ما زالت قضية اعتقال ضباط المخابرات التي كشفت وزارة الداخلية في قطاع غزة عنها مطلع الأسبوع الجاري يتردد صداها، وتتكشف تفاصيل كثيرة عن أهداف هذه العملية وتوقيتها، وكذلك ارتباطها بالدول المؤثرة في العدوان على غزة المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فقد كشفت وزارة الداخلية بغزة -في وقت سابق- عن تسلل ضباط وجنود يتبعون لجهاز المخابرات العامة في رام الله في مهمة رسمية بأوامر مباشرة من رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج، في ما وصفتها بعملية استخباراتية جرت ليلة السبت الماضي.
وبعدها، أعلنت الأجهزة الأمنية في غزة أنها تعاملت مع العناصر التي تسللت إلى القطاع، واعتقلت 10 منهم، وأفشلت المخطط الذي جاؤوا من أجله.
وقالت إن هدف هؤلاء كان إحداث حالة من البلبلة والفوضى في صفوف الجبهة الداخلية، وإنهم تسللوا بتأمين من جهاز الشاباك والجيش الإسرائيلي بعد اتفاق تم بين الطرفين في اجتماع لهما بإحدى العواصم العربية الأسبوع الماضي.
رواية أخرى
في مقابل رواية وزارة الداخلية في قطاع غزة، نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) -الاثنين الماضي- عن مصدر رسمي فلسطيني قوله “إن بيان ما تسمى داخلية حماس بشأن دخول المساعدات إلى غزة أمس لا أساس له من الصحة”.
وأضاف المصدر الرسمي “إننا سنستمر في تقديم كل ما يلزم لإغاثة شعبنا، ولن ننجر خلف حملات إعلامية مسعورة تغطي على معاناة شعبنا في قطاع غزة وما يتعرض له من قتل وتهجير وتجويع”.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، قال رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية محمد المصري إن “الضباط الأمنيين الذين أعلنت حماس عن اعتقالهم منذ أيام كانوا في مهمة إنسانية لإغاثة شعبهم وحمايته من المجاعة”، كما أن أصولهم تعود “إلى شمال قطاع غزة، لكنهم هُجّروا، وهم موجودون الآن في رفح”.
وأضاف المصري -الذي كان لواء سابقا في المخابرات الفلسطينية، كما تولى سابقا رئاسة المخابرات في قطاع غزة- أن هذه المهمة جاءت “بالتنسيق بين الهلال الأحمر المصري والهلال الأحمر الفلسطيني، وتمت الاستعانة بهم لحماية هذه الشاحنات من أجل إيصالها لأبناء شعبنا الذين يموتون جوعا من الاحتلال”.
رواتب رسمية
وعن طبيعة وجود عناصر مخابرات للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، قال اللواء السابق إن هؤلاء العناصر “أولاد عائلة واحدة، أنا في عائلتي نحو 20 ضابطا في المخابرات، فأنا كنت رئيس مخابرات في قطاع غزة، وبالتالي كانوا يتوظفون مثل أي عساكر عاديين، وهذا التجمع مثله مثل أي تجمعات أخرى، فهؤلاء زملاء عمل يعيشون في منطقة رفح ضمن 1.5 مليون شخص”.
وتساءل المصري: “هل يعقل ألا تجد في هؤلاء 10 عناصر مخابرات؟” وأجاب أيضا: “هم موجودون في غزة ويعيشون فيها، ويتقاضون رواتبهم رسميا من السلطة، وحماس تعرفهم فردا فردا، واسما اسما”.
وعن دور السلطة الفلسطينية في هذه المهمة، قال رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية “معلوماتي أن السلطة لا علاقة لها بالأمر، وهو تحرك فردي، وفي الوقت نفسه واجب وطني وأخلاقي عليهم”.
وأضاف المتحدث أن هؤلاء العناصر كانوا في مهمة إنسانية وأخلاقية، ولم يكونوا تحت أي غطاء مع الاحتلال أو غيره، بل إن الاحتلال قتل اثنين منهم وجرح ثالثا، “وأحد الشهداء هو ابن عمي، وفي الوقت نفسه مرافقي الشخصي، والثاني اسمه عبد الله، وهو ضابط في المخابرات” كذلك.
تحقيقات حماس
وصباح اليوم الخميس، كشف مصدر مطلع -في تصريح للجزيرة نت- عن أن القوة الأمنية التي اعتقلتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد مرافقتها شاحنات مساعدات من الهلال الأحمر المصري، تشكلت بعد اجتماع أمني إسرائيلي مع رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني ماجد فرج، مطلع مارس/آذار الماضي في إحدى العواصم العربية، وبحضور رئيس مخابراتها.
وأكد المصدر أنه تم تكليف اللواء ماجد فرج بإدارة فرق لمرافقة شاحنات المساعدات إلى غزة، وذلك في إطار التمهيد لإيجاد بديل عن حركة حماس بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي، وبغطاء من بعض الدول العربية.
وأضاف المصدر أن فرج قدم قائمة بمئات الأشخاص المقيمين في غزة للقيام بهذا الدور، على أن تتولى الدولة العربية المعنية تنسيق دور الفرق المشكلة لمرافقة المساعدات وتوزيعها.
مقترح إسرائيلي
يذكر أن هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان) قالت -في مارس/آذار الماضي- إن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اقترح تولي رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج إدارة قطاع غزة مؤقتا بعد انتهاء الحرب.
وقالت الهيئة إن إسرائيل تدرس أن تساعد فرج شخصيات مختلفة في تولي حكم القطاع، على ألا يكون من هذه الشخصيات أي عضو في حركة حماس.