تمكنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- إعادة بناء نفسها بشكل كبير بعد عام من الحرب، وهو ما دفع جيش الاحتلال إلى شن عمليات جديدة شمال قطاع غزة لمنع المقاومة من استعادة سيطرتها وأيضا لمواصلة تهجير من تبقى، كما أكد الخبيران العسكريان اللواء فايز الدويري والعميد إلياس حنا.
وأصدرت قوات الاحتلال أوامر إخلاء جديدة في بيت لاهيا وجباليا التي لا تزال القسام توجه ضربات للقوات الموجودة فيها وتوقعها في كمائن ومنازل مفخخة، حسب الدويري.
ومع الذكرى الأولى لعملية طوفان الأقصى، أعلنت القسام قصف تل أبيب برشقة من الصواريخ في قصف هو الأول منذ 13 أغسطس/آب الماضي.
ورغم تعرض القسام لخسائر كبيرة دفعتها لتقليص 12 كتيبة كانت في الشمال إلى 8 كتائب بعد المرحلة الثانية من العملية البرية الإسرائيلية -أي أنها خسرت ثلث قوتها- فإنها أعادت تشكيل هذه القوات في 12 كتيبة مرة أخرى، وهو ما يؤكد نجاحها في تجنيد مقاتلين جدد، برأي الدويري.
وفيما يتعلق بتوفير الذخائر، قال الدويري إن المقاومة لا يوجد أمامها في ظل الحصار الخانق إلا الاعتماد على الهندسة العكسية لإعادة استخدام مخلفات الحرب الإسرائيلية التي لم تنفجر والتي تقدر بنحو 7 آلاف كيلوغرام.
ويرى الخبير العسكري أن هدف العمليات التي تشنها إسرائيل في الشمال هو مواصلة تهجير السكان وإنشاء منطقة عازلة بدليل أن هناك خطط استيطان تم نشرها في هذه المنطقة.
حماس تعايشت مع الحرب
ومع ذلك، يقول الدويري إن إسرائيل فشلت في القضاء على حماس بعد عام كامل من الحرب بدليل أن الأخيرة لا تزال تطلق الصواريخ وتستهدف القوات والآليات في مختلف مناطق القطاع حتى اليوم.
واتفق العميد إلياس حنا مع الحديث السابق، وقال إن القسام يمكنها إعادة استخدام القنابل الإسرائيلية التي لم تنفجر بسهولة لأنها لا تتطلب علما ولا إمكانيات كبيرة، حسب قوله.
وأشار إلى أن العمليات الإسرائيلية في الشمال تهدف أيضا إلى جانب التهجير، إرباك قوات القسام ومنعها من استعادة تماسكها والسيطرة على الأرض خصوصا بعد سحب جزء كبير من القوات ونقلها لجبهة لبنان مما منح مقاتلي المقاومة أريحية كبرى في التحرك.
وإلى جانب ذلك، تريد إسرائيل من خلال عمليات الشمال إلى جمع مزيد من المعلومات أيضا عن تحركات المقاومة وقدراتها.
وقال حنا إن لدى حماس منظومة أسلحة تعطيها قدرة تكتيكية على مواجهة جيش الاحتلال بعد دراسته لعام كامل من الحرب، وهو ما تمكن رؤيته في تعرض إسرائيل لأكبر عملية استهداف لآلياتها في تاريخها.
وأشار الخبير العسكري إلى أن غزة صمدت في هذه الحرب لأن عمقها الإستراتيجي عمودي وليس أفقيا كما هي الحال في لبنان، وقال إن هذا العمق يتمثل بشكل أساسي في الأنفاق وقذائف شواظ والياسين التي أصبحت أسلحة تكتيكية في المعركة.
كما إن القسام -برأي حنا- نجحت في التأقلم مع المعركة وأعادت ترتيب نفسها وتطوير أسلحتها بكثير من الابتكار وهو ما يتضح في عمليات المواجهة الأخيرة ومنها استخدام صاروخ “المقادمة” الذي يتطلب عملا لوجيستيا وتصنيعيا كبيرا.
وخلص حنا إلى أن الاحتلال لن يكون أمامه إلا مواصلة شن عمليات متقطعة في القطاع لمنع القسام من استعادة تنظيمها بشكل كامل ولتوفير قدرة على دخول غزة مستقبلا دون عوائق، بينما المقاومة ستواصل الاعتماد على الاستنزاف والاقتصاد في استخدام القوة وتحقيق الانتصار بعدم الهزيمة.