطلاق النار في غزة.