قال خبراء سياسيون فلسطينيون إن عمليات المقاومة تتصاعد في الضفة الغربية المحتلة؛ جراء استمرار السياسات الإسرائيلية القمعية.
وأضاف الخبراء، في أحاديث لوكالة الأناضول أن حالة المقاومة في الضفة تتنامى وتتمدد وتتطور من حيث الأساليب والتخطيط والأدوات.
ومن المتوقع، وفق مراقبين، أن يتصاعد العمل المقاوم في الضفة؛ على خلفية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قصف صاروخي إسرائيلي استهدف مقر إقامته بينما كان يزور العاصمة الإيرانية طهران.
وبوتيرة شبه يومية، تعلن المقاومة الفلسطينية في الضفة عن تنفيذها عمليات تتركز بصورة خاصة في شمالها، حيث تتعرض نقاط عسكرية إسرائيلية وحواجز ومركبات لعمليات إطلاق نار.
وفي 25 يوليو/تموز الماضي، أُصيب 3 إسرائيليين في إطلاق نار قرب مدينة قلقيلية (شمال).
وسبق هذه العملية إعلان مصور نشرته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لتنفيذ سلسلة عمليات، بينها تفجير عبوة محلية الصنع عن بعد بالقرب من طولكرم.
ومن حين إلى آخر، تتعرض نقاط عسكرية إسرائيلية قرب نابلس وجنين لعمليات إطلاق نار.
جبهة لن تهدأ
“الضفة الغربية لن تهدأ”.. هكذا بدأ رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية، أحمد رفيق عوض، حديثه للأناضول عن عمليات المقاومة المستمرة.
وأرجع عوض ذلك إلى كون الاحتلال الإسرائيلي ينفذ بصورة متصاعدة عمليات الاقتحام والتنكيل والقتل وتدمير البنية التحتية، ظنا أنه قد يصل لنتائج سريعة لوأد الحالة النضالية في الضفة الغربية وضرب الحاضنة المجتمعية.
وأضاف أن المقاومة لن تتوقف وهي ليست دوما بنفس الوتيرة، قد تكون هناك موجات مد وجزر “والمقاومة في الضفة باتت ذات بنية عسكرية ولو بدائية”.
وتابع عوض أن المقاومة موجودة أكثر بالأسلحة النارية والعبوات والكمائن البسيطة والمركبة والتصوير.. وهذا يشير إلى الإصرار وأن هناك سيطرة وتخطيطا.
واستدرك: “لا أريد أن أغامر بالقول إن هناك بنية عسكرية بدائية، ولكن واضح أن هناك تطورا في عمل المقاومة في أدواتها وبنيتها التحتية”.
وزاد بأن هذا رد فعل على قسوة ووحشية الاحتلال، وكلما كان التحدي عاليا كانت الاستجابة أيضا عالية، “والمقاومة تتمدد من شمال الضفة إلى مناطق أخرى وهذا منوط بتداعيات الحالة”.
وتطور العمل المقاوم يقابله تطور في أدوات السلطات الإسرائيلية، ومنها عمليات الاغتيال واستخدام القوات الخاصة والقصف عبر المسيّرات والطائرات العمودية وحتى الطائرات الحربية الأخرى.
وأضاف عوض أن الجيش الإسرائيلي بات لا يجازف بجنوده، ويذهب لعمليات الاغتيال من الجو ويفرض إجراءات عقابية، كإغلاق مدن وبلدات ومحافظات. “وإسرائيل تجابه أي قوة بقوى غير مناسبة، أي تزيد من وحشيتها”.
تطور في الأدوات
وحسب رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل، بلال الشوبكي، فإن ما يحصل في الضفة الغربية من تنامي في الظاهرة (المقاومة) يعود إلى سياسة إسرائيل منذ ما قبل أكتوبر/تشرين الأول لوأد أي عمل مقاوم، (ولكن) كل التجارب (الإسرائيلية) لم تفلح.
وقال الشوبكي للأناضول إن استمرار ذات السياسات الإسرائيلية من عمليات تقييد للحريات كالاعتقال، وتقييد التمدد العمراني عبر سيطرة المستوطنين على الأرض، يؤدي إلى اتساع المقاومة وتمددها إلى مناطق أخرى.
وتابع: “الحالة النضالية لم تعد تقتصر على تمدد جغرافي، وإنما حتى الشكل حيث التطور العملي من عمليات الدهس والطعن في العام 2014 إلى استخدام العبوات والسلاح الناري”.
وهذا يشير إلى أن هناك إصرارا من هذه المجموعات على تطوير الأدوات في السياق العسكري، وهناك مخاوف إسرائيلية من هذه الظاهرة إذا تنامت وأصبحت غير قابلة للاحتواء ولم تعد مرتبطة بمجموعات عسكرية معرفة كالأجنحة العسكرية، بل تتعدى إلى خلايا خارج تلك الجماعات، كما أضاف الشوبكي.
وقال إن الجهود السياسية والاقتصادية الإسرائيلية التي بُذلت في الضفة الغربية على مدار سنوات، ستقلب إلى خسائر لأن الحالة برمتها ستنقلب رأسا على عقب.
نموذج ملهم
ووفق مدير مركز يبوس للدراسات الإستراتيجية، سليمان بشارات، في حديث للأناضول، فإن العمل المقاوم ترتفع وتيرته وتركيزه في فترات زمنية وتتراجع في أخرى.
وأضاف أنه إذا عدنا إلى السنوات الماضية نقرأ أن سلسلة عمليات المقاومة أخذت منحنيات وسمات تختلف في كل مرحلة عن الأخرى.
واستطرد: “من عمليات الدهس والطعن، وهي عمليات فردية، إلى عمليات ذات بعد تنظيمي كالجماعات المسلحة التي ظهرت بمسميات مختلفة وتضم أطيافا من المقاومين من مشارب فكرية متعددة”.
وهذا يشير إلى أن روح المقاومة موجودة في الحالة الفلسطينية بالضفة، وهناك عوامل وظروف تساعد في ظهورها وبروزها وتكثيفها في أوقات بينما تقل في أخرى، حسب بشارات.
وبيَّن أن أول تلك الظروف هو موضوع الحرب على غزة وما يقوم به الاحتلال من اعتداءات متواصلة في الضفة من اغتيال وقتل واعتقال وتدمير بنية تحتية، والاعتداءات المتواصلة من المستوطنين على المسجد الأقصى المبارك.
وأما العامل الثاني فلا لا يقل أهمية، وهو موضوع بروز النموذج الملهم للعمل المقاوم، فمنذ عامين تظهر ملامح تشكيلات للعمل بدأت من مدينة جنين ومخيمها ثم انتقلت إلى نابلس وطولكرم وعقبة جبر وقلقيلية.
ورأى أن هذه الروح الإلهامية منحت الشباب الراغبين في العمل لفرصة لتقليد تلك الحالة.
والعامل الثالث هو قدرة التنظيمات السياسة، وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي على إعادة ترميم البنية التحتية لأجنحتها العسكرية في الضفة.
وقال بشارات: “قد لا يرقى (هذا) إلى ما كان في انتفاضة الأقصى (2000)، ولكن واضح أنها باتت تعمل باسمها الصريح ككتيبة جنين وطولكرم التابعتين لحركة الجهاد الإسلامي، والقسام التي تتبع حماس”.
وختم بشارات بأن العامل الرابع يتمثل في أن الاحتلال كسر كل القيود والمحددات الأساسية في العلاقة مع الفلسطينيين، الأمر الذي عزز فكرة أنه لا أمل مع الاحتلال إلا في المقاومة والمواجهة.