تقول الكاتبة الأميركية كيم هاريسون “المال هو محرك العالم”. ومن يملك المال يملك السلطة والنفوذ، بل لعلّ المال هو السلطة نفسها. أما الروائي البرازيلي باولو كويلو، فيقول في روايته الخيميائي “في المال سحرٌ؛ من يملك المال لا يكون وحيدا أبدًا”.
لكن، ماذا يحدث عندما يصطدم المال بالسياسة؟ وماذا تكون النتيجة حين يتحوّل الخلاف إلى صراع مفتوح بين أقوى رجل في العالم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأغنى رجل في العالم إيلون ماسك؟ من المنتصر؟ ومن الخاسر؟
والأهم ما الثمن الذي قد تدفعه الولايات المتحدة -الدولة الأقوى في العالم- مع احتدام المعركة بين هذين العملاقين؟
صراع يشمل ركائز الاقتصاد والأمن الأميركي
في تطوّر لافت على الساحة السياسية والاقتصادية الأميركية، انفجر خلاف علني بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يُنظر إليه بوصفه أقوى الرجال نفوذا في العالم، ورائد الأعمال والملياردير إيلون ماسك الذي يُعدّ أغنى رجل في التاريخ الحديث.
الخلاف الذي بدأ على خلفية تباينات في المواقف السياسية والاقتصادية، تصاعد خلال الأيام الماضية إلى تبادل اتهامات علنية وتهديدات مباشرة طالت المصالح الإستراتيجية لكل منهما، بل لامست حدود الأمن القومي الأميركي ذاته.
فبعد عامٍ من المديح المفرط والتعبير عن الحب المتبادل، فجّر ماسك وترامب شراكتهما السياسية بشكلٍ دراماتيكي. وشمل هذا الانفصال العلني، من بين أمورٍ أخرى، اتهام أغنى رجل في العالم رئيسَ الولايات المتحدة بالارتباط بمجرم جنسيٍّ شهير. وقال ترامب إن ماسك “فقد عقله”.
وبينما تبادل ماسك وترامب الإهانات، كلٌّ على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أصدرا أيضا تهديدات ذات عواقب ملموسة. فقد أشار ترامب إلى أنه يستطيع إلغاء جميع عقود ماسك ودعمه الحكومي قائلا “هذه أفضل طريقة لتوفير المال”، وهي خطوة ستكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على شركات ملياردير التكنولوجيا، بل أيضا على الوكالات الفدرالية التي أصبحت تعتمد عليها. ردّ ماسك بإعلانه أنه سيبدأ بتفكيك مركبة سبيس إكس دراغون الفضائية التي تعتمد عليها ناسا في مهام النقل إلى الفضاء.
هذا الصراع لا يهدد فقط المصالح الشخصية للخصمين، بل يتجاوزهما ليطال ركائز الاقتصاد الأميركي، ويُلقي بظلاله على مستقبل التكنولوجيا والفضاء في الولايات المتحدة.
حين تدفع مالَك لرجل آخر
المال يشتري السلطة لكن إيلون ماسك اختار أن يدفعها لشخص آخر كي يحصل عليها بالنيابة عنه.
أنفق ماسك أكثر من 250 مليون دولار لدعم الحملة الرئاسية لترامب، في رهانٍ بدا حينها مدروسا ومحسوبا. لكن اليوم، يبدو أن هذا الرهان بدأ ينقلب على صاحبه. فهل أخطأ ماسك في تقدير اللعبة السياسية؟
وفقًا لملفات لجنة الانتخابات الفدرالية، التي نقلتها وكالة رويترز، تبرعت شركة سبيس إكس، المملوكة لماسك، بمبلغ 259 مليون دولار لمجموعات داعمة لحملة ترامب الانتخابية لعام 2024.
وقد جعلت هذه التبرعات الضخمة من ماسك أحد أكبر الممولين لحملة رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة، وأسهمت بشكل حاسم في فوز ترامب وعودته إلى البيت الأبيض.
