قال رئيس الحركة العالمية لمناهضة الفصل العنصري فرانك شيكاني إن ما أراه في فلسطين أسوأ من سياسة الفصل العنصري التي تعرضت لها جنوب أفريقيا، فنحن لم يكن لدينا احتلال، ولم يكن لدينا جيش يتحكم في تحركاتنا، ولكن النظام الإسرائيلي يمارس أكثر من ذلك في حق الفلسطينيين.
وأضاف أن التحدي أمام النضال الفلسطيني أنه لا أحد يهتم بهم، فقد تركهم المجتمع الدولي من دون أي حماية، ومن دون حقوق أو حق تقرير المصير، ويتم اعتقالهم، وحبسهم، وقتلهم من دون أن يقلق أحد عليهم.
وكان القس “فرانك شيكاني” سابقا يشغل منصب رئيس مجلس الكنائس العالمية، وهو أحد القيادات البارزة في المؤتمر الوطني الأفريقي، وهو أيضا رئيس اللجنة التوجيهية التي تحضّر للمؤتمر الدولي لمناهضة الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي الذي سيعقد في جمهورية جنوب أفريقيا خلال الفترة من 10 إلى 12 مايو/أيار الجاري.
وقبيل انعقاد جلسات هذا المؤتمر، أجرت الجزيرة نت حوارا خاصا مع شيكاني، الذي وجّه رسالة لزعماء العالم، وقال “أود أن أقول لأي زعيم في العالم: لا يمكنك أن تكون جزءًا من الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، لأن اتفاقية الإبادة الجماعية التي وقّعت عليها كل الدول تقول إنك يجب أن تمنعها، وإذا لم تمنعها فأنت ترتكب جريمة في الحقيقة”.
وعن أجندة المؤتمر والقضايا التي سيطرحها، قال شيكاني سيكون لدينا برنامج حافل بالموضوعات والجلسات النقاشية، وستكون لدينا أصوات من قطاع غزة والضفة الغربية، وأصوات الذين فقدوا منازلهم وأراضيهم، وسنخصص جزءًا للسجناء والرهائن، وسنسلط الضوء على الألم الذي يمر به الناس، وكذلك قضية الجنود من جنوب أفريقيا والمواطنين الذين يذهبون ليكونوا جنودًا في إسرائيل في مخالفة للقانون.
وإلى تفاصيل الحوار..
-
لماذا ينعقد هذا المؤتمر؟
التحدي حول النضال الفلسطيني أنه لا أحد يهتم بهم، فقد تركهم المجتمع الدولي من دون أي حماية على الإطلاق، فلقد تعرضوا للاحتلال منذ 57 عامًا، ومن دون أي حقوق أو حق تقرير المصير، ويتم اعتقالهم وحبسهم وقتلهم من دون أن يقلق أحد عليهم.
والآن لدينا إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، لقد مات تقريبًا 34 ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء. وقال لنا الأصدقاء الفلسطينيون: هل يمكنكم مساعدتنا؟ لأن جنوب أفريقيا هي الدولة الوحيدة التي ستفهم حالتنا، لأنها مرت بنظام الفصل العنصري، والفلسطينيون يمرون بنظام الفصل العنصري الاستيطاني الاستعماري.
والهدف هو تحريك العالم بالطريقة التي فعلتها جنوب أفريقيا عندما كانت لدينا حركة مناهضة للفصل العنصري على مستوى العالم من أجل دعمنا، والفلسطينيون في الحالة نفسها التي كنا فيها.
لقد دعم الأميركيون نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والبريطانيون، والفرنسيون، والألمان، والأمر نفسه يحدث مع الفلسطينيين، ولهذا السبب شعرنا بأن من الضروري عقد مؤتمر يجمع الناس من قارات العالم من أجل وضع إستراتيجيات مشتركة.
وهنا يأتي دور الأهداف الإستراتيجية للمؤتمر، مثل النظر في التحدي، وطبيعة المشكلة، وإستراتيجيات إنهاء نظام الفصل العنصري الاستعماري، وتحريض الناس في كل دولة بنفس الطريقة التي فعلناها مع جنوب أفريقيا في أيام الفصل العنصري، فلا يمكن الاستمرار في هذا النظام الاستعماري.
