واشنطن- دفعت التطورات المتسارعة في الساحة الفلسطينية إلى عدم استبعاد عدد من خبراء الشؤون العسكرية والإستراتيجية سيناريو التدخل الأميركي العسكري في معركة طوفان الأقصى بصورة أو بأخرى.
وقد بدأت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في تحريك مجموعة حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” إلى شرق البحر المتوسط، في الوقت الذي أكد فيه البيت الأبيض مقتل 11 أميركيا حتى الآن، مع توقع باحتجاز الجناح العسكري لحركة حماس كتائب الشهيد عز الدين القسام عددا آخر من الأميركيين.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي إن “واشنطن ليست لديها أي نية لنشر قوات عسكرية على الأرض في أعقاب الهجمات التي شنتها حركة حماس على إسرائيل، لكنها ستحمي المصالح الأميركية في المنطقة”.
تنسيق عسكري
وأكدت واشنطن على لسان وزير الدفاع الجنرال لويد أوستن إرسال مجموعة حاملة الطائرات الهجومية للقيام بدوريات في المياه بالقرب من إسرائيل، والتي تشمل أيضا طراد صواريخ موجهة، و4 مدمرات صواريخ موجهة.
وأضاف أوستن “لقد اتخذنا أيضا خطوات لزيادة أسراب الطائرات المقاتلة من طراز إف-35، وإف-16، وإيه-10 التابعة للقوات الجوية في المنطقة”.
ومنذ اللحظات الأولى لاندلاع معركة طوفان الأقصى، تحدث كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين مع نظرائهم الإسرائيليين، وتعهد الجانب الأميركي بتوفير كل الدعم الممكن لإسرائيل.
وأجرى رئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات الأميركية الجنرال تشارلز براون اتصالا هاتفيا مع رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية هرتسي هاليفي، أمس الاثنين، تناول الوضع الأمني على الأرض، وخطوات تعزيز الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وتعزيز جهود الردع الإقليمي.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار ولفغانغ بوستزتاي، الدبلوماسي السابق وخبير الشؤون الدولية، إلى أن “الغرض من وجود مجموعة جيرالد فورد القتالية قبالة الساحل الإسرائيلي هو ردع أي دولة خارجية للتدخل في حرب غزة”.
مستبعدا أن تتدخل “الولايات المتحدة بريا في قطاع غزة، ولكن ليس هناك شك على الإطلاق في أن الأميركيين سيتدخلون بصورة ما إذا أقدمت إيران على مهاجمة إسرائيل”.
ويرى ولفغانغ أن “القطع العسكرية البحرية، خاصة الحاملة للصواريخ الموجهة، ستوفر إضافة قوية إلى نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، القادر على إسقاط الصواريخ بينما لا تزال فوق إيران”.
تدخل محتمل
تشير عديد من التقارير إلى أنه من المحتمل أن تخوض الولايات المتحدة حربا في إسرائيل إذا تورطت دول أخرى في الصراع، في إشارة واضحة إلى إيران.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أمس أن مسؤولين إيرانيين أسهوا مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في التحضير لعمليات التوغل في إسرائيل، لكن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نفى ذلك، وأكد أن المسؤولين الأميركيين “لم يروا بعد دليلا على أن إيران وجهت، أو كانت وراء هذا الهجوم بالذات”.
وفي حديث لشبكة “إم إس إن بي سي” الأميركية، قال الجنرال المتقاعد باري ماكافري إنه “من المرجح أن تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر بضربات جوية وبحرية إذا كان وجود إسرائيل مهددا. وقد تتدخل واشنطن على الأرجح فقط إذا أصبح جيران إسرائيل في الشرق الأوسط متورطين بشكل كبير”.
وأكد ماكافري “دعمنا لإسرائيل سيكون مطلقا، وإذا رأينا تدخلا عسكريا سوريا وتدخلا عسكريا إيرانيا نشطا، فسنذهب إلى الحرب”.
واستبعد ماكافري إرسال قوات برية أميركية إلى إسرائيل، بالنظر إلى القدرات البرية للجيش الإسرائيلي.
وعندما سئل عما إذا كان حلفاء آخرون للولايات المتحدة وإسرائيل سيتدخلون أيضا، قال ماكافري إنه من السابق لأوانه مناقشة مثل هذه المسألة.
سيناريوهان
يرى عديد من الخبراء العسكريين، الذين تحدثت معهم الجزيرة نت، أن الوجود العسكري الأميركي بالقرب من إسرائيل هو رسالة حادة لإيران وحزب الله.
كما يمكن للسفن الحربية تلك أن يساعد في إجلاء المواطنين الأميركيين في حال قررت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ذلك.
وتحدث ديفيد دي روش، المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني بواشنطن، للجزيرة نت، قائلا إنه يمكن للولايات المتحدة أن تتدخل عسكريا بطريقتين: الأولى من “خلال عملية عسكرية لإنقاذ المواطنين الأميركيين الأسرى” لدى القسام، إذا لم تؤد الجهود الدبلوماسية إلى الإفراج عنهم.
والحالة الثانية تكون من خلال عملية إمداد عسكري “ضخمة للقوات الإسرائيلية، ويتطلب ذلك توافر أسباب قوية واتفاقا داخل النخبة الأميركية الحاكمة، بما في ذلك قادة في الكونغرس”.
وفي كلتا الحالتين، يتطلب التدخل العسكري الأميركي قرارا من بايدن، بصفته القائد العام للقوات المسلحة الأميركية.
في حين اعتبر خبير الشؤون الإستراتيجية ومدير مؤسسة دراسات دول الخليج جورجيو كافيرو، في حديث للجزيرة نت، أن واشنطن قد تتدخل عسكريا في حال “شاركت إيران بشكل مباشر” في معركة طوفان الأقصى “بما يخلق الظروف التي تقرر فيها إدارة بايدن أن التدخل العسكري الأميركي ضروري”.