عندما عاد الشاب أحمد ولد سيدي محمد البربوشي، من المغرب إلى مالي منهيًا رحلة دراسية قادته -أيضًا- إلى مصر، ومكّنته من الحصول على “البكالوريوس” في الأدب والترجمة بين العربية والإنجليزية والفارسية، كانت الدنيا مغلقة أمام هذا الشاب العربي القادم من محيط غير فرنكفوني.
وكانت الحدّة العربية الكامنة في عروقه وراء فورة غضب صارمة، بعث بموجبها رسالة إلى معلّمه السابق الرئيس المالي الأول موديبو كيتا، يتّهمه فيها بالعنصرية ومعاداة الإنسان العربي، ثم تأبّط حقائبه واتجه إلى موريتانيا التي احتضنته وترقّى في وظائفها سياسيًا ودبلوماسيًا، دون أن يتخلّى عن مشروعه التحررّي، الذي كان جزءًا من إستراتيجية “عروبية”، عمِل عليها الرئيسان الراحلان: الموريتاني المختار ولد داداه، والليبي معمر القذافي، حيث وفّرت موريتانيا للقبائل العربية جوازات سفر موريتانية، بينما تولّت ليبيا التأطير في الجامعات الليبية والتدريب العسكري في الثُكنات، ليتلاشى المشروع بعد ذلك، بين إرادات متصارعة وإستراتيجيات متناقضة.
في نهاية الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، أسّس ولد سيدي محمد، الحركة العربية الإسلامية لتحرير أزواد، لتكون منذ ذلك التاريخ جزءًا أساسيًا من مفاوضات السلام المتكررة منذ أكثر من 30 سنة، دون أن تحقق مطالب الأزواديين، أو تدفعهم إلى ترك السلاح.
يمكن رؤية أحمد ولد سيدي محمد البربوشي، صورة لحياة المجتمعات العربية في منطقة الساحل، حيث تتعايش الخصوصيات القومية مع إخفاقات الدول الساحلية، وأزمات الجفاف الماحق، والاستبداد السياسي والمجتمعي، الذي عاملت به القوى الحاكمة في منطقة الساحل الأقليات العرقية، خاصة العرب.
حفدة الفاتحين ورعاة الإبل وخصوم الحكومات
يمتد الشريط العربي في منطقة الساحل -بمفهومه الضيق- في فضاء صحراوي متكامل، ينتهي غربًا في موريتانيا -التي يمكن أن نعدّها الدولة المركزية لعرب الصحراء الساحلية- بينما تنتهي جنوبًا في تشاد -التي يمكن أن نعدّها الحد الأقصى للساحل-. أما منطقة الساحل بمفهومه الواسع، فيشمل أجزاء من السودان، وتنتهي شرقًا عند البحر الأحمر.
ويمتاز العرب في هذه المنطقة بالزّيّ المشترك، وكذا اللهجة العربية التي تتباين في قربها مع اللغة العربية، حيث تعدّ الحسانية -المتحدّث بها في موريتانيا وأزواد والصحراء الغربية- أقرب إلى الفصحى من غيرها من اللهجات العربية الأخرى في المنطقة.
ويُنمِي عرب الساحل أنسابهم إلى أصول قرشية وأنصارية غالبًا، ومن أشهر المجموعات الكبرى في الساحل، قبائل بني حسان التي ينتمي إليها عدد كبير من المجموعات العرقية في موريتانيا وأزواد، وقبائل كنته وتجكانت، في مالي وموريتانيا والنيجر، إضافة إلى قبائل أولاد سليمان والمحاميد في السودان وتشاد والنيجر. وضمن هذه “الفيدراليات” القَبَلية الكبرى توجد مئات الفروع والأفخاذ والقبائل الصغيرة التي تشكّل خريطة متنوعة، من عرب الساحل الذين يعيشون على الهامش -غالبًا- باستثناء دولتهم المركزية موريتانيا.