وفي المقابل، عين الرئيس المنتصر ماسك وزيرا لوزارة الكفاءة الحكومية، كما ارتفعت ثروة ماسك عقب فوز ترامب لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق مقتربةً من 500 مليار دولار. وارتفعت تقييمات شركاته بشكل كبير، مدعومة بتوقعاتٍ باستفادتها من علاقة الملياردير بترامب ودوره في إدارة كفاءة الحكومة، وفقا لصحيفة “إيكونوميك تايمز”.
كيف بدأ الصراع؟
غادر ماسك الإدارة الأميركية فجأة بعد 129 يوما من العمل على خفض تكاليف الحكومة الفدرالية و”وقف الهدر” مع فريقه، المعروف باسم “دوغ”، مما أشار إلى خلافات اقتصادية حقيقة بين ماسك وترامب، لتنتهي فترة الملياردير التكنولوجي المولود في جنوب أفريقيا في إدارة ترامب يوم 31 مايو/أيار الماضي، رغم أن ترامب قال إنه “سيكون دائما معنا، ويساعدنا على طول الطريق”.
وما لبث ماسك إلا أياما قليلة قبل أن يهاجم بشراسة مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي وقّعه ترامب، داعيا الأميركيين إلى إخبار ممثليهم في واشنطن “بقتل مشروع القانون”.
وكتب ماسك على منصة إكس أن مشروع القانون من شأنه أن يزيد من عجز الميزانية الأميركية ويثقل كاهل الأميركيين بديون “ساحقة”.
ويحظى مشروع القانون بدعم ترامب وسيكون بمثابة المحور التشريعي لأجندته في فترة ولايته الثانية إذا تم إقراره في الكونغرس.
وتابع ماسك هجومه على القانون مغردا “عار على أولئك الذين صوتوا لصالح ذلك”، ملمحا إلى أنه قد يحاول عزل السياسيين المسؤولين عن ذلك في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
وبعد وقت قصير من تغريدة ماسك، أصدر البيت الأبيض بيانا “لكسر الأساطير” (myth buster)، واصفا أي ادعاء بأن مشروع القانون من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع العجز بأنه “خدعة”.
وقال البيان: بكل المقاييس الصادقة، فإن “مشروع القانون الكبير الجميل” (Big Beautiful Bill) الذي اقترحه الرئيس ترامب، يعمل على تحسين المسار المالي للولايات المتحدة بشكل كبير ويطلق العنان لعصر من النمو الاقتصادي غير المسبوق.
ما مشروع القانون الكبير الجميل؟
مشروع القانون في شكله الحالي من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة (الفرق بين ما تنفقه الحكومة والإيرادات التي تتلقاها) بنحو 600 مليار دولار.
وقال ماسك إن مشروع القانون سوف “يزيد بشكل كبير من العجز الهائل في الميزانية ليصل إلى 2.5 تريليون دولار، ويثقل كاهل المواطنين الأميركيين بديون غير مستدامة بشكل ساحق”.
فما هذا القانون؟ وما أهم النقاط الواردة فيه والتي أثارت غضب ومعارضة أغنى رجل في العالم؟
وفقا لشبكة “إي بي سي نيوز” (abcnews) فإن أبرز النقاط التي وردت في قانون ترامب الجديد تتمثل فيما يلي:
- جعل تخفيضات الضرائب التي أقرها ترامب دائمة، وهذا يمثل امتدادًا للتخفيضات المعمول بها منذ عام 2017.
- إلغاء ضريبة كاتمات الصوت: البالغة 200 دولار المفروضة على شراء أو نقل كاتمات الصوت. وقد ظلت هذه الضريبة سارية منذ أن أقرّ الكونغرس قانون الأسلحة النارية الوطني عام 1934. ويُعدّ هذا إنجازا كبيرا للرابطة الوطنية للبنادق ولوبي السلاح في واشنطن.
- تخفيضات على حوافز الطاقة الخضراء: من شأن مشروع القانون أن يقلل أو يلغي الاعتمادات الضريبية للطاقة الخضراء والحوافز الأخرى التي كانت من السمات المميزة لقانون خفض التضخم الذي أصدره الرئيس السابق جو بايدن (من مصلحة لوبي النفط).
