قال الكاتب الإسرائيلي تسافي بارئيل إن محور فيلادلفيا تعبده الآن جثث الأسرى الإسرائيليين على طريق الاحتلال الدائم لقطاع غزة، حتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراؤه يعرفون أن السيطرة عليه لم تمنع هجمات فصائل المقاومة في الماضي ولن تمنعها مستقبلا، وإن الاحتفاظ به لم يعد مجرد جنون، بل هو الشر بعينه، وفقا للكاتب.
وفي مقال في صحيفة هآرتس كتب بارئيل أن أغلبية الإسرائيليين لم يكونوا في حاجة إلى سماع كلمات الرئيس الأميركي جون بايدن التي شكك فيها في إخلاص جهود نتنياهو لإبرام صفقة، فهم منذ أشهر عديدة يعرفون هذه الحقيقة عن رئيس وزرائهم الذي لم يطلق الرصاص على الأسرى الستة لكنه وفر الظروف لمقتلهم، حسب تعبيره.
ووصف بارئيل مصرع الأسرى بالنتيجة القاتمة لإصرار نتنياهو على وصف محور فيلادلفيا بملف سياسي إستراتيجي جعل الكابينت السياسي-الأمني يصوت كله، باستثناء وزير الدفاع يوآف غالانت، لصالح الاحتفاظ به.
وأضاف الكاتب أن الجيش والاستخبارات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك) يقران بعدم أهمية هذا المحور الإستراتيجية، ومع ذلك فإن نتنياهو والكابينت يتمسكان به “كما لو أن الأمر يتعلق باستعادة الأرض الموعودة”.
زعم زائف
وسخف بارئيل الزعم القائل إن التسليم في المحور بعد فك الارتباط مع غزة أضر بأمن إسرائيل أيما إضرار، وقال إنه يتجاهل تاريخ الموقع الذي لم يحل إحكام القبضة عليه مطلقا دون هجمات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حتى عندما كانت السيطرة عليه وعلى كل القطاع تامة كما بين 1967 و2005، مثلما لم يحل دون تدفق السلاح والذخيرة بين غزة وسيناء تحت أنف الجيش الإسرائيلي “حتى إن مقاتلي حماس كانوا يتحركون كما لو أنهم على طريق سريع بلا إشارات ضوئية”، حسب تعبير الكاتب.
وذكر بارئيل بحوادث كثيرة جدا تسخّف هذا الزعم، من بينها 15 ألف هجوم وقعت في القطاع أو كان القطاع منطلقا لها بين عامي 2000 و2005، وفقا للكاتب.
وفي باب تكذيب هذا الزعم أيضا، ضرب مثلا بالضفة الغربية حيث ينتشر الجيش الإسرائيلي لكن المستوطنين يشتكون قلة حمايتهم، وحيث يتدفق السلاح على فصائل المقاومة رغم هذا الانتشار، وحيث خطف وقتل 3 إسرائيليين من مستوطنة غوش عتصيون في 2014.
وقال بارئيل إن حياة الأسرى باتت تتوقف على إخلاء المحور، لكن نتنياهو يحاول المبالغة في أهميته على حساب حياة بضعة عشرات الأسرى، لأنه يعرف أنه بوابة أساسية لإعادة احتلال غزة الدائم، إذ لا يمكن السيطرة عليه تماما دون إحكام القبضة على الطرق المؤدية إليه، ولا سبيل لحماية الحرس دون حماية المواقع القريبة والأحياء المأهولة خاصة في المناطق المكتظة مثل جنوب غزة.
وحسب بارئيل، فإن حماس تفهم هذا الطموح، في حين تخشاه مصر. أما الولايات المتحدة فتعرف إلى أين يقودها، ومن المفارقة أن تكون صفقة الأسرى الأمر الوحيد الذي سينقذ إسرائيل من وحل غزة.
لكن إسرائيل تاريخيا ليست الوحيدة التي وقعت في وهم الأمن المطلق -يختتم بارئيل- فقد وقعت فيه واشنطن في العراق، لكن مع فارق مهم وهو أنها أوتيت على الأقل “إستراتيجية خروج” زاوجت بين جهد عسكري وآخر مدني أساسه التعويل على جيش وشرطة عراقيين، وإعادة بناء البنية التحتية وتقديم معونات مالية للحكومات الجديدة.
أما إسرائيل فلا تحدوها نية إقامة حكومة فلسطينية بديلا عن حماس، وكل ما تريده هو احتلال غزة بشكل دائم، ومحور فيلادلفيا هو طريقها السريع لتحقيق هذا الهدف، لكنه طريق معبد بجثث الأسرى.