يقول خبراء إن إعلان إسرائيل عن توسيع العملية العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة يدل على التخبط وعدم معرفة الأهداف المراد تحقيقها من هذه الحرب، وإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيصل إلى طريق مسدود مهما فعل.
ووفق الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور محمود يزبك، فإن إسرائيل لا تملك أهدافا واضحة لتحقيقها بعدما فشلت في تحقيق الأهداف الرئيسية التي أعلنت عنها في أول الحرب.
وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال يزبك إن رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) تحدث عن ضرورة وضع أهداف محددة للحرب لكن نتنياهو أمر بعدم فتح أي نقاش في هذا الموضوع مستقبلا.
عدم وضوح للرؤية
ويعكس هذا السلوك مدى عدم وضوح الرؤية الذي يعانيه نتنياهو واعتماده فقط على دعم اليمين المتطرف الذي يضمن له بقاء حكومته، رغم فقدان الثقة فيها، كما يقول يزبك.
الرأي نفسه ذهب إليه الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات السياسية الدكتور لقاء مكي بقوله إن واحدة من أبرز مشكلات حرب إسرائيل أنها بدون أهداف سياسية واضحة، مشيرا إلى أن أحد أبرز انتقادات الولايات المتحدة لنتنياهو هو عدم وجود هدف واضح للحرب ولما بعدها.
وحتى تدمير غزة لا يمكن أن يكون هدفا في حد ذاته، وفق مكي الذي أشار إلى أن الأهداف الإستراتيجية هي التي تحدد تكتيكات الحرب وطبيعة المفاوضات.
ويرى مكي أيضا أن الحديث عن تدمير حركة المقاومة الإسلامية حماس ليس هدفا إستراتيجيا وإنما هو ردة فعل على الإهانة التي لحقت بإسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فضلا عن أنه غير قابل للتحقيق.
بالتالي، فإن غياب الإستراتيجية يعني أن نتنياهو سيصل إلى طريق مسدود مهما فعل لأنه يدمر القطاع وفي الوقت نفسه يدمر هيبة الجيش الإسرائيلي الذي اعتمد عقودا على القوة المهيمنة، على حد قول مكي.
الفشل هو سبب التخبط
على العكس من ذلك، يرى الخبير العسكري العميد إلياس حنا أن نتنياهو له أهداف إستراتيجية واضحة حددها في أول المعركة وهي تدمير المقاومة واستعادة الأسرى، لكنه فشل في تحقيقها عسكريا وهذا هو سبب التخبط الحاصل حاليا.
لذلك، فإن إسرائيل حاليا تواجه تخبطا عسكريا ليس لأنها تحارب دون أهداف وإنما لأن الميدان كشف حقيقة أن الأهداف السياسية يصعب تحقيقها عبر القتال، برأي حنا، الذي يعتقد أن الأمور وصلت إلى مرحلة القشة التي قد تقصم ظهر البعير، وفق تعبيره.
وتكمن أزمة إسرائيل حاليا في أنها تقاتل عدوا شبحيا يتراجع عندما تهاجمه ويظهر في مكان آخر ليضربها على حين غرة، كما يقول حنا، مشيرا إلى أن المقاومة نجحت في جلب الجيش الإسرائيلي إلى إستراتيجيتها القائمة على القتال اللامتناظر ونجحت في خوض هذا النوع من المعارك.
ومن هنا، فإن نتنياهو يوسع العمل العسكري لتحقيق نفس الأهداف السياسية التي وضعها أول الحرب لأنه يعتقد أن قادة حماس والأسرى يتواجدون في رفح، فضلا عن أنه يريد السيطرة على معبر رفح حتى لا يترك فرصة لحماس للتمركز في المدينة والتأقلم مع الواقع الجديد ومواصلة القتال، برأي الخبير العسكري.
الخوف من التحقيق
لكن المشكلة التي سيواجهها نتنياهو وجيشه في رفح -حسب حنا- هي أنه حتى مع السيطرة على رفح “فإنه لن يقضي على حماس وإنما سيغير طبيعتها القتالية لأنها تتغير بتغير ظروف المعركة وتعتمد على استنزاف الخصم”.
وعن الموقف الشعبي من توسيع العمليات في رفح يقول يزبك إنه لا أحد في إسرائيل يتوقع نجاح الجيش في تحقيق الأهداف التي يتحدث عنها سوى اليمين المتطرف الذي يتعامل وكأن النصر ماثل بين يديه بينما المجتمع تخلى كليا عن الأسرى وذويهم بعدما نجح نتنياهو في تقسيم الشارع وتأليب المجتمع على هذه العائلات.
إلى جانب ذلك، يقول مكي إن نتنياهو يعرف أن وقف القتال لا يعني فقط التحقيق فيما جرى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وإنما أيضا فيما جرى خلال الحرب خصوصا وأن هناك تسريبات أميركية عن ارتكاب جرائم حرب مما يعني أنه سيسجن في نهاية الأمر، حسب قوله.
ويرى مكي أن الجيش أيضا لا يريد وقف الحرب “لأنه فشل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ثم استخدم قوته النارية الكبيرة بشكل لا أخلاقي ولم يتمكن من استعادة الأسرى ولا تدمير حماس فضلا عن خسارة هيبته الإستراتيجية”.
ولهذه الأسباب، يعتقد مكي أن الجيش الإسرائيلي “يريد مواصلة القتال لعله يحقق إنجازا ما في رفح أو لعل الأمور تصل إلى هدنة لا تتضمن وقف الحرب بشكل نهائي”.
وتعليقا على أوامر الإخلاء التي يصدرها الجيش الإسرائيلي لسكان رفح، قال حنا إنها “محاولة لتخفيف الضغط الأميركي بشأن حماية المدنيين”، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الاحتلال يستخدم قنابل ليست ذكية بشكل كبير وهو ما يوقع خسائر في صفوف المدنيين.