- إلغاء الإعفاءات الضريبية لأصحاب المنازل الذين يشترون الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، ومضخات الحرارة الجوفية، والنوافذ الموفرة للطاقة وغيرها. على سبيل المثال، بالنسبة لطاقة الشمس والرياح، يحق لأصحاب المنازل حاليا الحصول على إعفاء ضريبي بقيمة 30% من تكلفة الشراء، وهذا سيتم إلغاؤه (من مصلحة لوبي النفط).
- إلغاء الإعفاءات الضريبية لمن يشترون مركبات كهربائية جديدة أو مستعملة، حتى 4 آلاف دولار أميركي للمستعملة و7500 دولار للجديدة. كما يُنهي الحوافز الضريبية للمنازل والشركات لتركيب محطات شحن المركبات الكهربائية (ضربة مباشرة للسيارات الكهربائية وشركة تسلا أكبر صانع للسيارات الكهربائية في العالم).
- خفض برامج التعليم: سيُخفّض مشروع القانون 330 مليار دولار من إنفاق قروض الطلاب على مدى السنوات العشر القادمة. كما يُغيّر هذا القانون برنامج “منحة بيل” للطلاب ذوي الدخل المحدود.
يقول مكتب الميزانية بالكونغرس إن التخفيضات الضريبية في هذا القانون مجتمعةً تبلغ 3.7 تريليونات دولار. وهذا خبر سار، إذ يُمكن لدافعي الضرائب الاحتفاظ بهذه الأموال، ولكنه أيضا خبر سيئ، إذ إنها تُخصم من الميزانية الفدرالية وتُفاقم العجز.
وبشكل عام، يقول مكتب الميزانية بالكونغرس إن مشروع القانون من شأنه أن يضيف 2.4 تريليون دولار إلى العجز، وهذا حتى قبل أن نأخذ في الاعتبار تكاليف الفائدة، وفقا لمنصة “بي بي إس. أورغ” (pbs.org).
ما خسائر ماسك وشركاته؟
- ساهم الخلاف العلني والمستمر بين إيلون ماسك والرئيس دونالد ترامب، عبر الإنترنت، في تقويض مكانته المرموقة كأغنى رجل في العالم. وخسر ماسك 34 مليار دولار من صافي ثروته الشخصية في يوم واحد، وهي ثاني أكبر خسارة في تاريخ مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات لأغنى 500 شخص في العالم.
- انخفضت أسهم شركة تسلا بنسبة 14% بعد أن هدد ترامب بسحب العقود الحكومية لشركات ماسك. وتسببت هذه الخطوة في انخفاض قيمة شركة صناعة السيارات الكهربائية بمقدار 152 مليار دولار، وفقا لشبكة “سي إن بي سي”.
- قانون ترامب الجديد يشكل خطرا شديدا على شركة تسلا، فهو يلغي 7500 دولار دعما ضريبيا لكل مركبة كهربائية، مما قد يكلف تسلا أكثر من 1.2 مليار دولار سنويا، وفقا لوكالة بلومبيرغ.
- مشروع “روبوتاكسي” (السيارات الذاتية القيادة) الذي تطلقه تسلا يواجه الآن تدقيقا حكوميا متزايدا، مما قد يؤخر ترخيصه وإنتاجه، وفقا لبيزنس إنسايدر.
- شركة “سبيس إكس” (SpaceX) والعقود الحكومية: تواجه شركة سبيس إكس التي يمتلكها ماسك خطر فقدان عقود حكومية إستراتيجية مع وكالة الناسا ووزارة الدفاع الأميركية تبلغ قيمتها نحو 22 مليار دولار، وذلك في أعقاب تهديدات من ترامب بوقف التعاون مع شركات إيلون ماسك. وقد تراجعت استثمارات مرتبطة بـ”سبيس إكس” بنسبة تقارب 13%، وفقا لرويترز.
- مخاطر على مشاريع ماسك المستقبلية بما في ذلك شركة نيورالينك الناشئة في مجال علوم الدماغ، معرضة بشكل كبير للرقابة الفدرالية.
