مراسلو الجزيرة نت
تروي السيدة السودانية “م -ن ” معاناة امتدت لأكثر من عام في توتي حيثُ توفي عدد من أصحاب الأمراض المزمنة نتيجة انعدام الدواء. ووصفت، للجزيرة نت، كيف عانى المواطنون في توتي، للحصول على الطعام والمياه، وكيف عاشوا أكثر من عام في ظل انقطاع الكهرباء، والمياه، وشبكة الاتصالات. وقالت إن قوات الدعم السريع منعت التجار من نقل البضائع والخضار لتوتي ومنعت الناس من أخذ المياه من النيل.
وأعلن مواطنون ظلوا محاصرين لأكثر من عام من قِبل الدعم السريع في جزيرة توتي وسط العاصمة الخرطوم عن مغادرتهم الجزيرة بعد دفع رسوم بلغت قيمتها مليار جنيه سوداني (416 دولارا) تفرضها قوات الدعم السريع الموجودة في الجزيرة.
قتل ونهب ورسوم
تؤكد المواطنة نفسها، أنه لا يمكن مغادرة جزيرة توتي دون دفع رسوم مالية فرضتها قوات الدعم السريع التي عينت من منسوبيها من يعرف بـ”العُمدة”، الذي يصدر تصاريح المرور للخروج من الجزيرة، بعد دفع مبلغ مليار جنيه للأسرة (416 دولارا)، بجانب رسوم بوابة، رسوم عبور ورسوم تُدفع عند كل ارتكاز للدعم السريع.
وبحسب مواطنين من توتي تحدثوا -للجزيرة نت- تتفاوت أسعار المبالغ المالية التي تفرضها قوات الدعم السريع على الأسر للسماح لهم بمغادرة توتي ما بين 800 ألف جنيه (333 دولارا) إلى مليار جنيه (نحو 416 دولارا)، ويصل إجمالي التكلفة إلى ملياري جنيه (نحو ألف دولار) بإضافة رسوم العبور والارتكازات التابعة للدعم السريع حتى آخر نقطة ارتكاز.
وقال فؤاد مصطفى -للجزيرة نت-: لمغادرة توتي يجب دفع مبالغ ما بين 500 ألف جنيه (208 دولارات)، إلى مليار جنيه (416 دولارا) وأحيانا بعد دفع المبلغ يتم المنع من الخروج.
وأضاف المتحدث ذاته، خرجنا في ظل ظروف لا يمكن وصفها، إذ تقوم قوات الدعم السريع بالكثير من الانتهاكات من نهب واعتقالات وقتل.
ولا توجد -حاليا- إحصائية دقيقة لعدد الوفيات نتيجة الحصار المضروب على الجزيرة، في حين قدر عدد الوفيات نتيجة الأمراض ونقص الأدوية بأكثر من 100 حالة وفاة.
وقالت السيدة “م- ن” التي وصلت إلى مدينة أم درمان حيثُ تسيطر قوات الجيش السوداني إن الدعم السريع تقوم بعمليات نهب واسعة في توتي.
من جهته، قال ممثل سكان توتي، مضوي مختار، إن الأسر غادرت بسبب معاناتها في الحصول على الطعام والشراب والعلاج بعد توقف محطة مياه المقرن وشح المواد الغذائية في التكايا.
من جهته، قال حاج علي عبد الرحيم -للجزيرة نت-، إن محاولة اغتصاب فتاة بتوتي من قِبل الدعم السريع في عيد الفطر أبريل/نيسان دفعت بالعديد من الأسر إلى الخروج من توتي، في حين بقي آخرون نتيجةً للضائقة المالية. وإثر هذه الحادثة قُتل مواطن وأصيب 7 آخرون بالرصاص بينهم نساء.
حصار توتي
تقع جزيرة توتي وسط العاصمة السودانية الخرطوم، عند التقاء النيلين الأبيض والأزرق في منطقة المقرن، يحدها جنوبًا القصر الجمهوري، وشرقًا القيادة العامة للجيش، ما جعلها وسط مناطق الاشتباك بين الجيش والدعم السريع.
وتبلغ مساحتها 990 فدانا، وعدد سكانها 25 ألف نسمة، بينما قدر عدد الباقين بالجزيرة حاليًا بحوالي 10% من سكانها. ومنذُ الشهور الأولى للحرب التي اندلعت منتصف أبريل/نيسان يعاني سكان توتي من آثار حصار الدعم السريع.
ونددت منظمات ولجان مقاومة بحصار الدعم السريع لسكان الجزيرة، حيثُ أغلقت الدعم السريع جسر توتي الرابط الوحيد للجزيرة بالعاصمة وقيدت حركة مرور المواطنين، والسلع الاستهلاكية والدواء وسط مخاطر من التنقل عبر مراكب النقل النهري التي كان يستخدمها سكان توتي قبل تشييد الجسر في 2008.
وللمرة الأولى منذ تأسيس الجزيرة يتم دفن الموتى في مزارع وحدائق الجزيرة التي لا توجد بها مدافن لصغر مساحتها، وكان سكان الجزيرة يلجؤون سابقًا إلى استخدام المراكب النهرية لنقل الجثامين ودفنها في مقابر بمدينة بحري قبل أن تمنعهم قوات الدعم السريع من ذلك.
وفي يونيو/حزيران 2023م قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن هناك 42 ألف شخص عالقين في جزيرة توتي ولا يحصلون على الرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى.
وشهد منتصف يوليو/تموز، خرجت 185 أسرة من جزيرة توتي إلى مدينة أم درمان. وقال والى الخرطوم أحمد عثمان حمزة، إن احتجاز الدعم السريع للمواطنين فاقم من حرب المدن التي يخوضها الجيش السوداني.
وأدى القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والذي اندلع في أبريل/نيسان 2023، إلى قتل آلاف الأشخاص ونزوح الملايين، وفقًا للأمم المتحدة.
وقالت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان إنها وثّقت أنماطا مقلقة لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.