وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على حزمة مساعدات تزيد على 50 مليار يورو لأوكرانيا بالإجماع، في قمة استثنائية عقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل أمس الخميس، بعد محاولات جرت في الساعات الأخيرة لإقناع المجر التي تمنّعت عن الموافقة سابقا.
وحسب الاتفاق المبرم، فإن المساعدات الأوروبية المخصصة لأوكرانيا (33 مليار دولار في هيئة قروض و17 مليار دولار في هيئة تبرعات) ستدفع على 4 سنوات، ومدرجة في ملحق لميزانية الاتحاد الأوروبي حتى عام 2027.
واجتمع الزعماء الأوروبيون في بروكسل في قمة استثنائية لكسر الجمود، بسبب معارضة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الوحيد بين القادة الـ27 الذي حافظ على علاقات مع موسكو.
وتنص التسوية التي توصل إليها القادة الأوروبيون على أن تعد المفوضية الأوروبية تقريرا سنويا حول استخدام أوكرانيا للتمويلات، وإمكانية قيام القادة خلال عامين، إذا لزم الأمر وبالإجماع، بطلب مراجعة المساعدة.
وطالبت المجر بأن تكون قادرة على إجراء مراجعة سنوية لهذا الدعم، لكن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لم ترغب في منحها مثل هذه الفرص المتكررة لاستخدام حق النقض.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسي أوروبي -طلب عدم الكشف عن هويته- قوله إن أوربان “تنازل (…) لقد رأى أن هناك انزعاجا، وأن هناك حدا لا ينبغي تجاوزه”.
معارضة مجرية
وكان الزعيم المجري، وهو الوحيد من بين قادة دول الاتحاد الذي احتفظ بالعلاقات مع روسيا، قد أثار غضب وسخط نظرائه المجتمعين في ديسمبر/كانون الأول الماضي بمعارضة هذا الدعم المالي.
وقد اتُهم في بروكسل بابتزاز الاتحاد الأوروبي من أجل تأمين صرف تمويلات أوروبية مخصصة لبلاده جمدتها المفوضية الأوروبية على خلفية انتهاكات قانونية داخلية ارتكبتها بودابست.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي أفرجت المفوضية عن حوالي 10 مليارات يورو مبررة ذلك بتنفيذ المجر إصلاحات لتعزيز استقلال قضاتها. لكن أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الأوروبية لا تزال مجمدة، بسبب مخاوف بروكسل المتعلقة، خصوصا باحترام حقوق الشواذ جنسيا، والحرية الأكاديمية والحق في اللجوء إلى المجر. والقسم الأكبر من الأموال مخصص لخطة التعافي بعد كوفيد.
ويتهم أوربان بانتظام المفوضية بأن لديها دوافع سياسية، ويؤكد نص التسوية الذي تم التوصل إليه -الخميس- على الطبيعة “الموضوعية والعادلة والمحايدة” لأي قرار للاتحاد الأوروبي بشأن هذه الأموال.
رسالة لواشنطن
ورحب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي -في خطاب موجه لقادة الاتحاد- بالمساعدات، معتبرا بلاده على خطى الانضمام إلى التكتل الأوروبي بعد حصولها العام الماضي على صفة مرشح عضوي.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “روسيا لا يمكنها أن تراهن على أي تخاذل أوروبي في دعم أوكرانيا”. وعلقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالقول إنها “رسالة قوية” إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وهي أيضا رسالة إلى الولايات المتحدة حيث لا تزال مساعدة مالية جديدة لأوكرانيا عالقة في الكونغرس. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس “آمل أن يساعد (ذلك) في تسهيل الأمور” حتى يتمكن الرئيس الأميركي جو بايدن من المضي قدما في خطته لمساعدة هذا البلد الذي يخوض حربا.
وتحتاج كييف بشدة إلى المساعدة الغربية لدعم اقتصادها بعد عامين تقريبا من الحرب الروسية على البلاد.
تطورات ميدانية
من جهة أخرى، قال حاكم منطقة خيرسون الأوكرانية أولكسندر بروكودين ومسؤولون آخرون إن هجوما روسيا أسفر عن مقتل متطوعين فرنسيين اثنين وإصابة 3 أجانب آخرين الخميس على بلدة بيريسلاف الواقعة جنوب أوكرانيا.
وقال ممثلو الادعاء العام في خيرسون إن القوات الروسية شنت هجوما كبيرا بالطائرات المسيرة في المنطقة، وذكرت الشرطة أن مواطنا أوكرانيا أُصيب.
وفي سياق آخر، قال محققون روس -أمس الخميس- إن لديهم أدلة تثبت أن الجيش الأوكراني أسقط طائرة نقل عسكرية روسية من طراز “إليوشن إيل-76” في 24 يناير/كانون الثاني الماضي باثنين من صواريخ باتريوت أرض-جو أميركية الصنع.
واتهمت روسيا أوكرانيا عدة مرات بإسقاط الطائرة، وتقول إن ذلك أسفر عن مقتل 74 شخصا كانوا على متنها، من بينهم 65 أسيرا أوكرانيا كانوا في طريقهم لمبادلتهم بأسرى حرب روس.
ونشر المحققون لقطات لأشلاء قالوا إنها تثبت أن من كانوا على متن الطائرة جنود أوكرانيون، ولم تؤكد كييف، ولم تنف إسقاط الطائرة، لكنها شككت في تفاصيل رواية موسكو، ودعت إلى إجراء تحقيق دولي.