يقول خبراء إن عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل في لبنان تشي باختراق خطير جدا، وإن على حزب الله الدخول للمواجهة الشاملة، لأن الاجتياح البري قادم لا محالة، فضلا عن أن تل أبيب لن تتراجع عن حالة العنجهية التي تعيشها حاليا إلا عندما تدفع أثمانا باهظة.
وقال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن عمليات الاغتيال التي وصلت إلى أمين عام حزب الله حسن نصر الله، تؤكد وجود اختراق أمني كبير جدا، لأن إسرائيل “لا يمكنها الوصول إلى هذا الكم من المعلومات من دون مساعدة أجهزة استخبارات عالمية تزودها بمعلومات تعزز بنك أهدافها”.
وأضاف الدويري أن عمليات الاغتيال “كبيرة ومتكررة مما يعني أن لدى إسرائيل كما هائلا جدا من المعلومات التي لا يمكنها الحصول عليها بشكل منفرد”، مؤكدا أن رد حزب الله على هذه العمليات حتى الآن “لم يرق إلى مستوى ما تقوم به إسرائيل من ضربات، رغم اتساع الرشقات الصاروخية من حيث العدد والعمق”.
“موقف حزب الله غريب”
واستغرب الخبير العسكري أن تصل صواريخ جماعة أنصار الله (الحوثيين) من اليمن إلى تل أبيب، بينما صواريخ حزب الله لا تصل “بعد كل ما جرى”، مؤكدا أن ما فعلته إسرائيل يلزم الحزب بالخروج من دائرة التردد والتحفظ والاحتواء إلى دائرة النشاط، لأن المعركة البرية قادمة لا محالة.
وقال إن مرحلة الاحتواء التي يعيشها الحزب هي مرحلة خسارة بالنسبة له، لأن قدرات إسرائيل الجوية تفوق قدراته الصاروخية بآلاف المرات، خصوصا أنه لم يستخدم صواريخه الموجهة والدقيقة حتى اللحظة.
وأضاف: “عندما تم قصف مقر القيادة المركزية في بيروت كنت أتوقع هجوما صاروخيا واسعا يوقف القواعد والمطارات العسكرية الإسرائيلية ولو مؤقتا، لكن هذا لم يحدث”.
وعن تأثير اغتيال نصر الله على قرارات الحزب، قال الدويري إن هذه الجماعات “لديها دائما سيناريوهات وتعليمات للعمل في حال فقدان القيادة العليا لها، ولو كانت هذه التعليمات موجودة لقام كل قائد بدوره في مكانه”.
وعن توسيع إسرائيل هجماتها من جنوب بيروت إلى شمالها، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إن هذا الأمر ربما يكون محاولة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لخلق تعقيدات سياسية وعسكرية لأي شخص سيخلفه في المنصب، وربما تكون محاولة لاستغلال هذه التعقيدات عند الجلوس على طاولة المفاوضات.
وقال جبارين إن الجلوس لطاولة المفاوضات لن يكون إلا عندما تنكسر حالة العنجهية التي تعيشها إسرائيل حاليا، مشيرا إلى أن هذا “لن يحدث إلا عندما يبدأ الإسرائيليون دفع أثمان باهظة فعليا”.
وأشار جبارين إلى أن نتنياهو يعيش بين ضغط تحالفه الحكومي اليميني -الذي يعتقد أنه يعيش ملحمة تلمودية- وبين الخصوم السياسيين الذين ينظرون للأمور من ناحية التداعيات الأمنية الواسعة على إسرائيل.
إسرائيل لن تتراجع
وعن طبيعة هذه الأثمان التي يمكنها دفع إسرائيل إلى التفكير في ما تقوم به، قال جبارين إن تل أبيب تنظر لعشرات آلاف النازحين من شمال إسرائيل على أنها أضرار جانبية بالنظر إلى مكاسب من نوعية اغتيال نصر الله الذي تذهب التقديرات إلى أنه أدى لمقتل 300 آخرين.
ولفت جبارين إلى أن المواطن الإسرائيلي -حتى الذي غادر بيته بسبب الحرب- مستعد لتحمل هذا الوضع لبضعة شهور أخرى ما دام أنه يرى هذه الصورة للنصر التي يصدرها له نتنياهو من خلال سلسلة الاغتيالات المتواصلة.
وقال إن الثمن الباهظ يتعلق بالفاتورة البشرية التي يمكن لإسرائيل تحملها ومدى قدرة الإسرائيليين على تحمل الدخول للملاجئ يوميا، مشيرا إلى أن التراجع الإسرائيلي مرهون بالتحول في هذين الأمرين.