رجحت صحيفة لوتان السويسرية أن تكون الصفقة التي توصلت لها إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشأن إطلاق سراح المحتجزين فجر اليوم الأربعاء؛ جاءت في الأساس نزولا عند رغبة كل من الرئيس الأميركي جو بايدن وقائد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، ونتيجة للضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية، في حين تحدث موقع بوليتيكو الإعلامي الأميركي عن كواليس هذه الصفقة.
ولفتت لوتان في البداية إلى تأكيد الحكومة الإسرائيلية في بيان لها أنها “وافقت على الخطوط العريضة للمرحلة الأولى من الاتفاق، وأوضحت في تقرير بقلم ألين جاكوتيه أن إسرائيل ستحصل على إطلاق سراح 30 طفلا و8 أمهات و12 امرأة أخرى، وتحديد حماس موقع النساء والأطفال الذين ما زالوا في أيدي مجموعات أخرى أو أفراد.
وفي المقابل، سيستفيد الفلسطينيون من وقف لإطلاق النار لمدة 4 أيام، يصاحبه وقف لإطلاق المسيّرات الإسرائيلية 6 ساعات يوميا، والإفراج عما لا يقل عن 150 امرأة وقاصرا فلسطينيا، كما سيسمح الاتفاق لـ300 شاحنة مساعدات إنسانية بالدخول يوميا إلى غزة، إضافة إلى توفير الوقود والمساعدات المالية.
ورأت الصحيفة أن الاتفاق الذي أبرم بوساطة من قطر والولايات المتحدة، تم بسبب الرغبة التي أظهرها الرئيس الأميركي جو بايدن في تحقيق أشياء ملموسة للناس، ونتيجة “لرغبة واضحة لدى زعيم حماس في غزة يحيى السنوار، في المضي قدما في الاتفاق” في مواجهة الضغوط العسكرية المتزايدة على حركته.
ومن خلال التمييز بين المدنيين والجنود بدلا من التفاوض على الجميع في صفقة واحدة، تستطيع حماس -حسب الصحيفة- مواصلة الضغط على إسرائيل وهي التي تعرف جيدا كيف تتعامل معها، مسترشدة في ذلك بصفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط التي حققت إطلاق 1027 معتقلا مقابل جندي واحد.
أما في الجانب الإسرائيلي، فقد أدرك وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش أن “التعويض عن فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول لن ينتهي باحتلال الأراضي واغتيال “الإرهابيين” -كما كتب المحلل عاموس هاريل- ولكن أيضا ببذل جهد لإعادة الأمهات والأطفال”.
ويقول موتي كريستال، الخبير الإسرائيلي في مفاوضات المحتجزين، “أعيدوا الرهائن. أعيدوا الرهائن. أعيدوا الرهائن. هذا هو كل ما يهمنا الآن”، مشيرا إلى ضرورة التفاوض في خضم الحرب، وإلى أن الوسطاء يسعون بالطبع لتحقيق مصالحهم الخاصة.
وخلصت الصحيفة إلى أن الاتفاقية بقيت ناقصة، لأن حزبي “القوة اليهودية” و”الصهيونية الدينية” اليمينيين المتطرفين بقيادة الوزيرين بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير، أعلنا معارضتهما للاتفاق، لأنه “سيقلل من فرص استعادة بقية المختطفين بمن فيهم جنودنا”، مما يعني وجود خلاف يؤثر على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و”يثير قلقا كبيرا لدى الأميركيين”.
الكواليس
وفي معرض حديثه عن كواليس هذه الصفقة، قال موقع صحيفة بوليتيكو الأميركي إن دولة قطر اقترحت، في مساعيها للتوسط في مسألة المحتجزين، تشكيل خلية صغيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل للعمل في قضية الرهائن.
وقال إن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان كلف اثنين من كبار مساعديه هما ماكغورك وجوش جيلتزر اللذين اضطلعا بمسؤولية الاتصال والتنسيق حول أفضل السبل للتوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين مع حماس.
