ذكر تقرير نشرته صحيفة “إزفيستيا” الروسية أن فيتنام لن توطد علاقاتها مع الولايات المتحدة مقابل قطع ارتباطها مع الصين وروسيا، مبرزًا أن هانوي تسعى لتحقيق التوازن في علاقاتها مع الدول الكبرى، حماية لمصالحها.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد أعلن مؤخرًا عن اعتزامه زيارة فيتنام، وقال “نحن في وضع تطرأ فيه جملة من التغييرات المهمة عالميًا، ما يتيح لنا الفرصة لتغيير أساليب اشتغالنا”.
وقالت الصحيفة إن زيارة الرئيس الأميركي مدفوعة برغبة إدارته في تحسين مستوى العلاقات الثنائية، وإبرام شراكة إستراتيجية مع هانوي، وزيادة عدد الأطراف المناهضة للصين وروسيا في آسيا.
وحسب تقرير “إزفيستيا” فإن موقف الولايات المتحدة من تعزيز العلاقات مع فيتنام بدا مألوفًا وغير مستبعد، حيث سبق لهانوي أن استقبلت في مارس/آذار 2023 أكبر بعثة تجارية من الولايات المتحدة.
زيارات رسمية
وبعد شهر من ذلك، زار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، هانوي للمرة الأولى معلنًا أن واشنطن تسعى إلى تعزيز العلاقات مع الشركاء في آسيا، لمواجهة نفوذ الصين المتنامي.
وتعتزم واشنطن رفع مستوى العلاقات مع فيتنام من شراكة “شاملة” إلى “إستراتيجية”.
وذكرت الصحيفة الروسية أن الولايات المتحدة لا تخفي حقيقة أن مساعيها لتعزيز العلاقات مع هانوي يستهدف بكين وموسكو.
وتسعى شركات الدفاع الأميركية -تضيف إزفيستيا- إلى تعزيز إمداداتها العسكرية إلى فيتنام، التي تقتصر بشكل أساسي على سفن خفر السواحل، وطائرات التدريب.
وذلك رغم كشف الخبراء الأميركيين في العديد من المناسبات أن جميع الصفقات الخاصة بالمجمّع الصناعي العسكري بين واشنطن وهانوي، ستواجه عراقيل في الولايات نفسها من المشرّعين الأميركيين، الذين ينتقدون سجلّ حقوق الإنسان في فيتنام.
وأشارت الصحيفة الروسية إلى أن زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، إلى هانوي في النصف الثاني من الشهر الماضي، تعكس رغبة الولايات المتحدة في جذب فيتنام بقوة نحو المدار الأميركي.
شريك اقتصادي
وأكدت “إزفيستيا” أن الولايات المتحدة أصبحت في السنوات الأخيرة شريكًا تجاريًا واقتصاديًا مهمًا لفيتنام، وأكبر سوق تصدير للمنسوجات والأحذية والإلكترونيات فيتنامية الصنع. وقد بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين في 2022 حوالي 139 مليار دولار.
ووفقًا لهذا المؤشر، تحتلّ الولايات المتحدة المرتبة الثانية من حيث حجم المبادلات مع فيتنام، بينما المرتبة الأولى هي من نصيب الصين.
وتضيف “إزفستيا” أن هانوي تتصرف مع جارتها بكين -التي تشترك معها في حدود يبلغ طولها حوالي 1300 كيلومتر- بحذر وتوازن شديدين للحفاظ على مصالحها.
ضغوط
وعقب انطلاق “العملية العسكرية في أوكرانيا”، زادت الولايات المتحدة من ضغوطها على هانوي، من أجل فرض عقوبات ضد روسيا، لكن محاولاتها قوبلت بالرفض من الجانب الفيتنامي، الذي لم يفكر حتى في تقليص الاتصالات مع ممثلي روسيا.
ونقلت “إزفيستيا: عن الخبيرة الروسية فاليريا فيرشينينا، قولها إن المحادثات حول فكرة أن فيتنام والولايات المتحدة سترفعان العلاقات إلى شراكة إستراتيجية قائمة منذ فترة طويلة، إلا أن ذلك لم يحدث على أرض الواقع حتى الآن.
وأشارت فيرشينينا إلى أن نظام الشراكة متعددة المستويات الذي تقوم عليه السياسة الخارجية لفيتنام معقّد للغاية، ويركز بشكل أساسي على الحفاظ على التوازن في العلاقات مع القوى الكبرى، مضيفة أن هانوي لا تميل إلى التضامن مع واشنطن أو بكين أو موسكو، ما يعني أنها ستحافظ على استقلاليتها كلما كان ذلك ممكنًا.
من جانبه، أوضح البروفيسور كارل ثاير، الأستاذ بجامعة نيو ساوث ويلز بكانبرا في أستراليا، أن فيتنام سبق وتعهدت في الكتاب الأبيض للدفاع لعام 2019 بعدم الانحياز إلى جانب دولة ضد أخرى، مبرزًا أن الارتقاء بالعلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة إلى مستوى شراكة إستراتيجية يرجع إلى عدد من العوامل؛ أهمها: “الشراكة بلا حدود” بين الصين وروسيا، وزيادة تهديد الصين لفيتنام في بحر جنوبي الصين هذا العام.
وحسب ثاير، ستُولي فيتنام أهمية مميزة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والعلمي والفني مع الولايات المتحدة، لكن من دون التعاون معها ضد الصين أو روسيا.