ويواجه عرب الساحل اليوم حالة قديمة متجددة من تصاعد المخاطر، بحكم التطورات السياسية والأمنية الجارية في المنطقة، خاصة سقوط النظام في النيجر، و”انهيار” اتفاق السلام في مالي، وما أسفرت عنه حالة الاستقطاب الشديد في السودان، بعد اندلاع القتال بين الجيش والدعم السريع من مواقف تجاه “المكوّن العربي” هناك.
عرب ديفا بالنيجر.. من المطاردة إلى الحكم فالانقلاب
بدأ وصول العرب إلى النيجر مع دخول طلائع الفاتحين الأولين إليها في القرن الهجري الأول (السابع الميلادي)، وتعزز حضورهم مع حكم دولة المرابطين لها، بعدما أسقطوا مملكة غانا، أقدم الإمبراطوريات التاريخية في غرب أفريقيا.
وكانت قبائل أولاد سليمان من أوائل القبائل العربية وصولًا إلى النيجر في المراحل اللاحقة، حيث اجتاحت جيوشهم أراضي مملكة “كانم”، واختلطوا بقبيلة شوا البدوية ذات العادات العريقة في الرعي.
وتتمتع قبائل أولاد سليمان بامتداد وحضور في دول عدة؛ بينها النيجر وتشاد، بينما يتركز حضورها في جنوب ووسط ليبيا، وتنحدر أصولها من قبائل بني سليم العربية العدنانية القيسية بنجد وسط الجزيرة العربية، وقد هاجرت بعض بطونها إلى شمال أفريقيا في القرن الحادي عشر.
وقد أطلق السكان المحليون على تلك المجموعات القبلية مسمى “الأبالة”؛ حيث عُرفوا بامتهان رعي الإبل وبيعها، ويعيشون متنقلين بين المراعي في الصحراء.
ويعدّ الرئيس النيجري المُطاح به محمد بازوم، أول عربي يصل إلى أرفع منصب في النيجر، لكنه لم يتمتع كثيرًا بالسلطة، ليعود التحريض على العرب من جديد إلى ما كان عليه منذ عقود.
وينتمي بازوم إلى عشيرة الميايسة التي هي جزء من أولاد سليمان، أولى التاريخ العريق في صحراء ليبيا وتشاد والنيجر.
وقد تضاعفت أعداد العرب في النيجر خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الميلادي المنصرم، مع نزوح أعداد من عرب المحاميد إليها قادمين من تشاد، بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة في السبعينيات والحرب التشادية الليبية، وحمل هؤلاء لاحقًا اسم “عرب ديفا”؛ بسبب إقامتهم في ولاية ديفا بجنوب شرق النيجر، على الحدود مع تشاد (1500 كيلومتر شرقي العاصمة نيامي).
بيد أن هؤلاء تعرضوا لمحنة قاسية في 2006، حين بدأت حكومة النيجر حملة تضييق ومطاردة لهم، وقررت ترحيل 150 ألفًا منهم إلى تشاد، متهمة إياهم بحيازة أسلحة غير مرخصة، وتهديد أمن المجتمعات المحلية، وبأن إبلهم ومواشيهم تستنزف المياه، مما أدى إلى نشوب نزاعات بين البدو والمزارعين.
لكن نيامي عَدَلَتْ -لاحقًا- عن قرار الطرد، بسبب ما قالت إنه تدخّل من دول صديقة مجاورة، وقررت توجيههم إلى مناطق ذات مراع ومياه أكثر.
ومع الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، عادت مخاوف الانتقام العرقي والتصفية السياسية لتطلّ برأسها من جديد، رغم عدم وجود مؤشرات عليها حتى الآن.
على المستوى الاقتصادي، ينشط كثير من أبناء المجموعة العربية في الرعي، ويملكون ثروة كبيرة من الإبل والأغنام، إضافة إلى نشاطهم في التجارة بين دول المثلث الصحراوي: تشاد والنيجر وليبيا، كما استطاع عدد منهم خلال السنوات الماضية اقتحام حقل التصنيع والمقاولات الكبيرة، إضافة إلى تعزيز حضورهم في البرلمان ومؤسسات الدولة، رغم أن نسبتهم تتراوح بين 1 إلى 2% من سكان النيجر، وفقًا لبعض التقديرات.
