بعد أن انسحبت القوات الإسرائيلية من خان يونس في قطاع غزة استقر عزم أفراد عائلة النجار على مواجهة مصاعب ربما تكون أكثر مشقة مما شهدوه من قبل، وحين عادوا إلى مدينة غزة وجدوا أن منزلهم قد دكه القصف الإسرائيلي.
وبعد أن شاهدوا ما نال منزلهم من دمار علموا أنهم سيواجهون مزيدا من المجهول الناجم عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من 6 أشهر، من دون بادرة في الأفق لوقف إطلاق النار، في الوقت الذي تضغط فيه الأزمة الإنسانية على السكان الذين قد يجدون أنفسهم بين براثن مجاعة.
وقالت أم إياد النجار إن الأسرة ستنصب خيمة بعدما كانت تعيش في منزل مريح مع زوجها وابنتها وأحفادها، وواصلت حديثها بالعامية “أنا بأعمل لي خيم وأقعد فيها، وين نقعد هنا؟.. إنت عارف، الخيم على بعضها وكلها حر، في النهار نار، وفي الليل تلج.. إيش يعني شعورنا هناك؟ لا أكل ولا ميه زي الناس ولا صحة زي الناس”.
وأضافت “وضعنا هناك في الخيم والناس يعني إشي غريب.. كلهم غريبين اللي حوالينا يعني لا تجد أقارب نقعد مع بعضنا ونتحدث.. يعني كل حاجة اتدمرت، الحمد لله، هنضل قاعدين كما نحن قدام بيتنا، فأقاربنا أكثرهم ماتوا.. ما في عيد، فيش بيت إلا فيه جريح، فيش بيت إلا فيه شهيد”.
أما إبراهيم النجار زوج أم إياد فيترحم على ما مضى قائلا إنه كان يعدد النعم طوال حياته في غزة التي كانت -في ظل فقرها- مفعمة بالحياة بما فيها من مطاعم ومستشفيات ومدارس.
وقال “طول عمري وأنا قاعد مبسوط والخير كتير والحمد لله، ما خلوا لنا لا وراءنا ولا قدامنا”.
وأضاف “كان عندنا غنم، كان عندنا بقر كله راح، 250 خروف غير البقر والعجول، وكنا ندبح ونبيع لحم وناكل لحم.. والله أنا عندي داري أحسن من كل الدنيا، عشت هنا وسأموت هنا”.
وسحق الصراع كثيرا من معالم الحياة في القطاع، مما دفع الأسر للجوء إلى مدارس أو خيام، وأصبح العثور على الطعام صراعا يوميا.
وقالت سلطات غزة إنها عثرت على أكثر من 60 جثة في خان يونس منذ مغادرة القوات الإسرائيلية بعد أن ظلت هناك بضعة أشهر.
وتحول جزء كبير من قطاع غزة -وهو إحدى أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم- إلى أنقاض، وتحولت الأحياء إلى أرض قاحلة، ليتساءل كثير من الفلسطينيين عما إذا كانوا سيقدرون على إعادة بناء منازلهم.