تشهد أفريقيا حراكا شعبيا ودبلوماسيا مناصرا لفلسطين بالتوازي مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أدى حتى الآن لسقوط أزيد من 10500 شهيد معظمهم من النساء والأطفال.
فعلى المستوى الرسمي الداعم لفلسطين، تبلور الموقف الأكثر تقدما لدولة جنوب أفريقيا، مع مرور أكثر من شهر على العدوان الإسرائيلي على القطاع.
وقد أعلنت وزارة الخارجية استدعاء بعثتها الدبلوماسية لدى إسرائيل “لتقييم العلاقة”، وقالت الوزيرة ناليدي باندور إن عملية الاستدعاء تهدف إلى “تحديد ما إذا كانت العلاقة القائمة قادرة بالفعل على أن تستمر في جميع النواحي.
وهذا الموقف سبقه تصريح الوزارة بأن “استهداف إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين بشكل مباشر في المستشفيات وسيارات الإسعاف والمدارس والمباني السكنية وفي سياراتهم الخاصة، يعد جريمة حرب”.
وقبل هذه الخطوة، ومنذ بدء الحرب على القطاع، تميز موقف جنوب أفريقيا بالتصاعد المتدرج والواضح في انتقاد إسرائيل واتهامها بارتكاب جرائم إبادة ضد الشعب الفلسطيني.
وقالت الوزيرة المكلفة بالشؤون الرئاسية في جنوب أفريقيا خومبودزو نتشافيني إنه “لا يمكن التسامح مع إبادة جماعية تحت نظر المجتمع الدولي.
موقف جنوب أفريقيا ليس وحيدا بالطبع، فقد سبقتها تشاد، إذ استدعت نجمينا القائم بأعمال سفارتها في إسرائيل، ودانت “خسارة أرواح العديد من المواطنين الأبرياء في غزة”، ودعت إلى “وقف لإطلاق النار يؤدي إلى حل مستقر للقضية الفلسطينية”.
كما دانت زيمبابوي بدورها، “الحرب العدوانية” التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وقال وزير المحاربين القدامى كريستوفر موتسفانغوا “إن الوضع في الشرق الأوسط خطير للغاية، حيث يتعرض مليونا فلسطيني في قطاع غزة باستمرار للهجوم والقصف الوحشي من قبل إسرائيل”.
وأكد موتسفانغوا أن بلاده “لن تتعب من المطالبة بمنح الفلسطينيين حقوقهم في أي حل سياسي، حتى لا يتم إنشاء دولة أبارتهايد”.
حماس ليست إرهابية
ومن مقديشو، أكد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري أن حركة حماس ليست منظمة إرهابية، بل حركة تحرير لأرضها، وشعبها.
وفي موقف لافت، قال الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة إن الانتصار النهائي سيأتي حتما لشعب فلسطين، وأضاف أن “70 عاما من العنف، لم تمكن من تقويض تصميم الفلسطينيين”.
أما وزارة الخارجية السنغالية، فعبرت عن قلقها بشأن ما يجري في غزّة، وطالبت بضرورة إحياء المفاوضات بين الطرفين في أسرع وقت ممكن لتحقيق قيام دولتين مستقلتين.
وأيدت حكومة أوغندا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين والتمسك بالالتزامات القانونية والإنسانية في قطاع غزة وبقية الأراضي المحتلة وإسرائيل. و”صوتت أوغندا لصالح قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار للسماح بوصول المساعدات الإنسانية”.
وتأتي المواقف من العدوان على غزة على مسافة أشهر من تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الأفريقي، حيث مُنحت عضوية مراقب صيف 2021 بقرار من رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي، وهو الاختراق الذي لم يصمد أمام الانتقادات الحادة والرفض من دول المنطقة.
مواقف شعبية
لكن محاولات إسرائيل اجتذاب أصوات القارة في المحافل الدولية لصالحها، بقيت محصورة في الدوائر السياسية، بينما اتخذ العقل الجمعي والشعبي الأفريقي بغالبيته منحا أكثر تحررا إزاء فلسطين اتساقا مع ما تختزنه ذاكرته من قسوة قرون الاستعمار الأوروبي.
ففي السنغال، طالبت “الحملة السنغالية للدفاع عن القدس وفلسطين”، المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة.
وقد يكون موقف حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الأكثر وضوحا على المستويين الرسمي والشعبي إزاء ما يجري في غزة.
يقول حزب المناضل الراحل نيلسون مانديلا “إن ما قام به مناضلو “حماس لم يكن عملًا مفاجئًا، ولكنه جاء نتيجة لاستمرار الاحتلال”، ويستذكر الحزب وقاعدته الشعبية أن ما يجري في فلسطين المحتلة، يذكر بتاريخ الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وفي جنوب أفريقيا، تنشط حملة مقاطعة إسرائيل. وتنتقد المتحدثة باسم الحملة روشان دادو الموقف الرسمي للبلاد: قائلة “الموقف تجاه الإبادة التي تتعرض لها غزة مرحب به، لكنه أتى متأخرا”.
التحرر الناقص
وفي شرق أفريقيا، في كمبالا عاصمة أوغندا ظهر نشاط أكاديمي عالي الصوت مناصر للشعب الفلسطيني.
يتضح زخم هذا النشاط في رسالة لمركز “ميركير” للأبحاث الاجتماعية، الذي يضم مجموعة من المحاضرين الجامعيين والمحامين والباحثين في شؤون القانون الدولي والقانون الإنساني والاستعمار والنزاعات.
تذكّر الرسالة المجتمع الأكاديمي المحلي في أوغندا خاصة وفي أفريقيا والعالم، بضرورة “عدم النظر إلى ما يجري في إطاره الزمني الحالي وإغفال السياق التاريخي لما يجري في فلسطين”.
ومن خلال الموقعين على الرسالة، يذكّر المركز بأهمية القضاء على جميع أشكال الاستعمار في العالم، ليختم بخلاصة أن “التحرر من الاستعمار وتحرير الشعوب لا يمكن أن يتحقق إلا وفلسطين حرة”.