ويتهم الانقلابيون في النيجر الرئيس بازوم بإنشاء كتائب من العرب، أمدّ ببعضها قوات الدعم السريع السودانية، ويقدر خصوم بازوم أعداد المنخرطين في هذه الكتائب بالآلاف، وهو ما تنفيه مصادر متعددة، وينقل عن بازوم نفسه رفضه، وتمسكه بالسودان القوي غير المفتّت.
وقد أكّد الكاتب والصحفي السوداني الصادق الرزيقي، في مقال له بالجزيرة نت أن بازوم نفى بشدة -خلال لقاء جمعهما بالقصر الرئاسي في نيامي قبيل الانقلاب- وجود أي دعم رسمي منه لقوات الدعم السريع، وقال إنه وجّه بالقبض على أولئك الذين ظهروا في التسجيلات المصورة منادين بمناصرة تمرد الخرطوم.
وأشار الكاتب إلى أن بازوم قال “إنه شعر في اللقاء الذي جمعه بحميدتي في حفل تنصيبه، أن المسافة واسعة بين رجل الدولة وما عليه ضيفه، الذي يقود مجموعة عسكرية مقاتلة وجدت نفسها في السلطة، دون إلمام كافٍ بفنون الحكم وأصوله”.
“عرب السودان”.. مكوّن رئيس في فسيفساء اجتماعية
تعدّ دولة السودان -التي تشهد الآن معارك شرسة بين الجيش وقوات الدعم السريع- إحدى كبريات الدول العربية، وتبلغ نسبة العرب نحو 70% من سكانها، ويمثلون جزءا أساسيًا من النسيج الاجتماعي في السودان، خاصة في إقليم دارفور الذي يعدّ صوتًا صارخًا لأزمة الهُوية المعقدة والشائكة في السودان، وبالتحديد منذ أن كتبت المجاعة -وما جلبته من ويلات- التعايش القسري بين المزارعين والعرب “الأبالة” أصحاب المواشى، الذين انحدروا نحو الجنوب يسوقون مواشيهم وعاداتهم وخصوصياتهم، التي لم يتّسع لها الجنوب، لا في حقوله، ولا أفئدة سكّانه.
ورغم أن السودان بلد عربي، عضو في الجامعة العربية، واللغة العربية لغته الرسمية والأولى في الإدارة والتعليم، ومع ذلك فقد ارتبط اسم العرب -وبالذات في درافور- في أحيان عديدة بالحديث عن سكان البدو، الذين تحوّل عدد منهم -بعد ذلك- إلى الانخراط في كتائب مسلحة، أقامتها الأنظمة لتقمع بها قوة مناوئة، أو تخمد ثورة عرقية، قبل أن تشبّ تلك الكتائب عن الطوق، وتكون -كما يقول بعضهم- عنوان “ورم عسكري مؤلم”، أخذ مرة اسم الجنجويد، ثم تطوّر -لاحقًا- إلى الدعم السريع، التي هي الآن الطرف الثاني في الصراع العنيف المستمر منذ أشهر عدة في السودان.
وقد أخذت مكانة القبائل العربية في المشهد السياسي بُعدًا متصاعدًا منذ حقبة الرئيس الأسبق جعفر النيمري، قبل أن تتعزز بشكل كبير مع الرئيس المطاح به عمر حسن البشير، الذي نظّم “الأعراب” في كتائب قوية استفاد منها النظام في كسر حركات التمرد، قبل أن تفتح عليه باب غضب دولي، واضطرابات محلية، انتهت بانقلاب عسكري، كان للكتائب العربية فيه دور أساسي.
