عشية المناظرة الرئاسية المرتقبة في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا بين المرشحين لانتخابات الرئاسة الأميركية، المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب.، تشتعل المنافسة بينهما وتسود حالة من الترقب بشأن تداعيات المواجهة الأولى على آراء الناخبين، وخصوصا المستقلين والمترددين.
ويأمل المرشحان في تقديم أداء جيد في المناظرة التلفزيونية الأولى التي قد تكون الأخيرة، مساء غد الثلاثاء، لبناء زخم جديد يمكن أن يسهم في تحقيق الانتصار مع تبقي أقل من شهرين على إجراء الانتخابات.
كيف يستعد المرشحان؟
وخلال “نافذة الانتخابات الأميركية” قالت مراسلة الجزيرة وجد وقفي إن هاريس تستعد لهذه المناظرة بالكثير من التدريب والتمرينات، حيث إنها المناظرة الرئاسية الأولى لها، في ظل تعويل كبير من قبل الحزب الديمقراطي عليها للوقف أمام شخص اعتاد على مهاجمة منافسيه بضراوة.
وكشفت وقفي عن إنشاء الحزب في الفندق الذي تقيم فيه هاريس إستوديو مشابه للذي ستجري فيه المناظرة، كما جرى تعيين شخص يمثل ترامب، قام خلال التمرينات بمهاجمة هاريس بشراسة وكال لها الانتقادات في موضوعات مختلفة، وجرى ذلك خلال ساعات طويلة على مدار الأيام الأربعة الماضية.
في حين، يرى مراسل الجزيرة عبد الفتاح فايد أن ترامب يبدو أكثر ارتياحا من هاريس قبل هذه المناظرة ويراهن على أنها ستكون فرصته للإطاحة بها كما فعل مع جو بايدن، وذلك من خلال التركيز على النقاط الأكثر حساسية والمتعلقة بالوضع الاقتصادي المتأزم والتضخم غير المسبوق.
ويشير فايد إلى أن كلا المرشحين سيلجأ إلى مهاجمة شخص الآخر، حيث ترى هاريس أن ترامب يمثل خطرا على الأمن القومي ويمثل شخصية غير مستقرة، في حين يصفها ترامب بأنها فاشية يسارية متطرفة، وأنها أكثر فشلا من بايدن الذي يصف فترته بالأسوأ في تاريخ البلاد.
وقالت هاريس إنها تتوقع أن يسرد منافسها الجمهوري ما وصفتها بالأكاذيب خلال مناظرتهما المتوقعة يوم غد الثلاثاء، مرجحة أن يشن عليها ترامب هجوما شخصيا خلال المناظرة، حيث أشارت إلى أن هذه أساليب سبق أن لجأ إليها ضد كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون.
رهان على أخطاء المنافس
وفي السياق، اتفق ضيفا النافذة على أن كلا المرشحين يعول على ما يمكن أن يرتكبه الآخر من أخطاء خلال المناظرة تظهره بشكل سلبي أمام الناخبين، مما يرفع من رصيده في المقابل.
وقالت الدكتورة ميلاني مكاليستر، رئيسة قسم الدراسات الأميركية في جامعة جورج واشنطن، إن الحزب الديمقراطي يأمل أن تؤدي أخطاء ترامب، وخاصة أسلوبه “المتنمر”، إلى فقده جانبا من شعبيته بعد المناظرة، كما يراهن على عدم ارتكاب هاريس لأخطاء مماثلة أمام الناخبين.
وأضافت مكاليستر أن الناس يترقبون شكل الرئيس المقبل وأسلوبه، حيث يعرفون أسلوب ترامب، بينما يظل تقديم المرشحين لشخصيتهما جزءًا أساسيًا من المناظرة.
وأوضحت أن الإستراتيجية الأساسية للحزبين ستكون التركيز على الأفكار التي تلقى قبولًا بين الناخبين، مشيرة إلى أن ترامب قد يتمسك ببعض الشعارات التي أثبتت فعاليتها، دون توقعات بتغييرات جذرية في حملته.
أما البروفيسور غريغوري كوغر، أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة ميامي، فيرى أن هاريس ستسعى من خلال المناظرة لتعريف الأميركيين بنفسها وسياساتها، خاصة أن تأخر ترشيحها أثار تساؤلات حول أولوياتها.
وأضاف كوغر أن ترامب سيركز على تذكير مناصريه بأسباب عدم الثقة بهاريس، كما سيحاول تعزيز رؤيته لأميركا التي تتماشى مع توجهات قاعدته الانتخابية.
ويرى البروفيسور الأميركي إلى أن هاريس تمتاز بشخصية ودودة وخبرة واسعة في الخدمة العامة، في حين يعتمد ترامب على التواصل المباشر مع الأميركيين واقتراح سياسات تخاطب قطاعات واسعة منهم، وهو ما يجعله يبدو قريبًا من الشعب.
ولا يتوقع كوغر أن تؤثر هذه المناظرة في الناخبين المترددين، لكن الأثر الأكبر سيأتي من التغطيات الإعلامية ومقاطع الفيديو التي ستُبث بعدها وهو الأمر الذي اتفقت معه فيه مكاليستر.
استطلاعات الرأي
وتظهر استطلاعات الرأي تقاربا كبيرا بين المتنافسين، حيث أفادت صحيفتا واشنطن بوست وبوليتيكو بأن أحدث استطلاعات الرأي أعطت أول مؤشر على تراجع الزخم الذي تمتعت به هاريس منذ دخولها السباق قبل نحو 7 أسابيع.
وكان استطلاع رأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز وكلية سيينا أظهر تقدم ترامب على هاريس بنقطة مئوية واحدة، إذ أيده 48% من الناخبين المستطلعة آراؤهم، في حين أعرب 47% عن دعمهم للمرشحة الديمقراطية.
وقالت صحيفة بوليتيكو إن هاريس تحافظ على تقدمها على المستوى الوطني بما يتراوح بين 1 و3 نقاط مئوية في متوسط استطلاعات الرأي، رغم تقدم ترامب عليها في الاستطلاع الذي أجرته نيويورك تايمز
وأضافت الصحيفة أنه نظرا إلى الميزة التي يتمتع بها الجمهوريون في المجمع الانتخابي، فإن تقدم هاريس الحالي على المستوى الوطني يشبه إلى حد ما فوز هيلاري كلينتون غير الكافي بنقطتين في التصويت الشعبي في عام 2016، مقارنة بفوز الرئيس بايدن بـ4 نقاط في عام 2020.
كما نوهت إلى احتدام التنافس بين المرشحين في الولايات السبع المتأرجحة لدرجة أن تقدم أي منهما على الآخر في تلك الولايات لا يتجاوز 3 نقاط مئوية، وهي نسبة تقع ضمن هامش الخطأ.
وفي سياق متصل، أظهر استطلاع أجرته صحيفة واشنطن بوست أن 82% من الناخبين السود سيصوتون لصالح هاريس، وذلك ارتفاعا من 74% فقط من هذه الفئة قالوا في أبريل/نيسان الماضي إنهم سيصوتون لبايدن.