كشفت وسائل إعلام ألمانية، أمس السبت، عن انتشال جثث عائلة طبيب ألمانية مكونة من 6 أفراد، استشهدت في قصف إسرائيلي على قطاع غزة قبل أسبوعين.
وبحسب صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية، استشهد يوسف أبو جاد الله (39 عاما)، الذي كان يعمل طبيبا في ألمانيا، وزوجته آية، وأطفالهما صلاح الدين (10 أعوام)، ومحمد (9 أعوام)، وعبد الرحمن (3 أعوام)، وعمر (رضيع)، نتيجة قصف إسرائيلي على منزلهم في غزة.
كان من المفترض أن يبدأ يوسف أبو جاد الله عمله الجديد في إحدى مستشفيات مدينة دورتموند الألمانية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني؛ ولكن قبل ذلك أراد عضو تجمع الأطباء الفلسطينيين في ألمانيا مختص التخدير، أن يزور عائلته في قطاع غزة.
وكان أبو جاد الله، يريد أن يبني منزلا على قطعة أرض اشتراها في غزة، إلا أنه استشهد، وفق أقاربه، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في غرفة المعيشة بالمنزل الذي كان يقيم فيه مع عائلته، نتيجة القصف الإسرائيلي.
وقال أحمد أبو جاد الله، شقيق يوسف، في تصريح صحفي، إنهم تمكنوا “من انتشال جثث شقيقه وعائلته من تحت الأنقاض بعد أسبوعين من مقتلهم”، وفق صحيفة زود دويتشه تسايتونغ.
وكان أحمد، الذي يحمل أيضا الجنسية الألمانية ويبلغ 28 عاما، قد تمكن من مغادرة غزة قبل أيام، وموجود الآن في مدينة فرانكفورت حيث درس علم الحاسوب، لكنه يمكث في أحد المستشفيات بسبب معاناته من مشاكل صحية.
عائلة أبو جاد الله لم تعد موجودة
ونشرت الصحيفة الألمانية مقالا مطولا على صفحتها الأولى بعنوان “عائلة أبو جاد الله لم تعد موجودة”، مُرفَقا بصور للعائلة، التي كانت تبدو سعيدة، قبل الحرب، الأب والأم وأبناؤهما الأربعة الصغار، ومن بينهم طفل رضيع، الذين حصلوا على الجنسية الألمانية.
ويروي شقيق أبو جاد كيف رفعت عائلته ركام البيت المقصوف وكيف عثروا على القدم اليمنى لأخيه يوسف ورأس زوجته آية. ولم يتم التمكن من إيجاد معدات رفع الركام إلا بعد مضي أسبوعين من الحادث، ولم يتم العثور إلا على عدد قليل من أشلاء الأطفال. وبالتالي فإن شهادات الوفاة التي اطلعت عليها الصحيفة تشير إلى أن تاريخ الوفاة مسجلا في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني.
وقبل استشهاده بيومين، كتب يوسف لصديقه الدكتور حزة الجبالي، رئيس قسم المسالك البولية في إحدى المستشفيات في ولاية “ساكسونيا أنهالت”، عبر واتساب يقول “اسمع، الوضع هنا يفوق خيالك. هذه أرقام إخواني، إذا لم تسمع مني لفترة من الوقت، اسألهم عني. وإذا حدث لي أي مكروه، أخبر جميع السلطات المهمة، لأن معظم رسائلي لديك”.
ويعرف أبو جاد الله والجبالي بعضهما البعض منذ عام 2004 ودرسا الطب معا في الأردن. وفي نهاية دراستهما، تعلما اللغة الألمانية معا في المساء في معهد جوته في عمّان.
ويحمل الجبالي الآن مجموعة من الطرود أمام الكاميرا، وكلها رسائل كانت موجهة إلى صديقه يوسف. وبما أنه كان يبحث عن شقة جديدة في مدينة دورتموند، فقد تم تحويل الرسائل البريدية إلى عنوانه. والآن يتعين على حمزة الجبالي أن يبلغ ألمانيا بأن صديقه لن يعود.
وأول شيء فعله الجبالي هو الاتصال بصاحب العمل الجديد، ليخبره أن “يوسف أبو جاد الله الذي كان من المفترض أن يبدأ معكم لم يعد موجودا”، ثم جاء دور شركة التأمين الصحي، ثم نقابة الأطباء. يقول الجبالي، الذي لديه طفلان “إنها ليست مهمة لطيفة”.
وفي وقت سابق، قالت وزارة الخارجية الألمانية، في تصريح صحفي: “مع الأسف، علينا الآن أن نفترض أن عائلة ألمانية؛ من بين ضحايا الصراع في غزة”.
وأبو جاد الله وعائلته، أول مواطنين ألمان يقتلون في غزة نتيجة القصف الإسرائيلي.
وجدير بالذكر أن ألمانيا تعد من أكثر الدول الأوروبية تأييدا لإسرائيل ولحربها ضد قطاع غزة.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت 17 ألفا و700 شهيد، و48 ألفا و780 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين ويعتقد أنهم لقوا حتفهم تحت الأنقاض، ودمارا هائلا في البنية التحتية، وكارثة إنسانية غير مسبوقة.