كم سيخسر دونالد ترامب وحزبه الجمهوري؟
ليس من السهل أن يكون خصمك أغنى رجل في العالم، حتى وإن كنت رئيس الولايات المتحدة. فعلى الرغم من الخسائر التي تكبّدها ماسك في الآونة الأخيرة، فإنه لا يزال يتربع على عرش الثروة العالمية، متقدما بفارق كبير على أقرب منافسيه.
تبلغ ثروة ماسك وقت كتابة هذه السطور 342 مليار دولار، بفارق 96 مليار دولار عن مارك زوكربيرغ الذي تبلغ ثروته 246 مليار دولار، وفقا لمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات.
وفي هذا السياق، كتب ماسك ساخرا في أحد منشوراته “سوف يظل ترامب قويا لمدة 3 سنوات ونصف السنة أخرى كحد أقصى، في حين سأبقى كذلك لمدة 40 عاما قادمة على الأقل، لذا قم بحساباتك جيدا”.
أهم خسائر ترامب والحزب الجمهوري
- خسارة ترامب دعم أغنى رجل في العالم، والذي كان أحد الأسباب الرئيسية لوصوله للبيت الأبيض.
- هدد ماسك بشكل علني داعمي ترامب من الجمهوريين وحذرهم من الموافقة على مشروع قانون ترامب الجديد، مهددا بالعمل على خسارتهم في الانتخابات النصفية القادمة، وقال ماسك “سنطرد جميع السياسيين الذين خانوا الشعب الأميركي”.
- شهدت أسهم “مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا” (Trump Media & Technology Group) التابعة لترامب تراجعا بنسب كبيرة في قيمة أسهمها، إذ فقدت أكثر من 44% من قيمتها منذ بداية العام، وكلف هذا الانخفاض ترامب نحو 1.7 مليار دولار من صافي ثروته، علما أن نسبة 46% من صافي ثروته مرتبطة بأسهم شركته الإعلامية، وفقا لمنصة “فورتشن”.
وحذر محللون مثل جيمس فيشباك من مورغان ستانلي من أن استمرار الخلاف بين ترامب وماسك قد يزيد من تضعضع الثقة، وقد يتسبب في تراجع إضافي لشركة “ترامب ميديا”، وفقا لشبكة “سي إن إن”.
كم ستخسر أميركا؟
أسّس ماسك ويقود عددا من أكثر شركات التكنولوجيا ابتكارا في التاريخ الحديث، وقد أصبحت العديد من المؤسسات الحكومية الأميركية تعتمد على هذه الشركات في تنفيذ مهام إستراتيجية وحيوية منذ سنوات طويلة سبقت فوز ترامب برئاسته الثانية.
ويهدد الصراع بين الرجلين عمل هذه المؤسسات بشكل مباشر، ومن أبرز المؤسسات المهددة:
- وكالة الناسا وبرنامج الفضاء الأميركي:
تواجه العقود الحكومية الضخمة لشركة “سبيس إكس”، التي تتجاوز قيمتها 22 مليار دولار، خطر الإلغاء أو التجميد نتيجة تصاعد الخلاف بين ماسك وترامب. ويُعدّ هذا التهديد أكثر ضررا على الولايات المتحدة منه على ماسك نفسه، خاصة فيما يتعلق ببرنامج الفضاء الأميركي.
ولوّح ماسك بإمكانية إيقاف تشغيل مركبة “دراغون” الفضائية التي تُعد حاليا الوسيلة الوحيدة المعتمدة من قبل وكالة الناسا لنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، بموجب عقد قيمته نحو 5 مليارات دولار. ويُحتمل أن يؤدي سحب هذه المركبة من الخدمة إلى تعطيل برنامج محطة الفضاء الدولية، التي تمثل ثمرة تعاون دولي يمتد لأكثر من عقدين.
وإذا لم تعد دراغون متاحة، فسيتعين على الناسا -على المدى القريب- الاعتماد إما على مركبات سويوز الروسية وإما على مركبة ستارلاينر التابعة لشركة بوينغ والتي تعاني من أعطال فنية لنقل طاقمها. وستعود خطط وكالة الفضاء لإخراج رواد الفضاء من مدار المحطة الفضائية الدولية إلى نقطة البداية.
