قالت 3 مصادر إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل وافقتا بنسبة كبيرة من حيث المبدأ على إمكانية إجراء تبادل للأسرى الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين، خلال هدنة تستمر شهرا.
ونقلت وكالة رويترز عن المصادر قولها إن الخطة الإطارية تأخر طرحها بسبب وجود خلافات بين الجانبين، بشأن كيفية التوصل إلى نهاية دائمة للحرب في قطاع غزة.
وقال أحد المصادر -وهو مسؤول مطّلع على المفاوضات- إن أحدث جولة من الجهود الدبلوماسية بدأت في 28 ديسمبر/كانون الأول 2023، وقلّصت الخلافات بشأن مدة وقف إطلاق النار المبدئي إلى نحو 30 يوما، بعد أن اقترحت حماس في البداية هدنة لأشهر عدة.
وركزت جهود الوساطة المكثفة -التي قادتها قطر والولايات المتحدة ومصر في الأسابيع القليلة الماضية- على نهج تدريجي لإطلاق سراح فئات مختلفة من الأسرى الإسرائيليين، بدءا من المدنيين وانتهاء بالجنود مقابل وقف الأعمال القتالية، والإفراج عن أسرى فلسطينيين، وإدخال المزيد من المساعدات إلى غزة.
وقال أحد المصادر -وهو مسؤول فلسطيني على اطلاع بجهود الوساطة كما تقول رويترز- إنه بينما تسعى إسرائيل للتفاوض على مرحلة واحدة في كل مرة، تسعى حماس إلى التوصل إلى “صفقة شاملة” يُتفق فيها على وقف دائم لإطلاق النار قبل إطلاق سراح الأسرى خلال المرحلة المبدئية.
حماس تشترط ضمانات
وقال مصدران أمنيان مصريان إن العمل جار لإقناع حماس بقبول هدنة لمدة شهر يعقبها وقف دائم لإطلاق النار. لكن المصادر قالت إن حماس تطالب بضمانات لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق من أجل الموافقة على الهدنة الأولية.
وردا على سؤال بشأن المفاوضات، قال القيادي في حركة حماس سامي أبو زهري لرويترز -يوم الاثنين الماضي- إن الحركة منفتحة على مناقشة الأفكار، لكن لم يُتوصل إلى اتفاق بعد.
وأضاف أبو زهري “نحن منفتحون على كل المبادرات والمقترحات، لكن أي اتفاق يجب أن يكون على أساس إنهاء العدوان والانسحاب الكامل للاحتلال من قطاع غزة”.
وقال مسؤول كبير في حماس، إن أحد العروض التي قدمتها إسرائيل هو إنهاء الحرب إذا أخرجت حماس 6 من كبار القادة من غزة. لكنه أضاف أن حماس ترفض “قطعا” هذا الاقتراح.
وأوضح المصدر أن القائمة تضم رئيس حركة حماس في غزة: يحيى السنوار، ومحمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
وقالت المصادر إن حماس تسعى للحصول على ضمانات بأن إسرائيل لن تستأنف الحرب.
وأوضح المسؤول الفلسطيني أن حماس تريد من الولايات المتحدة ومصر وقطر ضمان التنفيذ، وتشعر بالقلق من أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ستستأنف القتال بمجرد أن تطلق حماس سراح الأسرى المدنيين، حتى لو ظل الجنود الإسرائيليون محتجزين.
وقال المصدر الأميركي إن حماس سعت خلال هذه الجولة إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وقال المسؤول المطلع على المحادثات إن حماس خفّفت منذ ذلك الحين هذا الطلب، الذي من المرجح أن تعارضه إسرائيل بشدة.
وفي السياق، نقل تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين مصريين أن حماس أبلغت وسطاء بأنها مستعدة للتحدث عن إطلاق سراح نساء مدنيات وأطفال، مقابل وقف “معتبر” لإطلاق النار.
إطار اتفاق
ولعبت قطر وواشنطن دورا فعالا في التفاوض على هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أدت إلى إطلاق سراح أكثر من 100 أسير إسرائيلي، ونحو 240 أسيرا فلسطينيا.
