على الرغم من مرور 135 يوما على عدوانها المتواصل على قطاع غزة، وما رافق ذلك من احتجاجات ودعاوى ومطالبات بمنع تصدير الأسلحة إليها، ما تزال إسرائيل تتلقى شحنات أسلحة من دول عدة.
وتتصدر ألمانيا وبريطانيا قائمة الدول الأوروبية المستمرة بدعم إسرائيل بالأسلحة، رغم أن إسرائيل تواجه محاكمات بتهمة الإبادة الجماعية في غزة من قبل محكمة العدل الدولية، وسط الضغوط المتزايدة من قبل منظمات حقوق الإنسان.
ومع أن الولايات المتحدة هي أكبر مورد تقليدي للأسلحة لإسرائيل، فإن ألمانيا وبريطانيا تقدمان أيضا دعما كبيرا لإسرائيل لسنوات عديدة.
وفقا للبيانات الحالية الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، قدمت الولايات المتحدة 70.2% من إمدادات الأسلحة التقليدية لإسرائيل الفترة ما بين عامي 2011 و2020، وتليها ألمانيا 23.9%، ثم إيطاليا 5.9%، حسب ما نقلته وكالة الأناضول.
ووفق منظمة “الحملة ضد تجارة الأسلحة” البريطانية (غير الحكومية) فإن ألمانيا والمملكة المتحدة لا تقدمان بيانات تصدير الأسلحة “بشفافية” ومع ذلك -وفقا لقاعدة البيانات التي أنشأتها المنظمة من المعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر مفتوحة- ففي الفترة ما بين عامي 2015 و2020، وافقت الحكومة الألمانية على بيع أسلحة بقيمة 1.4 مليار يورو على الأقل إلى إسرائيل.
كما أرسلت المملكة المتحدة طائرات حربية وصواريخ ودبابات وطائرات خفيفة وأسلحة إلى إسرائيل في نفس تلك الفترة، وتحققت صادرات عسكرية بقيمة 426 مليون يورو، ضمت مكونات الأسلحة والذخائر، ولا تشمل هذه الأرقام تصدير الأسلحة الألمانية والبريطانية إلى إسرائيل عبر دول ثالثة.
وتفيد بيانات منظمة “الحملة ضد تجارة الأسلحة” أن بريطانيا تبيع معدات عسكرية لإسرائيل، وهناك 6 شركات بريطانية مختلفة ضمن مشروع مقاتلات “إف-35” منها شركتان تبيعان الصواريخ لإسرائيل، وهناك بعض الشركات -مثل “إلبيت” لصناعة الدفاع الإسرائيلية- لديها ترخيص لتجارة المعدات العسكرية بالمملكة المتحدة.
كما أن مؤسسة حقوق الإنسان الفلسطينية “الحق” وشبكة الإجراءات القانونية العالمية “جي إل إيه إن” (GLAN) ومقرها لندن، رفعتا دعوى قضائية ضد بريطانيا بالمحكمة العليا في 13 ديسمبر/كانون الأول، لاتهامها بـ”تجاهل طلبات تعليق مبيعات الأسلحة لإسرائيل التي تنتهك القوانين الدولية”.
زيادة 10 مرات
أما ألمانيا، فقد زادت مبيعاتها من الأسلحة والمعدات العسكرية لإسرائيل العام الماضي 10 مرات مقارنة بعام 2022، ووصلت إلى 326.5 مليون يورو، وفق تقرير “سياسة تصدير الأسلحة للحكومة الفدرالية لعام 2023” الصادر عن وزارة الاقتصاد وحماية المناخ بشأن الموافقة على مبيعات الأسلحة لدول أجنبية.
وفي الأسابيع القليلة الأولى بعد بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وافقت الحكومة الألمانية على 185 طلبا إضافيا لترخيص تصدير إمدادات الأسلحة لإسرائيل.
وبينما وافقت برلين حتى الآن على إرسال مركبات مدرعة ومعدات حماية للجنود إلى إسرائيل، ذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية في 17 يناير/كانون الأول الماضي أن الحكومة تراجع شحنة ذخيرة الدبابات الحساسة التي طلبتها تل أبيب وتخطط للموافقة عليها.
دعم استخباري
ووفقا لبيانات وزارة الدفاع، باعت فرنسا في الفترة ما بين 2013 و2022 ما يقرب من 200 مليون يورو من الأسلحة لإسرائيل.
غير أن وزير الدفاع سيباستيان ليكورنو أجاب عن سؤال “هل تقدم فرنسا الدعم العسكري لإسرائيل؟” في 16 أكتوبر/تشرين الثاني بالقول إن بلاده تقدم في الغالب دعما استخباراتيا لإسرائيل.
ورافق ذلك تنظيم ناشطين مظاهرة أمام مقر شركة داسو للصناعات الدفاعية للطيران، قائلين إن “جميع الشركات الفرنسية التي تبيع الأسلحة لحكومة إسرائيل متواطئة في الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة”.
كما أعلن نواب من حزب “فرنسا الأبية” المعارض في 14 فبراير/شباط الجاري أن باريس ينبغي ألا تكون متواطئة في “الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل” ووقعوا على عريضة لوقف بيع الأسلحة لها.
اختبار أسلحة في غزة
في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دعا زعيم إيطالي معارض، ورئيس الوزراء السابق جوزيبي كونتي -الحكومة- إلى تعليق إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل على الفور.
ومع تزايد ردود الفعل تلك، صرح أنطونيو تاجاني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، في 20 يناير/كانون الثاني، بأنهم قرروا وقف إرسال الأسلحة إلى إسرائيل اعتبارا من 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأنهم لم يرسلوا أي نوع من الأسلحة.
دعوات وقف المبيعات
أما في إسبانيا، فقد عملت منظمة “سنترو ديلاس” -التي تركز على جهود السلام الدولية- على فحص بيانات التجارة الخارجية، وكشفت أن شركة محلية باعت ذخيرة عسكرية لإسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 مقابل 987 ألف يورو.
وفي أعقاب ردود فعل الرأي العام الإسباني الشديدة إزاء المجازر الإسرائيلية في غزة، صرحت المتحدثة باسم الحكومة بيلار أليغريا أنه لم يتم بيع أي معدات عسكرية لإسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأن هذه البيانات لما قبلها.
ويأتي ذلك مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وما تنظره محكمة العدل الدولية في لاهاي بعد دعوى قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهم ارتكاب إبادة جماعية بحق سكان القطاع، والتي خلفت عشرات آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين إضافة إلى تدمير البنية التحتية والمباني السكنية والطبية والتعليمية.