قال مصدر بوزارة الخارجية الفرنسية إن “الاعتراف الثنائي بين فرنسا وفلسطين لا يعد من المحرمات، كما ذكر رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، لكننا نرى أن الأمر يجب أن يكون أداة في خدمة السلام والحل الدائم لدولتين تعيشان جنبا إلى جنب وبضمانات أمنية”.
لكن المصدر ذاته، رفض -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أن يدلي بتعليق على ما أعلنته وزارة الخارجية الإسرائيلية بأنها ستستدعي سفراء الدول التي صوتت الخميس الماضي لصالح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، ومنها فرنسا، من أجل إجراء “محادثة احتجاجية”.
الموقف الفرنسي مثالا
وكان المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين، قال السبت إنه “سيجري استدعاء سفراء فرنسا واليابان وكوريا الجنوبية ومالطا وجمهورية سلوفاكيا والإكوادور غدا” من أجل عرض الموقف الرسمي للحكومة و”سيتم تقديم احتجاج قوي لهم”.
لكن المصدر بوزارة الخارجية الفرنسية أوضح موقف بلاده من التصويت على العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، وقال إن “فرنسا صوتت مثل أغلب الأعضاء، بما في ذلك الدول الأوروبية في مجلس الأمن، وإذا لم تكن فرنسا هي المبادرة، فإن تصويتها هو استمرار لموقفها الثابت في هذه القضية”.
وقدم المصدر ذاته وصفا تاريخيا لموقف فرنسا من عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، إذ سبق أن شجع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي عام 2011 على تمثيل فلسطين في الهيئات الدولية.
وفي عام 2012 دعم الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند حصول فلسطين على وضع مراقب في الأمم المتحدة، “لذلك فإن فرنسا تتصرف في الأمم المتحدة في هذه اللحظة تحديدا من خلال اقتراح مشروع قرار يتيح التقدم في حل الدولتين السياسي”، وفقا للمصدر.
رأي القانون
وللوقوف على المسوغات القانونية للخطوة الإسرائيلية باستدعاء هؤلاء السفراء، توجهت الجزيرة نت إلى المحامي الفلسطيني والخبير في القانون الدولي أنيس القاسم الذي رأى أنها “رسالة توبيخ لهذه الدول على موقفها”، و”لا يوجد سند قانوني وراء الخطوة الإسرائيلية، وتعد سابقة في العرف الدبلوماسي”.
وشدد خبير القانون الدولي على أن ذلك “يعد وقاحة إسرائيلية معهودة، لأن كل دولة تحدد سياستها إذا أرادت أن تتخذ موقفا معينا من موضوع ما في الساحة الدولية، ولا يجوز لدول أخرى أن تتدخل في ذلك، وبالتالي هذا التصرف الإسرائيلي ليست له سابقة دبلوماسية، ولكننا تعودنا أن تمد إسرائيل سلطتها وتفترض أن لها سلطة على الدول الأخرى”.
وأضاف المحامي الفلسطيني أن ميثاق الأمم المتحدة يكفل لكل دولة أن تحدد سياستها المستقلة طبقا لمصالحها الوطنية، وهذا الموقف الإسرائيلي افتئات على سيادة هذه الدول، وتسلط على سياساتها الخاصة، ويمكن لهذه الدول أن تتقدم قانونيا بمذكرات احتجاج ضد الإجراءات الإسرائيلية في حق سفراء هذه الدول.
الموقف السياسي
وعن الموقف السياسي من الخطوة الإسرائيلية، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر أحمد جميل عزم إن إسرائيل في بداية العدوان على غزة كان لديها استغراب من احتجاج العالم على الإبادة والقتل عندما كان الإعلام الدولي أو بعض المسؤولين الدوليين يتحدثون عن الجرائم الإسرائيلية أو عن العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
وأضاف جميل عزم -في تصريحات للجزيرة نت- أن الإسرائيليين يعتقدون أن من حقهم القتل كما يشاؤون، ومن حق إسرائيل أن تبيد كما تشاء، ومن حقها أن تحتل كما تشاء.
وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الضفة الغربية وقطاع غزة حسب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة هي جميعها محتلة، وبالتالي حق تقرير المصير مكفول لكل الدول والشعوب، ومن ثم فإن جميع أركان حصول الفلسطينيين على دولة متحققة، “لكن إسرائيل تريد الالتفاف على القانون بنوع من الترهيب وخلق صورة ذهنية بأن الدولة الفلسطينية أمر خاطئ وتريد أن تواجه ذلك”.
وختم تصريحاته بأن إسرائيل -في المقابل- بدأت تشعر بأن الرأي العام الدولي وبعض الدول الأساسية في العالم -مثل إسبانيا وغيرها- بدأت تتجه نحو الاعتراف الواضح بالدولة الفلسطينية.