رغم النفي الياباني لأي خطط تقود إلى الانضمام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، فإن الصين لم تخف توجسها المتعاظم من مظاهر التقارب المتزايد بين الحلف وطوكيو. فما الذي تخشاه بكين؟ وما دوافع الناتو لفتح مكتب اتصال للحلف في اليابان؟
في هذا الصدد، أكد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أن بلاده لا تخطط للانضمام لعضوية حلف شمال الأطلسي، لكنه أقر بأن الحلف يخطط لفتح مكتب اتصال في اليابان. وحسب ما كشف عنه السفير الياباني لدى الولايات المتحدة، فإن مهمة المكتب المرتقب ستكون تسهيل إجراء مشاورات في المنطقة. في حين رأت الخارجية الصينية أن الخطوة تثير قلق المجتمع الدولي ودول المنطقة.
وعن الهدف من هذه الخطوة، لفت أستاذ العلوم السياسية في جامعة ناجويا للدراسات الدولية جونيشي تاكاسي -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/5/24)- إلى أن اليابان تربطها علاقات وروابط مع دول حلف الناتو، ولكنها ليست شريكا ولن تنضم إليه.
وأوضح أن المكتب في طوكيو يهدف إلى التعاون مع الناتو بصفته رئيسا لمجموعة السبع، كما يسعى إلى إرساء الأمن والسلام في منطقة المحيط الهادي، وهو ما يخدم مصالح اليابان ما دام الأمر يتعلق بروابط سياسية فقط ولا تتعداها إلى مستوى عسكري.
كما شدد على أن مهمة المكتب ستنحصر في الاتصال، ولن يكون مكانا لتنسيق أي أنشطة عسكرية على الإطلاق، فالهدف منه أن تكون العلاقات طبيعية مع دول الناتو، معبرا عن استغرابه من اعتراض الصين ما دام الأمر لا يتعدى حدود مكتب اتصال ولا يتعلق بزعزعة استقرار المنطقة كما تدّعي بكين.
ماذا تخشى الصين؟
أما بالنسبة لبكين، فإن خطط فتح مكتب اتصال تابع لحلف الناتو في طوكيو يطرح أسئلة حول نية الحلف من وراء ذلك. واعتبرت الخارجية الصينية -على لسان المتحدث باسمها- أن توجهات الناتو في المنطقة تشكل تدخلا في الشؤون الإقليمية على نحو يثير مواجهة بين التكتلات القائمة فيها.
وفي هذا السياق، اعتبر دينغ لونغ أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الدراسات الدولية في شنغهاي أن الناتو يسعى لتوسيع نفوذه في آسيا ليتحول الحلف بذلك إلى مؤسسة عالمية ودولية بدل طبيعته الأوروبية بشكل أساسي، ولم يستبعد أن تصبح اليابان في المستقبل البعيد عضوا رسميا في الناتو، خاصة في ظل عدم وجود مبررات وجيهة لهذا التقارب سوى استهداف الصين ومحاولة منع نفوذها.
ولفت إلى أن الصين سوف ترد بشكل حاسم وقوي على أي تحركات خطيرة قد تحدث بين الناتو واليابان، وأن بكين ستعمل على بناء ترسانة عسكرية تكون من خلالها قادرة على رد التهديدات المفروضة عليها من قبل طوكيو والناتو، كما ستتخذ إجراءات سياسية “انتقامية” ضد أي تحركات معادية لها.
وردا على التخوفات الصينية، أوضح جيم تاونس، مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون أوروبا والناتو، أنه من المعتاد أن تكون للناتو نقاط اتصال في العواصم الأخرى، فالحلف إذا أراد تعميق الفهم وتحقيق تنسيق أفضل بين الدول يقيم مثل هذه المكاتب، فهو يتطلع إلى بعض جوانب التوتر في المحيطين الهادي والهندي، وبذلك سيساعد المكتب في تنسيق المواقف والتفاهم بشكل أفضل مع الحكومة والشعب في اليابان، وهو ما سيعمل على تعزيز الاستقرار في المنطقة على عكس توقعات بكين.