وأضاف أن الثمرة الأولى لتلك الجهود كانت في 23 أكتوبر/تشرين الأول، عندما قامت حماس بإطلاق سراح مواطنتين أميركيتين هما ناتالي وجوديث رانان، ومثل هذا إشارة إلى أن عمل هذه الخلية يمكن أن يؤدي في النهاية إلى إطلاق سراح المزيد من المحتجزين، وفقا للموقع.
وبعد ذلك بيوم، أرسلت حماس رسالة عبر قنواتها الخاصة إلى الخلية مفادها أنه يمكن لعدد من النساء والأطفال المحتجزين مغادرة غزة، لكن المشكلة هي أن عبورهم الآمن إلى الخارج لا يمكن تأمينه إلا إذا أحجمت إسرائيل عن غزوها البري للقطاع.
لكن، بعد رفض إسرائيل تأجيل الغزو البري، بدأت موجة من الدبلوماسية تجري خلف الأبواب المغلقة، وكانت ملامح الصفقة تتضح شيئا فشيئا.
وقدمت حماس معلومات عن 50 من المحتجزين لديها، وأوضحت لبايدن أن ثمة إمكانية لإخراجهم. وقد نقل الرئيس الأميركي وجهات نظره لنتنياهو اتصال هاتفي أجراه معه في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، ووافق الأخير على ذلك.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، طارد نتنياهو ماكغورك، وأخبره بمدى أهمية إنجاز إسرائيل للاتفاق، فقد أصبح يرى فيه ضرورة سياسية، حسب بوليتيكو.
لكن تعقيدات أخرى وقعت إذ قطعت إسرائيل الاتصالات داخل غزة خلال عملياتها العسكرية، مما جعل من الصعب نقل أي معلومات من وإلى حماس، كما هدد مسؤولو حماس بإنهاء المفاوضات بالكامل بعد دخول الجيش الإسرائيلي إلى مستشفى الشفاء في شمال غزة، ولم يتم استئناف المحادثات إلا بعد أن نقلت إسرائيل، عبر القناة الخلوية، رسالة إلى حماس مفادها أن الجيش الإسرائيلي سيواصل تشغيل المستشفى.
وفي هذه الأثناء، يقول بوليتيكو، بدأ بايدن يشعر أن الوقت لتحقيق شيء ما بدأ ينفد، وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني، اتصل بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأخبره أنه بعث له ماكغورك وأنه سيكون في قطر في اليوم التالي.
وذكر بايدن أن ذلك سيمكن من مراجعة النص النهائي لاتفاقية الصفقة، وقبيل وصوله، تلقت قطر تعليقات من حماس على الصفقة المقترحة.
وفي صباح اليوم التالي، كان ماكغورك في القاهرة للقاء عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية، وبينما كانا يتحدثان، دخل مساعد مصري حاملا رسالة مفادها أن قادة حماس في غزة قبلوا تقريبا كل ما تم التوصل إليه في الدوحة في الليلة السابقة.
وبعد ذلك، عاد ماكغورك إلى إسرائيل في 19 نوفمبر/تشرين الثاني للتحدث أمام مجلس الوزراء الحربي، ونقل الصفقة المطروحة ورد حماس عليها. وفي ذلك المساء، أبلغ مسؤولون إسرائيليون كبار الولايات المتحدة أنهم وافقوا على الاتفاقية مع بعض التغييرات الطفيفة فقط.
وأرسلت قطر تلك النسخة إلى حماس، وكانت هناك بعض الجولات المكوكية البسيطة ذهابا وإيابا خلال الـ48 ساعة التالية، ولكن أصبح من الواضح أن جميع الأطراف ستقبل الاتفاقية.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني، أعطت حماس الضوء الأخضر. ولم يتبق سوى موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي بكامل هيئته على الصفقة، التي توقع كل فرد في الخلية حدوثها.
وجاءت أنباء توقيعهم في وقت لاحق من أمس الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني في واشنطن، لتنتهي بذلك جهود تأمين تلك الصفقة والتي علق عليها مسؤول كبير بأنها كانت “عملية مؤلمة استمرت 5 أسابيع”، وكل هذا حسب موقع بوليتيكو.