-
لماذا جنوب أفريقيا؟
عندما وافقت جنوب أفريقيا على تنظيم هذا المؤتمر كان ذلك قبل أن تذهب إلى رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية ضد الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وهي بذلك تؤكد الموقف الذي تتخذه دوما.
ولطالما قلت إن العمل في محكمة العدل الدولية يخبرنا عن ماهية الجنوب أفريقيين، فهم بقدر صغر بلدهم فإنهم يعملون على أساس العدل، ولا يهم مدى قوة القوي ضد العدل، ونحن سنتبع دائمًا مسارًا عادلا.
لقد قاتلنا ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا سنوات عديدة، وكانت هناك لجنة خاصة في الأمم المتحدة ضد الفصل العنصري، وألغيت هذه اللجنة بعد أن أصبحنا أحرارا، وغيروا اسمها إلى اللجنة العملية لحقوق الإنسان.
لكننا بحاجة إلى تأسيس حركة مكافحة الفصل العنصري التي ستتعامل مع كل الحالات في العالم كما كانت في جنوب أفريقيا، لأن هناك حالات فصل عنصري ويجب التعامل معها.
ومن ثم يجب أن نعود إلى تلك الإستراتيجية التي تتعامل مع العنصرية والنظام العنصري الذي يميز بين الناس، ونحن نناشد الأمم المتحدة لإعادة تنشيط اللجنة الخاصة بمكافحة الفصل العنصري حتى نستطيع التعامل مع جميع الحالات، وليس فقط في فلسطين.
ومن أجل ذلك أصبح هذا المؤتمر جزءًا من الحركة التي تقودها جنوب أفريقيا لفضح نظام الاستعمار الاستيطاني الذي ينكر حقوق الناس، ويحتلهم لسنوات عديدة.
في الحقيقة، ما أراه في فلسطين أسوأ من سياسة الفصل العنصري، فنحن لم يكن لدينا احتلال، صحيح أننا كنا مضطهدين لكنهم لم يحتلونا، ولم يكن لدينا الجيش يتحكم في تحركاتنا، ولكن النظام الإسرائيلي لا يوفر للناس أي حقوق، ومن أجل كل ذلك نحن نتخذ الموقف الذي اتخذناه ونستضيف هذا المؤتمر، والعالم كله يفهمنا ويأتي للانضمام إلينا.
-
وهل موقف الكنائس العالمية يدعم هذا المؤتمر؟
الكنائس العالمية جزء من هذه الحملة، ونريد أن نحصل على دعم الكنائس في جميع أنحاء العالم من أجل فلسطين ضد نظام الفصل العنصري، وبالطريقة نفسها التي وقعت مع جنوب أفريقيا.
الكنائس الأوروبية والأوروبيون عامة أمام تحديات كثيرة، فهم يعاملون إسرائيل كحالة خاصة، لأنهم هم الذين اضطهدوا اليهود، وارتكبوا جرائم ضد الإنسانية والهولوكوست ضدهم، والآن بسبب شعورهم بالذنب هذا فإنهم يظلمون الفلسطينيين. ونحن نرى أن هذا أمر خاطئ وغير مقبول، ونتوقع من الكنائس أن تتخذ موقفا، ونحن نتلقى العديد من تضامنها لكي تكون جزءًا من هذه الحملة.
-
كيف تنظرون إلى العدوان الإسرائيلي على غزة؟
لقد قررنا أن نستمر في هذا المؤتمر حتى خلال الانتخابات في جنوب أفريقيا، لأنه تم تحديد موعدها بعد أن حددنا تاريخ انعقاد المؤتمر، وقلنا إننا لا نستطيع تأجيل المؤتمر بسبب شدة الوضع في غزة، ولهذا السبب تحديدا من المهم بالنسبة لنا أن نتخذ موقفًا.
ويجب إسقاط شرعية هذا النظام العنصري الإسرائيلي الذي يحاول أن يظهر كأنه ضحية، في حين أنه يقوم بإبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وسنتمكن في المؤتمر من تسليط الضوء على كل ذلك، وفضحه بشكل أكبر، وتحريك العالم ضد هذا الظلم.
