يمثل الضابط السابق محمد حمو، أمام القضاء السويدي –اليوم الاثنين– ليحاكم بتهمة المشاركة في جرائم حرب عام 2012، مما يجعله العسكري السوري الأعلى رتبة الذي يخضع لمحاكمة في أوروبا على خلفية النزاع في سوريا.
ويواجه حمو، البالغ من العمر 65 عاما وهو مقيم في السويد وكان يشغل رتبة عميد في الجيش، اتهامات بـ”المساهمة والتحريض على” ارتكاب جرائم حرب خلال النزاع، وهي تهم قد تؤدي إلى السجن مدى الحياة.
واندلع النزاع في سوريا في مارس/آذار 2011 بعد احتجاجات شعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، واستخدمت السلطات العنف لقمعها.
وأسفر النزاع عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص ودمار هائل للبنية التحتية والقطاعات الاقتصادية وأدى إلى تشريد ملايين السكان.
لائحة الاتهام
وتشير لائحة الاتهام إلى أن حمو ساهم بـ”المشورة والعمل” في معارك شارك فيها الجيش، والتي شملت هجمات عشوائية على عدة بلدات ومواقع في أطراف وداخل مدينتي حماة وحمص.
وتعود التهم للفترة بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2012، ومن المتوقع أن تستمر المحاكمة حتى نهاية مايو/أيار.
وأشار الادعاء إلى أن المعارك التي خاضتها القوات الموالية لنظام بشار الأسد “شملت هجمات جوية وبرية واسعة النطاق قام بها مهاجمون غير معروفون في صفوف الجيش السوري”، مؤكدا أن الغارات تمت بدون احترام للتمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية وفقا للقانون الدولي.
وأضافت لائحة الاتهام أن محمد حمو، الذي كان يشرف على وحدة معنية بالتسليح، ساهم في عمليات التنسيق والتسليح للوحدات القتالية، مما ساهم في تنفيذ الأوامر على “مستوى عملي”.
ومن جانبها، أكدت محامية حمو، ماري كيلمان، أن موكلها نفى ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه، وامتنعت عن الإدلاء بتعليقات إضافية قبل بدء المحاكمة.
ومن المتوقع أن يقدم 7 أشخاص من المدنيين، بمن فيهم سوريون من حمص وحماة، الواقعتين وسط سوريا، شهاداتهم خلال المحاكمة، بالإضافة إلى مصور بريطاني أصيب خلال إحدى الغارات المذكورة في لائحة الاتهام.
الإفلات التام من العقاب
وأكدت كبيرة المستشارين القانونيين في منظمة المدافعين عن الحقوق المدنية، عايدة سماني، أن الهجمات التي وقعت في حمص وحماة ومناطقهما المحيطة عام 2012 قد تسببت في أذى كبير للمدنيين ودمار هائل للممتلكات المدنية.
وأشارت إلى أن هذه التصرفات تكررت بشكل منهجي من قبل الجيش السوري في مدن أخرى في سوريا، مؤكدة أنها حدثت “بدون محاسبة”.
كما أوضحت سماني أن محاكمة حمو ستكون الأولى في أوروبا التي تتعامل مع هذا النوع من الهجمات العشوائية من قبل الجيش السوري، مشيرة إلى أنها ستكون فرصة الضحايا الأولى لتقديم شهاداتهم في محكمة مستقلة.
ويعد حمو الضابط السوري الأعلى رتبة الذي يخضع للمحاكمة في أوروبا، على الرغم من أن دولا أخرى في القارة تسعى لتوجيه اتهامات لعدد من المسؤولين الذين يحملون رتبا أعلى.
وفي مارس/آذار، قررت النيابة العامة السويسرية محاكمة رفعت الأسد، عم الرئيس بشار الأسد، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لوقائع تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي.
وبينما لم يتم تحديد موعد للمحاكمة، فإن من غير المرجح أن يظهر رفعت الأسد أمام القضاء السويسري، بعد أن عاد إلى سوريا عام 2021، بعد 37 عاما في المنفى، ولم يظهر في أي مكان عام منذ ذلك الحين، باستثناء صور له في أبريل/نيسان 2023 مع أفراد من العائلة، بمن فيهم الرئيس الحالي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت السلطات الفرنسية مذكرة توقيف دولية بحق بشار الأسد بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بناء على اتهامات بضلوعه في هجمات كيميائية يعود تاريخها إلى عام 2013.
كما صدرت مذكرات توقيف دولية بحق شقيقه ماهر الأسد واثنين من الضباط الكبار.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، صدر حكم بالسجن المؤبد في كوبلنتس غربي ألمانيا، على العقيد السابق في الاستخبارات السورية، أنور رسلان، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وكانت هذه أول محاكمة في العالم لمسؤولين في النظام السوري بتهمة ارتكاب انتهاكات خلال النزاع في سوريا.