تفاعل التونسيون مع خبر إنهاء الرئيس التونسي قيس سيعد مهام رئيسة الحكومة نجلاء بودن وتعيين أحمد الحشاني خلفا لها في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء، واعتبر عدد منهم أن بودن كانت مسؤولة “صامتة” ومن المؤسف أن تنتهي حقبة أول رئيسة حكومة تونسية بهذا الشكل، في حين انتقد آخرون طريقة الإعفاء والتعيين.
وجاء في مقطع فيديو وبيان نشرتهما الرئاسة أن سعيّد “قرر (..) إنهاء مهام السيدة نجلاء بودن رمضان”.
ولم توضح الرئاسة التونسية سبب إقالة بودن، التي كانت أول امرأة تقود حكومة في تونس، لكن عددا من وسائل الإعلام المحلية أشارت إلى استياء سعيد من نقص في عدد من المواد، لا سيما نقص الخبز في المخابز المدعومة من الدولة.
واستغرب عدد من التونسيين من إصدار قرار إنهاء المهام في وقت متأخر، وتساءل عدد منهم عن السبب، في حين سخر آخرون من الأمر معتبرين أن الذين أخذوا قيلولة هم فقط الذين اطلعوا على بيان الرئاسة.
وفي الوقت الذي أثنى فيه مناصرو الرئيس على أداء السيدة بودن واعتبروا أنها تولت منصبها في ظروف مهمة ونجحت في “الانتقال للجمهورية الجديدة”، انتقد آخرون أداءها “الباهت” ووصفوها برئيسة الوزراء الصامتة.
وفي هذا السياق قالت النائبة بالبرلمان التونسي الحالي فاطمة المسدي إن “رئيسة الحكومة نجلاء بودن نجحت في الانتقال إلى الجمهورية الجديدة بمحطاتها الانتخابية ونجحت في إعادة الأمن لتونس ولكنها فشلت اقتصاديا، فكان خيار الرئيس في هذه المرحلة أن يكون رئيس الحكومة الجديد رجل اقتصاد”، وأكدت أن تونس في انتظار النجاح الاقتصادي.
مناصرة وانتقاد
وعن مناصرة قرارات الرئيس والثناء على قرار إنهاء مهام بودن، قال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي (معارض) إن “أبواق التزييف” ستعتبر هذه الخطوة إنجازا، وستلقي باللوم على رئيسة الحكومة المقالة وتعتبر أنها خانت الأمانة وعطلت الإصلاحات التي يريدها الرئيس.
وبيّن الحاجي أن هذه الأصوات الموالية لسعيد التي تبرر دوما لقرارته ستؤكد أن أحمد الحشاني شخصية اقتصادية عالية الكفاءة، وأن الإصلاحات المهمة ستبدأ من اليوم، وأن توقيت التعيين غير مهم فالرئيس يربط الليل بالنهار، كما أنها ستؤكد أن هذ التعيين تم بعد تمحص كبير.
وطالب الحاجي عددا من الوجوه السياسية المعروفة بمناصرتها للرئيس من المطالبين بحكومة سياسية بإبداء رأيهم في قرار الإعفاء وأمر التعيين.
وانتقدت عدة أصوات أداء بودن، حيث اعتبر الصحفي والناشط الحقوقي الفاهم بوكدوس أنه لا اختلاف بشأن ما وصفها بالحصيلة الكارثية لحكومتها التجمعية (نسبة لحزب لتجمع الدستوري الديمقراطي المنحل) اليمينية.
كما انتقد بوكدوس الأداء الفردي لبودن، وقال إن التونسيين “لن ينسوا تبادلها للابتسامات البلهاء وبعض الجمل مع ممثل إسرائيل في مؤتمر المناخ بمصر”.
وتابع القول “كما لا يمكن أن نغفل لها مقاضاتها للصحفي نزار بهلول على خلفية مقال صحفي لتفتتح بذلك مسار توظيف المرسوم 54 لترهيب الصحفيين والمدونين والسياسيين والنقابيين والنشطاء، وهي الرسالة الخطأ التي تلقفها عدد من وزراءها لتصفية حسابات مخزية مع عدد من مخالفيهم في الرأي”.
أما الصحفية شهرزاد عكاشة، فاعتبرت أنه لا يهم من يكون رئيس الحكومة في تونس -في إشارة إلى استئثار الرئيس بكل السلطات- وقالت: “بودن.. حشاني.. لا يهم لا يستقيم الظل والعود أعوج”.
أداء وتقييم
من جهتها قالت الصحفية منية العرفاوي: “إن نجلاء بودن، لم تقل في عامي حكم ولو جملة واحدة. وداعا أيتها السيدة الوديعة، دخلت التاريخ من أوسع أبواب الحكم وخرجت من كوّة صغيرة جدا”، وأضافت “من المؤسف حقا ان يتم تداول اسمك كأول تونسية تتقلد منصب رئيسة حكومة.. لكنها لعبة الأقدار”.
أما الصحفي علاء زعتور فقال: “دخلت القصبة (مقر رئاسة الحكومة) صامتة، وخرجت منها صامتة.. ثم حلّ مكانها شخص لا يعرفه أحد، مثلها تماما.. وتلك من قواعد الصعود الشاهق في إفريقية”.
وكان سعيد قد عين نجلاء بودن رمضان رئيسة للوزراء قبل نحو عامين بعدما أقال رئيس الوزراء هشام المشيشي وسيطر على جميع السلطات تقريبا في يوليو/تموز 2021، وحل البرلمان في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب.
لكن حكومة نجلاء بودن عجزت عن إصلاح الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وسط مخاوف من أن تونس لن تكون قادرة على سداد ديونها الخارجية بسبب أزمة مالية حادة أدت إلى نقص العديد من السلع مثل الخبز والسكر والأرز والبن.
ودعمت حكومة بودن برنامجا للإصلاح الاقتصادي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لكن سعيد رفض أي إصلاحات من شأنها أن تشمل خفض دعم الغذاء والطاقة، قائلا إن القيام بذلك قد يتسبب في توترات اجتماعية حادة.
خبر واهتمام
وحظي خبر تعيين الحشاني الذي كان يشغل منصب المدير العام للموارد البشرية في البنك المركزي التونسي، باهتمام التونسيين، خاصة أنه يأتي في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة في البلاد.
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي معلومات عن رئيس الحكومة الجديد ومقتطفات من سيرته الذاتية، في حين أعاد آخرون نشر تدوينات سابقة بصفحته على موقع فيسبوك وعلقوا عليها.
وكان الحشاني يعمل في البنك المركزي التونسي ودرس في كلّية الحقوق بجامعة تونس حيث كان سعيّد مدرّسا، حسبما قال رئيس الحكومة الجديد في صفحته بموقع فيسبوك.
وعلى الفور، أدّى رئيس الحكومة الجديد، غير المعروف لدى عامة الناس، اليمين الدستورية أمام سعيّد، حسبما أظهر مقطع الفيديو الذي نشرته الرئاسة.
وقال سعيد للحشاني بعدما أدى اليمين الدستورية أمامه “هناك تحديات كبيرة لا بد أن نرفعها… للحفاظ على وطننا وعلى دولتنا وعلى السلم الأهلية”.
وأضاف “سنعمل على تحقيق إرادة شعبنا والعدل المنشود… وتحقيق الكرامة الوطنية ولن نعود للوراء”.