-
هل الفصائل الفلسطينية مدعوة؟
أنا لا أحب كلمة “فصائل”، أنا أقول أحزابا سياسية أو حركات مقاومة أو حركات تحرر، ومهما كانت التسمية فقد استشرناهم قبل أن ندعو لانعقاد هذا المؤتمر للتأكد من أنهم يفهمون ما نقوم به ولماذا نفعل ذلك، وكان لدينا دعم من الجميع، ولكننا لم ندعهم للمشاركة لأن هذا ليس مؤتمرا لأحزاب سياسية، فهو يتعلق بالمجتمع المدني، وهذا مسار مختلف تمامًا.
وبمجرد أن ننتهي من المؤتمر سنعود إليهم ونتحدث عن خريطة طريق نحو حرية فلسطين، لأن كل ما نقوم به يجب أن يدعم ما يقومون به، بالضبط كما فعلنا في جنوب أفريقيا مع حركات التحرير وأولئك الذين دعمونا على الصعيد الدولي من أجل تحقيق التقدم على طريق النضال وتحقيق الأهداف.
وكذلك الأمر بالنسبة للسلطة الفلسطينية والحكومات الأخرى، فالأمر لا يتعلق بالحكومات، وإلا كنا سندعو الرئيس الجنوب أفريقي لتنظيم المؤتمر، ثم يأتي الرؤساء الآخرون وهكذا، ونحن نتواصل مع السفارة الفلسطينية هنا.
-
ما أجندة المؤتمر؟
لدينا برنامج حافل بالموضوعات والجلسات النقاشية، وستكون لدينا أصوات من فلسطين، وأصوات من غزة، وأصوات من الضفة الغربية، وأصوات الذين فقدوا منازلهم أو هُدمت، وأصوات أولئك الذين فقدوا أراضيهم، وسنخصص جزءًا لأصوات السجناء والرهائن وغيرهم، وسنتمكن من تسليط الضوء على الألم الذي يمر به الناس.
وتتبع ذلك حلقات نقاش حول مختلف القضايا التي تؤثر على الناس مثل حق العودة، لأن الإسرائيليين لا يسمحون للفلسطينيين الذين ذهبوا إلى المنفى أو اللاجئين بالعودة إلى منازلهم.
وسنتعامل مع الرهائن لأن ما يقومون به في غزة هو اختطاف الناس واحتجازهم كرهائن، ولا يمكنك القول إنهم سجناء لأنهم لا يتعاملون معهم كسجناء حرب، وسنناقش القضية المتعلقة بالاحتلال والأعمال غير القانونية المتعلقة به، وكذلك قضية الجنود من جنوب أفريقيا والمواطنين الذين يذهبون ليكونوا جنودًا في إسرائيل في مخالفة للقانون.
وهناك العديد من الجوانب التي سيتعامل معها المؤتمر والتي تؤثر جميعها على الفلسطينيين، ونحرص على أن نطور إستراتيجيات لكل واحدة منها.
-
غزة تنزف، فما رسالتكم إلى العالم؟
أود أن أقول لأي زعيم في العالم: لا يمكنك أن تكون جزءًا من الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، لأن اتفاقية الإبادة الجماعية التي وقعت عليها كل الدول تقول إنك يجب أن تمنع الإبادة الجماعية، وإذا لم تمنعها فأنت ترتكب جريمة في الحقيقة.
وقد مر الفلسطينيون بعملية إبادة جماعية منذ النكبة عام 1948، وعندما يقول الناس إن الفلسطينيين عنيفون أو إرهابيون، أقول لهم: لا، فإذا قمت بحصار الولايات المتحدة مثلا 16 عامًا فلن يسمحوا لك بذلك، وسيقاتلونك، ولا تتوقع أن يكون الفلسطينيون محتلين ومحاصرين ولا يفعلون أي شيء.
أعتقد أنه من الضروري للعالم أن يقول إن هذا الظلم يجب أن ينتهي، ويجب أن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون معًا في سلام، هذا ما نريده، ولسنا ضد أي شخص، لكننا ضد الظلم.