ومع الصراع العسكري الأخير، عاد مشكل العرب ومكانتهم في المشهد السياسي والاجتماعي إلى الواجهة، حيث يعدّون جزءًا أساسيًا من كتائب قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي، (أو على الأقل يمثّلون العنصر الأبرز فيها)، وسط حديث واسع عن حضور للعناصر العربية بين مجموعات استجلبتها قوات الدعم السريع من دول الساحل، وبالذات من النيجر وتشاد، مما جعل هؤلاء في مواجهة تحريض سياسي وإعلامي من قِبل إعلام الطرف الآخر، والقوى السياسية والمجتمعية الداعمة له.
وضمن اللهب السوداني المتناثر يحترق أكثر من شعار وجهة وعرق، ويبدو العرب في قمة اللهب حرقًا واحتراقًا.
عرب مالي.. “بيظان” فرّقت بينهم الحدود مع موريتانيا
وضع السياسي الفرنسي كزافييه كبولاني مشروع دولة عربية كبيرة تحمل اسم “أرض البيظان”، تمتد من شاطئ نهر السنغال إلى حدود النيجر، لتؤسس بذلك “كونفدرالية” المجموعة العربية في منطقة الساحل، غير أن مقتل كبولاني سنة 1905 في مدينة تجكجة الموريتانية، على يد الشهيد سيدي ولد مولاي الزين، أرغم فرنسا على التراجع عن هذا المشروع الكبير، وتوزيع القومية العربية، أو ما يُعرف بـ”قبائل البيظان” بين دول متعددة.
وفي مالي تقيم أكثر من 60 قبيلة، معظمها تمثّل امتدادًا للقبائل العربية في موريتانيا والجزائر، ومن بينها: قبائل لبرابيش وأولاد داود، ولمهار، وأولاد عيش، وأولاد غنام، وأولاد ملوك، والشرفاء، والنواجي، وكنته، ومشظوف، وتجكانت، والجعافرة، وتاكاط.. وغيرهم.
ومع إرهاصات الاستقلالات الأفريقية، حاول الرئيس الموريتاني الأسبق المختار ولد داداه إحياء مشروع أرض البيظان، عندما قال إن بلاده هي طائر جناحاه أزواد والصحراء، وهو ما أثار غضبًا مشتركًا لدى الملك المغربي محمد الخامس، والرئيس المالي موديبو كيتا، لتجد موريتانيا نفسها مرغمة على القبول بقصّ جناحيها.
وقد عانى العرب طوال فترات التاريخ السياسي المعاصر لمالي ويلات من الاضطهاد، ضمن حرب مفتوحة استهدفت السكان غير السود، الرافضين لما يرونه حرمانًا من حقوقهم السياسية، حيث كانوا ضحايا مجازر وتهجير وتدمير للقرى والمدن.
وانتظم السكان العرب في حركات سياسية متعددة، من أشهرها: الحركة العربية لتحرير أزواد، كما مثّل جزء من المقاتلين العرب ركنًا أساسيًا في الحركات الإسلامية المسلحة (القاعدة وأخواتها)، بل تمكّنت هذه الحركات بشكل كبير من اختراق النسيج العربي والأزوادي بشكل عام، من خلال المصاهرات والتجنيد.
واستطاع العرب الأزواديون خلال العقود المنصرمة إقامة قوة اقتصادية كبيرة، اعتمدت على تصدر النشاطات التجارية في المنطقة، وممارسة التهريب بالنسبة لبعضهم، حيث يعدّ تهريب السجائر والبنزين والأسلحة، -وربما المخدرات- مصدر ثراء كبير لعدد من سكان الصحراء الأزوادية، ومن مختلف القوميات.
ويبدو العرب الأزواديون أقرب إلى موريتانيا، من حيث الشكل والعادات والهُوية، ويقيم الآلاف منهم لاجئين في مخيم “امبرة” بأقصى الشرق الموريتاني. كما تشتبك الخيوط الاجتماعية، وأواصر القرابة بينهم مع عدد من أرحامهم وأصهارهم في موريتانيا.