وذكر متحدث باسم البيت الأبيض -أمس الثلاثاء- أن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط بريت مكجورك موجود في المنطقة للمرة الثانية خلال أسبوع، لإجراء مناقشات بشأن إطلاق سراح الأسرى، وأن واشنطن ستؤيد “هدنة إنسانية” أطول أمدا.
وقال مسؤول مطلع على المفاوضات إنه ابتداء من 28 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، أرسل مفاوضون قطريون إطار اتفاق جديدا إلى حماس وإسرائيل، وطلبوا من الجانبين الإشارة إلى ما هم على استعداد للموافقة عليه.
وقال المسؤول إنه عندما رد الجانبان في وقت سابق من الشهر الجاري، سعت حماس إلى هدنة تستمر أشهرا عدة، في حين أرادت إسرائيل إطلاق سراح جميع الرهائن خلال أسابيع.
وقال المسؤول إنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، تمكن وسطاء أميركيون وقطريون من تقريب الجانبين من الاتفاق على عملية مدتها 30 يوما، تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى، ودخول المزيد من المساعدات إلى غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
ورغم صعوبة تضييق الفجوة في المواقف، وصف أحد المصادر -وهو مطلع على المناقشات- المحادثات بأنها مكثفة، وقال إنه من الممكن التوصل إلى اتفاق “في أي لحظة”.
نتنياهو تحت ضغط
في المقابل، قالت 5 من المصادر لرويترز إن إسرائيل رفضت مناقشة أي نهاية للحرب لا تشمل “تصفية حركة حماس”.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي -في مؤتمر صحفي أمس- إن الجهود مستمرة لضمان إطلاق سراح الأسرى. وأضاف أن إسرائيل لن توافق على اتفاق لوقف إطلاق النار يُبقي على إدارة حماس للقطاع.
وبعد مرور ما يقرب من 4 شهور على عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1200 شخص، لم يتمكن الهجوم الإسرائيلي العنيف على غزة من القضاء على القيادة العليا لحماس أو قدرتها على القتال، على الرغم من تدمير جزء كبير من القطاع، واستشهاد أكثر من 25 ألف فلسطيني.
وأكد نتنياهو هذا الأسبوع أن “الانتصار الكامل” على حماس هو وحده الذي سيضع نهاية للحرب، لكن الضغوط عليه تتزايد من أجل التوصل إلى اتفاق، بما في ذلك ضغوط من أعضاء حكومة الحرب التي يترأسها، وأُسر حوالي 130 أسيرا ما زالوا محتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
وتكبد جيش الاحتلال الإسرائيلي الاثنين الماضي أعلى عدد أقرّ به من القتلى اليومي في هجومه على غزة بلغ 24 قتيلا، من بينهم 21 في هجوم بقذائف صاروخية في وسط غزة، و3 في أماكن أخرى.
جهود قطرية مستمرة
وأمس الثلاثاء، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن جهود الوساطة مستمرة في غزة، لكنه أكد أن التصعيد الذي يجري في القطاع يؤثر في هذه الجهود الرامية لإنهاء الأزمة.
وأضاف الأنصاري أن بلاده منخرطة في مفاوضات ومناقشات جدية بين طرفي الأزمة في غزة، لكنه أوضح أن الوضع هناك يتغير، مشيرا إلى أن انقطاع الاتصال، وعدم إيصال المساعدات للقطاع يؤثران في جهود الوساطة.
وتابع أن التحديات كبيرة لتسوية الأزمة في غزة، خاصة مع تصاعد وتيرة الحرب هناك، مؤكدا أن استمرار هذه الحرب لن يؤدي إلا لمزيد من الخسائر.
وفي المقابل، يرى نتنياهو أن قيام قطر بدور الوساطة في صفقة التبادل مع حركة حماس “يمثل إشكالية”.
ونقلت القناة 12 -عن تسجيل مسرّب لنتنياهو خلال لقائه عائلات الأسرى المحتجزين في غزة- أن قطر أكثر إشكالية من الأمم المتحدة والصليب الأحمر.
وأضاف أن لديه خيبة أمل في أن واشنطن لا تمارس المزيد من الضغوط على الدوحة، وأنها مدّدت وجودها في القاعدة العسكرية بقطر.
وأشار نتنياهو إلى أنه لم يشكر قطر علنا؛ لأنها لم تمارس المزيد من الضغوط على حركة حماس التي يعتقد أن الدوحة تمولها.