دعا فيلق روسي متمرد مجموعة فاغنر إلى شن عملية عسكرية مشتركة داخل روسيا “ثأرا” لزعيمها يفغيني بريغوجين الذي لقي مصرعه في حادث تحطم طائرة، في وقت تتواصل فيه التحقيقات الروسية لتحديد سبب الحادثة.
وفي كلمة مصورة بثت مساء أمس الخميس على مواقع التواصل الاجتماعي، حث قائد “فيلق حرية روسيا” دنيس كابوستين مقاتلي فاغنر على تكرار التمرد المسلح الذي قاده بريغوجين أواخر يونيو/حزيران الماضي.
وقال كابوستين “أنتم الآن أمام خيار مصيري، يمكنكم الوقوف في حظيرة وزارة الدفاع الروسية والعمل ككلاب حراسة لقتلة قادتكم أو الثأر لهم”.
وأضاف “إذا أردتم الثأر عليكم الانتقال إلى جانب أوكرانيا”.
وتابع “دعونا ننهي مفرمة اللحم الدموية للعملية العسكرية الخاصة”، مستخدما الوصف الذي تطلقه موسكو على الحرب التي تشنها أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022.
كما قال قائد المجموعة الروسية المتمردة في المقطع المصور “بعدها سنزحف إلى موسكو، وهذه المرة لن نتوقف على بعد 200 كيلومتر من الطريق الدائري لموسكو، وإنما سنواصل حتى النهاية”.
وكان يشير بذلك إلى وقف قوات فاغنر زحفها على بعد 200 كيلومتر من العاصمة الروسية إثر وساطة قام بها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو.
وكانت بعض القنوات المرتبطة بفاغنر على تليغرام قد عزت مقتل بريغوجين إلى “خيانة” داخل روسيا، وتحدث ناشطون عن مراسلات بين عناصر من المجموعة تحرض على الانتقام لقائد المجموعة.
وخلال الأسابيع الماضية، أعلن “فيلق حرية روسيا” أنه نفذ انطلاقا من أوكرانيا عمليات توغل داخل روسيا وسيطر -مؤقتا- على بعض المواقع قرب الحدود، في المقابل أعلنت موسكو أنها أحبطت محولات تسلل قام بها “مخربون”.
تحقيقات متواصلة
في غضون ذلك، أفادت وكالة “فونتانكا” الروسية اليوم الجمعة باستحالة التعرف بصريا على جثث ركاب الطائرة التي كانت تقل رئيس مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين ونائبه ديمتري أوتكين وقادة آخرين بالمجموعة، وتحطمت عصر الأربعاء الماضي في مقاطعة تفير على بعد 350 كيلومترا شمال موسكو عندما كانت في طريقها إلى مدينة سان بطرسبورغ.
ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع أن الجثث تعرضت لأضرار بالغة ولا يمكن التعرف عليها بصريا.
وتابعت أن مهمة تحديد هويات الضحايا سيتولاها خبراء البحث الجنائي والطب الجيني.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عزى أمس الخميس عائلة بريغوجين وعائلات القادة الذين كانوا برفقته، في أول تأكيد رسمي لمقتل مؤسس فاغنر.
وأشاد بوتين خلال لقاء برئيس “جمهورية دونيتسك الشعبية” الموالي لروسيا دينيس بوشيلين، بما وصفها بالمساهمة الكبيرة التي قدمتها مجموعة فاغنر في “الحرب على النازية في أوكرانيا”، وقال إن روسيا لن تنسى ذلك أبدا.
وكشف بوتين أن بريغوجين عاد إلى البلاد من أفريقيا -الأربعاء الماضي- وعقد اجتماعات مهمة في موسكو مع المسؤولين قبل تحطم طائرته.
وأثيرت سيناريوهات مختلفة لتحطم الطائرة الخاصة التي كانت تقل قادة فاغنر، وهي التعرض لصاروخ أرض جو، أو انفجار قنبلة داخلها، أو حدوث خلل فني، أو ارتكاب الطيار خطأ أدى لسقوطها.
وبينما تحدثت تقارير استخبارية أميركية عن احتمال تفجير طائرة بريغوجين من الداخل، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بات رايدر أمس الخميس إن التقارير الصحفية بشأن تعرض الطائرة لصاروخ أرض جو غير دقيقة.
مواقف دولية
في المواقف الدولية، قالت وزارة الدفاع البريطانية اليوم الجمعة إنه لا يوجد دليل قاطع على وجود بريغوجين على متن الطائرة المنكوبة، لكنها ذكرت أن من المحتمل جدا أن رئيس مجموعة فاغنر قد مات.
وأضافت وزارة الدفاع البريطانية أن رحيل بريغوجين سيكون له تأثير عميق ومزعزع للاستقرار لمجموعة فاغنر.
وأشارت إلى أن يفغيني بريغوجين يتميز بصفات من الصعب أن يضاهيها أي خليفة له على رأس فاغنر، حسب تعبيرها.
وفي موسكو، وصف سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي اليوم الجمعة تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن -التي لمح فيها إلى وقوف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وراء تحطم طائرة قائد فاغنر- بغير المقبولة.
وكان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي نفى أمس أي علاقة لبلاده على الإطلاق بتحطم الطائرة، قائلا إن مقتل بريغوجين ستكون له تداعيات في مناطق وجود فاغنر في العالم.
وأضاف ميلي أنه لم يفاجأ بسقوط طائرة قائد فاغنر، وإن تمرد بريغوجين عرضه للخطر.
وفي كييف، نفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس أي علاقة لبلاده بمقتل بريغوجين، قائلا إن الجميع يفهم من له علاقة بذلك.
كما قال زيلينسكي إن أخطر شيء بعد مقتل بريغوجين هو وجود 20 ألفا من مقاتلي فاغنر خارج السيطرة، مشيرا إلى أنهم قد يشكلون خطرا على أوكرانيا أو بيلاروسيا أو بولندا وحتى على روسيا.