يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انتقادات في الداخل والخارج مع تصعيد المقاومة الفلسطينية هجماتها في قطاع غزة بعد أكثر من 7 شهور من الحرب، فبينما هدد الوزير بحكومة الحرب بيني غانتس بالاستقالة، دعا زعيم المعارضة يائير لبيد غانتس وغادي آيزنكوت للخروج من الحكومة.
فقد أمهل غانتس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حتى 8 يونيو/حزيران المقبل لوضع إستراتيجية واضحة للحرب وما بعدها وإلا سينسحب من الحكومة.
وقال غانتس مساء أمس السبت في مؤتمر صحفي إن أقلية صغيرة سيطرت على قيادة إسرائيل وتقودها إلى المجهول.
وأضاف غانتس أنه يجب على وزراء مجلس الحرب العمل على تحقيق الأهداف الأساسية المتمثلة في إعادة المحتجزين في غزة، وتقويض حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ونزع السلاح من غزة، وإقامة ائتلاف أوروبي عربي لإدارة القطاع.
وجاء رد نتنياهو سريعا حيث قال إنه في الوقت الذي يحارب فيه الجيش الإسرائيلي في رفح، يختار غانتس توجيه إنذار لرئيس الحكومة بدلا من حماس.
واعتبر نتنياهو في بيان أن شروط غانتس تعني إنهاء الحرب وهزيمة إسرائيل والتضحية بالأسرى والإبقاء على حماس وإقامة دولة فلسطينية.
ومباشرة رد عليه مكتب غانتس بالقول إنه لو كان يستمع لغانتس لدخل الجيش الإسرائيلي رفح قبل شهرين وأنهى المهمة.
وأضاف أنه إذا كان نتنياهو يهتم بحكومة الطوارئ فعليه اتخاذ القرارات لا أن يجر رجليه خوفا من المتطرفين.
ردود داخلية
وفي ردود الفعل داخل إسرائيل على تصريحات غانتس، طالب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد عضوي مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت بالخروج الفوري من الحكومة.
وخاطب لبيد غانتس وآيزنكوت بالقول إن عليهما أن يخرجا من الحكومة، وإنه لا داعي لمؤتمرات صحفية وإنذارات فارغة.
وقال إن نتنياهو يواصل خداعه وكذبه، معتبرا أن هذه الحكومة كارثة حلت بإسرائيل، مؤكدا مواصلة “النضال من أجل عودة جميع المختطفين في غزة”.
وأضاف “الحريديم يقولون لنا نموت ولا نتجند، لكن في هذا الوقت أبناؤنا يقتلون لأنهم تجندوا”.
في المقابل، هاجم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير غانتس، واصفا إياه بالقائد الصغير والمخادع الكبير، وأنه كان منذ اللحظة الأولى لانضمامه إلى الحكومة يركز بشكل أساسي على تفكيكها.
واعتبر بن غفير زيارات غانتس للولايات المتحدة أنها لم تكن سوى جزء صغير من مؤامراته.
أما وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش فقد طالب نتنياهو باتخاذ قرار إستراتيجي بالسيطرة الإسرائيلية الكاملة على قطاع غزة.
بدوره، قال وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي إن غانتس يهدد بالاستقالة بحلول الثامن من يونيو/حزيران القادم إذا لم نستسلم لمطالبه وأقترح عليه تقديم الموعد إلى الغد، مضيفا أن غانتس يتحدث عن تحديد أهداف الحرب وهو يعني في الأساس جلب السلطة الفلسطينية للسيطرة على قطاع غزة.
تزايد الضغوط
وتقول رويترز إن تصريحات غانتس تظهر تزايد الضغوط على الائتلاف الإسرائيلي، الذي تهيمن عليه أحزاب اليمين المتطرف، مشيرة إلى أن وزير الدفاع يوآف غالانت طالب أيضا يوم الأربعاء بتوضيح خطط ما بعد الحرب، ودعا نتنياهو إلى التخلي عن فكرة احتلال قطاع غزة عسكريا مرة أخرى.
