تجددت الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة اليوم الأربعاء بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم، بالتزامن مع استمرار المفاوضات بين الطرفين بوساطة أميركية سعودية في مدينة جدة، في وقت وصلت فيه طائرة قطرية تحمل على متنها 35 طنا من المساعدات الطبية إلى السودان.
وقال شهود عيان إن الاشتباكات تجددت صباح الأربعاء في مدينتي بحري (شمالي الخرطوم) وأم درمان (غربيها) بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مع استمرار تحليق الطيران الحربي لقصف تجمعات الدعم السريع.
ودخلت اشتباكات السودان شهرها الثاني في ظل معاناة إنسانية يفاقمها نقص الوقود والخبز والكهرباء وشح المياه، واستمرار حالة النزوح من مناطق القتال.
وأمس الثلاثاء، أعلنت نقابة أطباء السودان (غير حكومية) ارتفاع عدد القتلى إلى 822 مدنيا منذ بدء الاشتباكات يوم 15 أبريل/نيسان الماضي.
وقال مصدر عسكري في الجيش للجزيرة إن القوات المسلحة السودانية تمكنت أمس الثلاثاء من إحباط هجمات لما سماها مليشيا الدعم السريع من 3 اتجاهات مختلفة.
وبحسب المصدر، فإن هدف الهجمات كان زعزعة الاستقرار في القاعدة الجوية العسكرية بمنطقة “وادي سيدنا” في أم درمان.
وقال المصدر إن قوات الجيش تمكنت من استعادة السيطرة على بعض المناطق التي انسحبت منها أمس الثلاثاء، ومن بينها قيادة القطاع الأوسط للقوات الجوية، وفرع الرياضة العسكرية بوسط الخرطوم.
في المقابل، قالت قوات الدعم السريع إن من وصفتها بقوات الانقلابيين وفلول النظام البائد حاولت فجر أمس الثلاثاء مباغتة تجمعات قواتها في منطقة شمال بحري، لكن الدعم السريع تصدى للقوة المعتدية.
وبثت قوات الدعم السريع مقطع فيديو عبر تويتر، قالت إنه يظهر سيطرتها على قيادة قوات الدفاع الجوي في الخرطوم الليلة الماضية عقب معارك مع الجيش السوداني.
وتظهر اللقطات المصورة أفرادا من قوات الدعم السريع يقفون أمام مبنى قوات الدفاع، عقب ما قالوا إنها معارك واشتباكات مع قوات الجيش السوداني.
مباحثات جدة
سياسيا، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن السفير جون غودفري ما زال في جدة لدعم المحادثات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني بشأن وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية.
من جهته، قال مصدر دبلوماسي سوداني مطلع، للجزيرة، إن المفاوضات بين طرفي القتال، بوساطة أميركية سعودية، لا تزال متواصلة في مدينة جدة السعودية، ولكن بشكل غير رسمي.
وأضاف أن الوفدين لم يجلسا إلى طاولة واحدة، وجرى فقط تبادل المذكرات عبر الوسطاء، وأن النقاش بشأن الهدنة يمضي بشكل جيد، في ظل توافق الطرفين على أن تكون مدة الهدنة القادمة 5 أيام قابلة للتجديد
وأشار إلى استمرار وجود خلافات بشأن الترتيبات العسكرية المفترض أن تسري عقب إعلان الاتفاق الجديد.
والخميس الماضي، اتفق الجيش السوداني والدعم السريع على “إعلان جدة”، الذي يتضمن التزامات إنسانية تنفذ فورا، وجدولة لمحادثات مباشرة جديدة مستمرة في السعودية على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
مساعدات قطرية
إنسانيا، أعلنت وزارة الخارجية القطرية وصول طائرة قطرية تحمل على متنها 35 طنا من المساعدات الطبية إلى السودان، تشمل أجهزة ومعدات، مقدمة من صندوق قطر للتنمية والهلال الأحمر القطري وقطر الخيرية.
كما أشار بيان الخارجية إلى إجلاء 255 شخصا من حاملي الإقامة القطرية من مطار بورتسودان إلى الدوحة، ليصل مجموع من أُجلوا منذ بدء الأحداث إلى 1440 مقيما.
وصول طائرة قطرية تحمل مساعدات طبية وإجلاء مجموعة جديدة من السودان#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/ofl86AaaMD
— الخارجية القطرية (@MofaQatar_AR) May 17, 2023
وفي سياق متصل، قال حسن حامد المندوب الدائم للسودان بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إن ما سماه تمرد قوات الدعم السريع كانت له آثار خطيرة وغير مسبوقة على الوضع الإنساني، رغم جهود الحكومة للتخفيف من حدة هذه الآثار الكارثية.
وشدد المندوب السوداني بجنيف على ما سماه توخي المبادئ الدولية التوجيهية في إرسال وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في بلاده.
وفي التداعيات الإنسانية أيضا، أعلنت الأمم المتحدة أنها بحاجة إلى مليارين و560 مليون دولار في إطار خطتها للاستجابة الإنسانية في السودان.
وفي مؤتمر صحفي عقد اليوم الأربعاء في جنيف، أشار رؤوف مازو نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وراميش راجاسينغهام وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إلى أنّ 220 ألف شخص أصبحوا لاجئين في مصر وتشاد وجنوب السودان، جراء الاقتتال المستمر في السودان منذ شهر.
وأكد المتحدثون في المؤتمر الصحفي أن الأمر الملحَّ الآن هو دعم الفارين من السودان، ودعم الدول المضيفة لهم.
وتوقعت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، في مراجعة لخطتها من أجل البلاد أن “يبلغ عدد الفارين من السودان إلى مليون لاجئ هذا العام”.
وأضافت أن نحو 25 مليون شخص يمثلون أكثر من نصف سكان السودان بحاجة للمساعدات الإنسانية، محذرةً من أن”الوضع في السودان يتحوّل إلى أزمة إقليمية بوتيرة سريعة”.