ثلاثة إجراءات في غضون يومين أكدت وجود العائلة في صلب قرارات للرئيس الأميركي، سواء المنتهية ولايته جو بايدن أو العائد إلى البيت الأبيض دونالد ترامب.
ففي الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن ترامب أنه اختار تشارلز كوشنر لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى فرنسا ابتداء من ولاية ترامب المقبلة التي تبدأ يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وتشارلز هو والد جاريد كوشنر صهر ترامب، وبالتحديد زوج إيفانكا الابنة الكبرى للرئيس الأميركي المقبل.
وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري، كشف ترامب عن ترشيح جديد في إدارته المقبلة، يتعلق برجل الأعمال اللبناني الأصل مسعد بولس الذي سيصبح مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي.
وبولس هو أيضا والد أحد أصهار ترامب، إذ إن ابنه مايكل متزوج من تيفاني الابنة الصغرى لترامب.
ويوم أمس الأول، أصدر الرئيس بايدن هو الآخر قرارا بشأن أحد أفراد عائلته وهو ابنه هانتر، إذ قرر إصدار عفو رئاسي عنه بعدما تمت إدانته بالإدلاء بتصريحات كاذبة أثناء شراء أسلحة، فضلا عن حيازة أسلحة نارية بشكل غير قانوني، والإقرار بالذنب في قضية تهرب ضريبي.
لن يعفو
المثير أن بايدن والبيت الأبيض كانا قد أكدا مرارا أن الرئيس لن يعفو أو يخفف الأحكام الصادرة بحق ابنه، الذي يتعافى من إدمان المخدرات وأصبح هدفا للجمهوريين بمن في ذلك الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
لكن بايدن حاول أن يجد مخرجا للنكث بوعده قائلا “لا يمكن لأي شخص عاقل ينظر في وقائع قضايا هانتر أن يتوصل إلى أي استنتاج آخر غير أن هانتر تم استهدافه فقط لأنه ابني”.
وأعرب بايدن عن أمله في “أن يتفهم الأميركيون سبب اتخاذ أب ورئيس هذا القرار”.
لكن ترامب لم يهدر الفرصة وخرج سريعا لينتقد قرار بايدن بالعفو عن نجله، ووصف ما حدث بأنه “إساءة وإجهاض للعدالة”.
وعبر منصة “تروث سوشيال” التي يملكها، تساءل ترامب مستنكرا “هل يشمل العفو الذي أصدره جو (بايدن) لهانتر رهائن السادس من يناير (كانون الثاني) المسجونين منذ سنوات؟”، في إشارة إلى أنصاره المدانين باقتحام مبنى الكونغرس الأميركي في السادس من يناير/كانون الثاني 2021 بعد أن ادعى ترامب دون دليل أنه الفائز في انتخابات الرئاسة 2020 التي أتت ببايدن إلى السلطة.
سجن ثم عفو فسفارة
وإذا كان بايدن قد استغل سلطاته القانونية ليعفو عن ابنه، فإن ترامب بدوره قد استفاد من صلاحياته القانونية ليعين اثنين من أصهاره في وظائف مهمة.
وكانت البداية يوم السبت الماضي بالإعلان عن اختيار تشارلز كوشنر، والد صهره ومستشاره السابق جاريد كوشنر، لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى فرنسا.
وخلال منشور على منصته تروث سوشيال، وصف ترامب كوشنر الأب بأنه رجل أعمال رائد ورائع، وقال إنه سيتم إيفاده إلى باريس من أجل “تعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة وفرنسا، حليفنا الأقدم وأحد حلفائنا الأكثر صلابة”.
المثير أن تشارلز كوشنر، البالغ من العمر 70 عاما، كان قد قضى عاما في سجن فدرالي لإدانته بمخالفات ضريبية قبل أن يصدر ترامب عفوا عنه في نهاية ولايته الرئاسية الأولى.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد قضى كوشنر عقوبة بالحبس بعد إقراره في 2004 بالذنب في تزوير ضريبي وتلاعب بالشهود، إضافة إلى مساهمات غير قانونية في حملات انتخابية.
دور فاعل
وبعد تعيين والد زوج ابنته الكبرى إيفانكا، جاء الدور على والد زوج ابنته الصغرى تيفاني، وهو رجل الأعمال الأميركي اللبناني مسعد بولس الذي اختاره ترامب ليكون كبير مستشاريه للشؤون العربية والشرق أوسطية.
وأدى بولس دورا رئيسيا في حملة ترامب، إذ ساعد في حشد ناخبين مسلمين ومن أصول عربية كان كثر منهم مستائين من سياسات البيت الأبيض فيما يتّصل بالحرب في قطاع غزة.
وانهال ترامب بالمديح على بولس واصفا إياه بأنه “محام لامع ورجل أعمال رائد يحظى باحترام كبير ويتمتع بخبرة واسعة النطاق على الساحة الدولية” وأنه “مؤيد منذ أمد للقيم الجمهورية والمحافظة”، لافتا إلى أنه كان إحدى دعائم حملته الانتخابية حيث “كان له دور فاعل في بناء تحالفات جديدة هائلة مع الجالية العربية الأميركية”.
تقول وكالة رويترز إن بولس قد يحصل بدوره الجديد على النفوذ السياسي الذي لم يستطع تحقيقه في لبنان، حيث خاض انتخابات برلمانية قصيرة عام 2018 مع مرشحين موالين لحزب الله لكنه لم يتحالف بشكل ثابت مع أي حزب بعينه.
وينحدر بولس من عائلة أرثوذكسية يونانية، مما يحد من فرص تقلده دورا أكبر من مستوى عضوية البرلمان في الحكومة اللبنانية، حيث لا يتولى منصب الرئيس، أكبر منصب مسيحي في البلاد، إلا الكاثوليك الموارنة.
وتنقل رويترز عن لبنانيين تفاؤلهم بتولي بولس منصبه الجديد، رغم أن بعضهم يشير إلى أنه لم يزر لبنان خلال السنوات الأربع الماضية.