ويعاني العرب الماليون من استلاب ثقافي تام بفعل نظام التعليم العربي في مالي، الذي لا مكان فيه للغة العربية، حيث يسعون خلال هذه الفترة الأخيرة إلى إقامة نظام تعليمي هجين؛ عربي فرنسي بالتعاون مع موريتانيا، لصالح الآلاف من اللاجئين المقيمين في مخيم امبرة، بعد أن اجتمع عليهم التشرد والعسف الثقافي الفرنكفوني، وتقطعت بهم الأسباب في لجوء لا يلوح في الأفق أمد قريب لانتهائه.
تشاد.. عرب تحت رحمة الفرنكفونية
تتعايش في تشاد قبائل عربية متعددة، وتذهب بعض المصادر إلى كون العرب أغلبية سكان تشاد، لكن الفرقة والشتات السياسي والفكري، والذوبان الاجتماعي في القوميات الأفريقية، حدّ من تأثير هذا الفصيل العربي النازح إلى تشاد على جياد الفاتحين وقوافل التجار الدعاة.
وتأسست القومية العربية في تشاد من نازحين من أنحاء متعددة من الجزيرة العربية، فمنهم على سبيل المثال: قبائل البرقو حكام وسكان “مملكة ودّاي” الذين يعدّون أنفسهم بقايا من العباسيين الفارين من بطش التتار.
ومن بين القبائل العربية الأخرى: قبائل الحساونة وجهينة اللتان تضمان قبائل وبطونًا كثيرة، ومن بينها: قبيلة الرزيقات التي لها امتدادات واسعة على مستوى دول المنطقة، وقبائل: السلامات والقرعان والمسيرية، وغيرها.
ومن بين القبائل التي لها حضور بارز في تشاد -أيضًا-: قبيلة المحاميد التي لها امتداد وحضور في دول عديدة أخرى، التي هاجرت منها أعداد كبيرة من تشاد إلى النيجر، في منتصف سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي.
ويعيش عرب تشاد في الشمال غالبًا، ويخوضون معركة متواصلة من أجل إثبات الهُوية والتمكين للغة العربية، التي كانت اللغة الأولى في عهد الممالك الإسلامية التي حكمت البلاد، قبل أن يتراجع حضورها مع قدوم المحتلّ الفرنسي، ثم عادت -بعد كثير من النضال- لتصبح مرة أخرى لغة رسمية في البلاد، إلى جانب اللغة الفرنسية.
واستطاع الناطقون بالعربية خلال العقود المنصرمة تحقيق مكاسب متعددة؛ منها: إقامة جامعات متخصصة، ومدارس عربية، غير أن استعادة الهُوية الكاملة لا يزال بعيد المنال، في ظل نظام فرانكفوني يقول معارضوه إنه أحد أكثر الأنظمة قربًا لفرنسا في المنطقة، وفي بلد يعيش على ركام الصراع العرقي والأزمات منذ عقود.
فرّقتهم البلدان ووحدتهم الغربة والاستهداف
بين دول الساحل، لا يزال طموح الزعامة ومطالب الخصوصية الحضارية ظاهرًا بقوة لدى القومية العربية، التي تعيش شتات الانتماء بين بلدان متعددة، ويجمع بين هؤلاء السحنة العربية السمراء، حيث صهرت أجسامهم شمس الساحل الحارقة، وتقلبات الزمن وعوامل المصاهرة مع القوميات الزنجية المختلفة، كما يجمعهم اللسان اللهجي الذي يقترب من اللغة العربية غالبًا.
وإضافة إلى ذلك فللعرب في كلٍّ من: تشاد والنيجر ومالي قصة وجود ومشاركة في السياسة والحكم، وصراع ونضال من أجل الهوية، وفي الذاكرة الجماعية لهؤلاء العرب كثير من المآسي وقصص النزوح، وتعلّق شديد بالشرق العربي الذي يوغل في البُعد منهم لسانًا وهُوية وثقافة، وتجاهلًا دائمًا لمآسيهم، وصممًا تجاه مطالبهم ومطامحهم العابرة للزمان والمكان، الذي يضيق بهم أكثر كلما بنوا أحلام السياسة، والاندماج على رمال صحراء الساحل المتموجة.
المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي