قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن جيش الاحتلال لم يقتحم مجمع الشفاء الطبي بناء على معلومات وإنما بناء على أهداف، في حين قال الخبير في الشأن الفلسطيني إيهاب جبارين إن القوات الإسرائيلية لا تقدم أبدا على اقتحام مكان بداخله مقاتلون.
وخلال الوقفة التحليلية “غزة.. ماذا بعد؟”، التي تقدمها الجزيرة، قال الدويري إن إسرائيل منحت مجمع الشفاء بعدا رمزيا حتى تحقق نصرا في حرب لم تحقق فيها أي نصر فعلي منذ 40 يوما.
ولفت الخبير العسكري إلى أن الأمر وصل إلى حد تشبيه معركة المستشفى بمعركة مطار بغداد عام 2003، في إشارة إلى أن سقوط “الشفاء” يعني سقوط قطاع غزة، وهو أمر غير صحيح بالمرة لأن هذا المجمع ليس غزة ومدينة غزة نفسها ليست القطاع، حسب قوله.
وبالتالي، فإن كل ما سوف يقدمه الاحتلال من روايات مفبركة عما وجده داخل المجمع لن ينطلي على أحد، بما في ذلك الرواية الأخلاقية التي يحاولون الترويج لها بالحديث عن اصطحاب حليب وحضانات للخدج لأن هؤلاء كانوا بحاجة للوقود وليس للحضانات، كما يقول الدويري.
وفيما يتعلق بعدم تقديم الاحتلال دليلا عن وجود قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) داخل المستشفى بعد مرور يوم كامل تقريبا على اقتحامه، قال جبارين إن الهدف الأساسي من الاقتحام كان تأكيد مقولة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه لا مكان في غزة بعيد على إسرائيل.
لا نتائج عسكرية حتى الآن
أما عن النتائج، فإن هناك خيبة أمل داخل إسرائيل نفسها من النتائج التي تحققت خلال 40 يوما من الحرب، لأنها مدنية بحتة وليس فيها هدف عسكري واحد، حسب جبارين.
إلى جانب ذلك -يضيف الخبير في الشأن الإسرائيلي- فإن إسرائيل لا تقدم أبدا على اقتحام مكان داخله مقاتلون، لأنها تبتعد تماما عن الاشتباكات المباشرة، بدليل أنها قصفت مقر الشرطة في سديروت عندما سيطر عليه مقاتلو المقاومة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولم تقتحمه رغم أنها تمتلك كل خرائطه.
وفيما يتعلق بسلوك الاحتلال الذي يفضي لموت الجرحى والأطفال، قال الدويري إن جيش الاحتلال يتحرك في كل هذه الجرائم من منطلق عقائدي، لأن كل مجند له حاخام يخبره بأن كل طفل فلسطيني هو مقاتل في المستقبل وبالتالي يجب قتله.
ولو لم يكن الأمر كذلك، لكان كافيا إرسال قوة من ضابط برتبة ملازم و30 جنديا لدخول المستشفى، لكنه دخل ودمر حتى الأجهزة والأدوية من منطلق عقائدي، كما يقول الدويري.
وحتى من الناحية العسكرية، فإن إسرائيل لم تقدم دليلا موثقا على تحقيق نصر ولو صغير ضد حماس، وفق الدويري، الذي أكد أن دخول غزة لا يعني السيطرة عليها وإنما يعني دخول منطقة الاشتباك.
واعتبر الخبير العسكري دخول عمق القطاع بالدبابات والجرافات أمرا عاديا بالنظر إلى فارق القوة في المعدات بين إسرائيل والمقاومة، لكنه في الوقت نفسه أكد أن السيطرة على الأرض لا تزال بعيدة.
وبناء على ذلك كله، فإن ما يجري برأي الدويري وجبارين، ليس إلا محاولة لافتعال مسرح مزيف وتحميل مسؤوليته لحماس.
واستند جبارين في هذا الحديث على إجبار جيش الاحتلال الصحفيين الأجانب والإسرائيليين على توقيع تعهد بعدم نشر أي خبر دون المرور على الرقابة العسكرية التي يحق لها إجراء أي تعديلات تراها على الخبر.
ويعكس هذا السلوك -برأي جبارين- فشل وركاكة الدعاية الإسرائيلية، لكنه أيضا يؤكد أنها تتحرك من منطلق أنها تمتلك الحقيقة وحدها دون غيرها، وأن على العالم كله الاستماع لما تقول.
ومع ذلك، فإن الدويري يرى أن ثمة تراجع في الدعم الأميركي والغربي عموما بشأن الرواية الإسرائيلية، لأن هذه الدول عندما استيقظت على ما حدث في عملية طوفان الأقصى شعرت كأن إسرائيل على وشك الزوال، وهو ما أصابها بالارتباك كما حدث في إسرائيل نفسها.
هذا الارتباك -برأي الخبير العسكري- هو ما دفع واشنطن والغرب لتبني الروايات والمقاربات الإسرائيلية كما هي وفي كل شيء من أجل تثبيت أركانها.
لكن طول أمد الحرب دفع هذه الدول للتراجع واكتشاف حقيقة أنها تجاوزت الحدود في مسألة المظلومية الإسرائيلية، خصوصا أنها لا تقدم أي دليل على ما تقول، وهو ما أدى لظهور تضارب في التصريحات الأميركية المتعلقة بالحرب خلال الأيام الأخيرة حسب قوله.