ويرزح نتنياهو تحت ضغوط من واشنطن لوضع حد سريع للصراع وتجنب التورط في حملة طويلة.
ضغوط شعبية
وتأتي هذه التطورات والتصريحات في وقت تستمر فيه مظاهرات عائلات المحتجين المطالبين باستقالة نتنياهو وإبرام صفقة تبادل، وهي مظاهرات نُظمت في تل أبيب وقمعتها الشرطة الإسرائيلية.
واستعملت وسائل القوة وسيارات للمياه العادمة لقمع المتظاهرين على طرفي الشارع خلال مواجهات اندلعت في المكان، وصادرت مقتنيات للتظاهر كانت بحوزة المحتجين.
كما أغلق متظاهرون شارع أيالون الرئيسي في المدينة في ظل حالة من الغضب تسود أوساط المتظاهرين والمطالبين بإعادة أسراهم والتوصل إلى إبرام صفقة مع حماس.
ويأتي كل ذلك في وقت تعلن فيه المقاومة الفلسطينية عن عمليات نوعية توقع قتلى وجرحى في صفوف الاحتلال في جباليا ورفح، رغم مرور أكثر من 7 شهور على الحرب.
وفي بيان لها، طالبت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة وزير الدفاع يوآف غالانت بقيادة الجهود لإزاحة نتنياهو من السلطة، الذي تتهمه عائلات الأسرى بالمسؤولية عن الإخفاق في التوصل إلى صفقة تبادل.
دعم خارجي
مظاهرات عائلات الأسرى المستمرة تلقت دعما من عدد من الشخصيات الخارجية، حيث دعت وزيرة الخارجية الأميركية والمرشحة الرئاسية الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيلين في غزة.
وقالت في تسجيل مصور مسبقا بُث أمام حشد من آلاف المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب، إنها تدعم موقف الرئيس الأميركي جو بايدن الساعي لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادتهم على الفور.
من جانبه، أكد السفير الأميركي لدى إسرائيل جاك لو في رسالة للمتظاهرين الإسرائيليين على مواصلة بلاده المفاوضات من أجل إعادة الرهائن.
وبحسب الرسالة التي نشرتها صحيفة جيروزاليم بوست، قال السفير لو إنه يجب على حماس إطلاق سراح الرهائن حتى تنتهي هذه الأزمة وتتمكن الولايات المتحدة من تركيز جهودها على إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.
وفي خطاب ممثال لوزير الخارجية البريطاني نشرته الصحيفة ذاتها، أكد ديفيد كاميرون أن رسالة بلاده واضحة وهي أنه يجب على حماس إطلاق الرهائن فورا، وأن هذه الطريقة هي أسرع وسيلة لإنهاء الحرب في غزة.
وأضاف كاميرون في رسالته أن أي توقف للحرب مع إطلاق سراح الرهائن يجب أن يتحول إلى وقف إطلاق نار مستدام وخطة لغزة لضمان عدم تكرار ذلك مرة أخرى، بحسب تعبيره.
جمود الصفقة
وبعد دخول القوات الإسرائيلية مدينة رفح في أقصى جنوبي قطاع غزة، حيث كان يعيش أكثر من مليون نازح من القطاع، توقفت المحادثات التي تتوسط فيها مصر والولايات المتحدة وقطر لإطلاق سراح الأسرى.
وقالت ميراف زونسزين، وهي محللة في الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، “صفقة الرهائن وصلت إلى طريق مسدود تمامًا، لم يعد بالإمكان الإيحاء بحصول تقدم”.
وأشارت “بالإضافة إلى الخلاف مع الولايات المتحدة وواقع أن مصر رفضت تمرير المساعدات عبر معبر رفح، كل هذه الأمور وصلت إلى ذروتها”.