“برد وشتاء، خيام بلا أسقف، ورجل يبحث بين أكوام المتعبين، ورياح تعصف وقلوب واجفة، وجوع وعيون حائرة، وبقايا بشر”، هكذا تصف الناشطة سلوى الغفاري حال قطاع غزة، الذي أرهقته حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أجبر آلاف العائلات الفلسطينية على العيش بلا مأوى، أو في خيام مزّقها الشتاء ونخر البرد أجسادهم المتعبة.
بدورها، تقول رغدة سكيك “ليل غزة قاسٍ بما لا يمكن وصفه، تهتز الخيمة كأنك في سفينة تسير في موج متلاطم من الرمل، سقفك الغيم والمطر، وزلزال يضرب كل شيء حولك، حتى قلبك، تفتح عينيك كلما سرقت دقائق من النوم لتتأكد أن سقف الخيمة ما زال في مكانه”.
وتفزع رغدة من فكرة “سقوط الجدران المصنوعة من النايلون عليها” بسبب شدة البرد والليل القارس، حالها كحال آلاف العائلات المشرّدة بفعل الحرب الإسرائيلية.
وفي معرض تسليط الضوء على معاناة النازحين مع دخول فصل الشتاء، تحذر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن نحو مليون نازح فلسطيني في قطاع غزة يواجهون خطر البرد والأمطار في هذا الشتاء.
وتشير الأونروا في منشور عبر حسابها على منصة إكس إلى أن النازحين في غزة يحتاجون إلى الحماية من المطر والبرد، مؤكدة أن نحو 23% فقط تمت تلبية احتياجاتهم.
وبحسب الأونروا فإن 945 ألف فلسطيني معرضون لخطر البرد في فصل الشتاء، مشددة على الحاجة الماسة لتلبية احتياجاتهم مع تفاقم الأزمة.
يحتاج النازحون في #غزة إلى الحماية من المطر والبرد. ولم يتم تلبية سوى حوالي 23% من هذه الاحتياجات، مما يترك 945 ألف شخص معرضين لخطر التعرض للبرد القارص هذا الشتاء.
تواصل الأونروا تقديم الدعم، وتوزيع الأغطية البلاستيكية وتركيب الخيام لتوفير المأوى المؤقت والحماية من الظروف… pic.twitter.com/jOwhB2np45
— الأونروا (@UNRWAarabic) December 8, 2024
عيون لا تنام
ولا تتوقف معاناة النازحين في الخيام، فمع كل موجة باردة، ترتجف أجسادهم، كما تهتز تحت القصف وأزيز الطائرات الإسرائيلية.
ويكتب الصحفي سامي مشتهى قائلا “أهل غزة في ظل المنخفض الجوي يبقون مستيقظين من شدة البرد، ينتظرون شروق الشمس للشعور بالدفء (..) تخيل أن الناس في الخيام تجلس طول الليل تنتظر شروق الشمس”.
بينما يصف جهاد الهمص حال ليله في الخيام قائلا “من دون مبالغة، نائم في الخيمة وكأني جالس في ثلاجة مجمدات”.
وفي سؤال لم تجد له إجابة، تستعرض وفاء مالك وجعها قائلة “كيف أعمل خيمة داخل خيمة لتدفئة أولادي؟”.
وبحسب شهود عيان، ينام آلاف الأطفال الرضع يوميا وهم يشكون البرد والجوع، في حين يضطر البالغون للنوم واقفين، بعد 430 يوما على العدوان الإسرائيلي الذي أحدث أكبر كارثة إنسانية في القرن الـ21.
هكذا يبدو المشهد لخيام النازحين التي تتطاير وتُدمر بسبب الرياح والبرد في شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة..
يا ربّ دثّر عبادك في الخيام بالدفء
واجعل الصقيع والمطر والريح ، دفئًا وسلامًا عليهم. pic.twitter.com/rSLUHkstuk— الحـكـيم (@Hakeam_ps) November 25, 2024
بلا مأوى
وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وجود نقص حاد في المأوى المناسب لمئات الآلاف من النازحين بسبب الأعمال العدائية في أنحاء غزة.
وذكر “أوتشا” أنه لم يتم تلبية سوى أقل من ربع احتياجات المأوى في القطاع، مما يترك ما يقرب من مليون شخص معرضين لخطر التعرض لظروف قاسية مع اقتراب فصل الشتاء.
وأوضح أن نحو 545 ألف شخص يعيشون في مبانٍ متضررة وملاجئ مؤقتة، مما يؤكد الحاجة الملحة إلى ضمان دخول آلاف المجموعات من القماش المشمع والعازل لإصلاح أماكن المعيشة إلى القطاع دون تأخير.
وشهد قطاع غزة منخفضا جويا وأمطارا غزيرة، أواخر الشهر الماضي، تسببا في تلف نحو 10 آلاف خيمة تؤوي نازحين، وفق بيان نشره المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.
وذكر المكتب الإعلامي أن جيش الاحتلال منع إدخال 250 ألف خيمة وكرفان (منازل متنقلة) إلى القطاع في ظل واقع إنساني خطير.
وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة، أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 149 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وتدمير البنية التحتية الأساسية للمستشفيات وشبكات المياه والصرف الصحي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كبير.