أكد المستشار العسكري الفرنسي المتخصص في الأزمات الدولية ستيفان أودغان أن نجاح الهجوم الأوكراني المضاد من عدمه يتحدد بناء على عدة معايير مرتبطة أساسا بتكلفته بالنسبة للطرفين معا، ولا يرتبط فقط بالسيطرة على الأراضي.
وأضاف في حوار له مع مجلة لوبس (L’Obs) الفرنسية بأن القوات الأوكرانية إن نجحت بنهاية الصيف في تكبيد القوات الروسية خسائر فادحة مع حلول الخريف، فإن الهجوم الأوكراني المضاد يكون قد نجح، حتى وإن لم تسيطر قوات كييف على أراض جديدة.
وأوضح أودغان -وهو أيضا ضابط احتياط- بأن الهدف الأوكراني الأبرز هو الرجوع إلى حدود ما قبل 2014، لكن إن حدث هذا وتركت القوات مشتتة بتلك الأراضي فكأن شيئا لم يتحقق، إذ ستبقى تلك القوات في وضع هش عرضة للهجوم.
لذلك فإن التحدي أمام أوكرانيا واضح وهو استرجاع الأرض، لكن مع منع الروس من العودة إليها، ثم تمكين باقي الدولة من استئناف حياة السكان العادية كما في السابق.
عودة ترامب
أما بالنسبة للروس -يشرح أودغان- فهم يعولون على تراخي الدعم الغربي لأوكرانيا مع إطالة أمد الحرب، كما يعولون على إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية في انتخابات العام القادم.
وأوضح الخبير أن الأوكرانيين يتلقون دعما غربيا كبيرا على مستوى الأسلحة وأجهزة الاتصال والمراقبة تمكنهم من مهاجمة الروس ليلا ونهارا، وعدم ترك القوات الروسية مستقرة في الأماكن التي سيطرت عليها.
علما أن روسيا تسيطر على الأجواء، ما يزيد من تعقيد هجمات الأوكرانيين ويحرمهم من مبادرات هجومية عديدة، فهم يعلمون أن عليهم التحرك بسرعة في تنفيذ الهجوم المضاد، لكن شريطة أن لا يتكبدوا خسائر كبيرة.
وما يزيد من حدة الموقف، هو أن الروس ينظمون دفاعاتهم في العمق، إذ يجعلون فرقا صغيرة تتمركز في المقدمة لتحافظ على الأرض المسيطر عليها، وتكشف أي اختراق أوكراني، وقد تضطر تلك الفرق الصغيرة للتراجع التكتيكي في حال تعرضت المناطق التي توجد بها لهجمات مكثفة قوية.
فيما يعلن الروس وقتها أن قواتهم انسحبت أصلا من أماكن غير خاضعة لأي سلطة.
نقطة ضعف كبيرة
وبحسب المستشار العسكري فإن أكبر نقطة ضعف بالنسبة للقوات الروسية هي طول الحدود، إذ عليها الدفاع عن 1200 كيلومتر، بنحو 200 ألف جندي وضابط. علما أن القوات الأوكرانية تهاجم حاليا في مناطق شاسعة، بعشرات الكتائب، مسلحة بأسلحة غربية حديثة.
وقد أكدت لوتون (Le Temps) السويسرية من جهتها في تقرير لها أن من أهم التحديات أمام الجيش الأوكراني عدم الفقدان السريع والسهل للأسلحة العسكرية الغربية، والتي تحرص القوات الروسية من جهتها على استهدافها للتأثير نفسيا على خصمها، ما يضع حلفاء كييف تحت الضغط.
وقد نشرت وزارة الدفاع الروسية مقاطع فيديو لدبابات غربية دمرتها أو سيطرت عليها، توصلت بها أوكرانيا مؤخرا.
وبحسب تقرير لوتون، فإن القوات الأوكرانية فقدت أربع دبابات ليوبارد الألمانية، ومدرعتين فرنسيتين، ونحو 70 مدرعة قتال ميداني غربية المصدر.
ونقلت لوتون عن المسؤول بمركز السياسة والأمن بجنيف جون مارك ريكلي قوله إن الخسائر الحالية طبيعية بالنظر إلى أن أوكرانيا هي الآن تبادر بتنفيذ هجمات مضادة، فيما القوات الروسية مكتفية بالدفاع، وكان أمامها الوقت للتجهز لرد هجمات خصمها.
وأوضح بأن الهجوم مرتبط بوقوع خسائر، وروسيا خسرت منذ بدئها الحرب وحتى الآن أكثر من 10 آلاف عربة عسكرية، بينها 2027 دبابة، وفق التقرير نفسه.