تحتضن مدينة سان بطرسبورغ الروسية، بعد غد الخميس، ثاني قمة روسية ـ أفريقية بعد الأولى التي عقدت في سوتشي عام 2019.
ويستضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عددا من قادة الدول في تلك القمة التي تسعى إلى إظهار التوافق بين روسيا والدول الأفريقية على رغم غزو أوكرانيا، وإنهاء العمل باتفاق تصدير الحبوب الذي يثير مخاوف القارة السمراء.
واستبق سفير المهمات الخاصة بوزارة الخارجية الروسية أوليغ أوزيروف انعقاد القمة وأعلن اليوم الثلاثاء أنها ستتناول صادرات موسكو من الحبوب والأسمدة.
وأضاف “إنشاء ممرات لوجيستية، ومراكز ليس فقط للأغذية والأسمدة، ولكن أيضا لأي منتجات أخرى من روسيا الاتحادية، سيكون أحد الموضوعات التي ستجري مناقشتها”، معتبرا فكرة الممرات اللوجيستية وإنشاء مراكز الحبوب “واعدة وقابلة للتنفيذ”.
وقال الدبلوماسي الروسي “لن تكون مناقشة فحسب، بل مناقشة مع اقتراح حل بأن تغادر الدول الأفريقية سان بطرسبورغ بفهم واضح لكيفية معالجة هذه المشاكل”، مشيرا إلى أن روسيا ” قدمت بالفعل” مساعدة للبلدان الأفريقية “ولدينا دائما الفرصة للاتفاق على هذه المسائل مع أصدقائنا الأفارقة”.
نفوذ ودبلوماسية
وحول العلاقات الدبلوماسية بين بلاده ودول القارة قال أوزيروف، الذي يرأس أمانة “منتدى الشراكة الروسية الأفريقية” إن روسيا “تستعد لفتح سفارات في جميع دول أفريقيا، لكن الأمر لن يكون سريعًا”، معتبرا قرار إغلاق البعثات الدبلوماسية الروسية في أفريقيا في التسعينيات “غير معقول تمامًا”، لافتا إلى أن “هذا الوضع يحتاج إلى تصحيح، لكنها ستكون عملية طويلة”.
وإزاء العزلة التي سعت دول غربية لفرضها على الرئيس الروسي منذ بدء غزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، بقيت خطوط التواصل مفتوحة بين موسكو وأطراف عدة مثل بكين وطهران، وعززت روسيا خلال الأعوام الماضية حضورها في أفريقيا عبر صادرات الحبوب وصفقات التسليح والتعاون في مجال الطاقة.
ويأتي تعزيز الحضور الروسي في أفريقيا على حساب نفوذ دول أخرى مثل فرنسا في بعض بلدانها، عبر وسائل شتى منها تعزيز حضور مجموعة فاغنر العسكرية في بعض المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.
وفي إشارة إلى اهتمام موسكو المتزايد بأفريقيا، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القارة مرتين منذ مطلع العام ساعيا للتقريب بين الجانبين في مواجهة “الإمبريالية” الغربية.
وقال بوتين في مقال له أمس الاثنين “لطالما دعمنا الشعوب الأفريقية في نضالها من أجل التحرر من الاضطهاد الإمبريالي، وساعدنا في تأسيس الدول، وتعزيز السيادة والقدرات الدفاعية”.
وتنعكس زيادة الحضور الروسي في أفريقيا من خلال اتفاقات للتعاون العسكري وحملات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن فشل التمرد المسلح لمجموعة فاغنر على القيادة العسكرية الروسية، طرح علامات استفهام حول مستقبل وجود عناصرها وعملياتها في دول القارة.
وبينما اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون روسيا في يونيو/حزيران الماضي بأنها “قوة لزعزعة استقرار أفريقيا عبر مليشيات خاصّة تنكل بالمدنيين”، أكد الكرملين أن موسكو “تنسج علاقات ودية، بناءة مع الدول الأفريقية مبنيّة على الاحترام المتبادل”.
وسعى قادة الدول الأفريقية إلى التوسط لإيجاد حل للنزاع. وقام وفد ضم عددا القادة الأفارقة منتصف يونيو/حزيران الماضي، بزيارة موسكو وكييف، ودعوا خلال لقائهم بشكل منفصل بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى وقف الأعمال الحربية، من دون أن تحقق جهودهم أي نتيجة تذكر.
ويأتي انعقاد القمة الروسية ـ الأفريقية في سان بطرسبورغ بعد غد الخميس قبل نحو شهر من قمة مجموعة دول “بريكس” التي تستضيفها جنوب أفريقيا التي أكدت بعد أشهر من الترقب، أن بوتين لن يحضر تلك القمة في ظل وجود مذكرة توقيف صادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية، حيث ستكون جنوب أفريقيا ملزمة نظريا بتنفيذها لكونها من موقعي نظام روما الأساسي للمحكمة.