- البنتاغون: تهديد للأمن القومي الأميركي
إن الصراع بين ترامب وماسك يثير احتمالا مقلقا لتعطيل أجزاء أخرى من خطط الفضاء الأميركية (البنتاغون) التي تركز على سبيس إكس، والتي يُنظر إلى الكثير منها على أنها بالغة الأهمية للأمن القومي الأميركي.
بفضل صواريخ “فالكون 9″ و”فالكون هيفي” القابلة لإعادة الاستخدام والتي حققت نجاحا كبيرا، توفر الشركة حاليا الغالبية العظمى من عمليات الإطلاق الفضائية لوزارة الدفاع.
وأصبحت مجموعة سبيس إكس التي تضم أكثر من 7 آلاف قمر اصطناعي للاتصالات “ستارلينك” ذات أهمية حيوية للمقاتلين في الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا حليفة الولايات المتحدة. كما تعاقدت سبيس إكس أيضا على بناء مجموعة ضخمة من أقمار التجسس لصالح البنتاغون، وفقا لمنصة “سيانتفيك أميركان”.
- القبة الذهبية
القبة الذهبية من أكبر مشاريع ترامب العسكرية طموحا. وفي أمره التنفيذي الصادر يوم 27 يناير/كانون الثاني الماضي، وصف ترامب الهجوم الصاروخي بأنه “التهديد الأكثر كارثية الذي تواجهه الولايات المتحدة”.
تهدف القبة الذهبية إلى حماية الولايات المتحدة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والصواريخ الأسرع من الصوت والصواريخ المُطلقة من الفضاء، وتعتمد هذه القبة بشكل أساسي على شركة سبيس إكس المملوكة لماسك.
وفقًا لرويترز، ستنشر شركة سبيس إكس كوكبة من 400 إلى أكثر من ألف قمر اصطناعي لاكتشاف إطلاق الصواريخ، وتحديد ما إذا كانت متجهة نحو الولايات المتحدة، ومن ثم اعتراضها من الفضاء.
وتنص رؤية سبيس إكس لشبكة الأقمار الصناعية على أنها “خدمة اشتراك”، حيث تدفع الحكومة مقابل الوصول إليها بدلا من امتلاك النظام بالكامل، وهو نموذج يُفترض أن يمنح ماسك نفوذا أكبر بكثير في كيفية تطوير ونشر القبة الذهبية.
وفي هذا السياق، تقول فوكس نيوز إن “الانفصال أمر صعب خاصة عندما يكون أحد الطرفين مليارديرا يتمتع بهيمنة شبه كاملة على قدرة الأمة على إطلاق الأشياء إلى الفضاء، والطرف الآخر رئيس راهن بجزء كبير من إرثه على مشاريع فضائية طموحة للغاية”.
- صراع السيارات الكهربائية
إن إضعاف شركة تسلا سيؤدي إلى سيادة السيارات الكهربائية الصينية -التي تحظى بدعم حكومي واسع النطاق- على سوق السيارات العالمي.
وأخيرا، وفي ضوء ما سبق، يبدو أن الصراع بين ترامب وماسك تجاوز حدود الخلافات الشخصية أو التنافس السياسي، ليصبح تهديدا حقيقيا لمصالح الولايات المتحدة الاقتصادية والتكنولوجية، بل ولأمنها الإستراتيجي.
ففي حين يملك كل من الرجلين تأثيرا هائلا على مفاصل حيوية في الدولة، فإن استمرار التصعيد بينهما ينذر بخسائر لا يمكن حصرها، تبدأ من الأسواق وتنتهي عند حدود الفضاء.
وفي ظل هذا المشهد المتأزم يبقى السؤال المفتوح: من يملك الجرأة على التراجع أولا؟ ومن سيدفع الثمن الأكبر في نهاية المطاف؟ الرجل الأقوى أم الأغنى أم أميركا نفسها؟