30/11/2023–|آخر تحديث: 30/11/202303:22 م (بتوقيت مكة المكرمة)
قال استشاري الطب النفسي في مؤسسة حمد الطبية بقطر الدكتور عبد المنعم عبد الحكم، إن المقاومة الفلسطينية استطاعت ممارسة عملية التأثير النفسي على جيش الاحتلال الإسرائيلي، وانتصرت في معركة الوعي، بما امتلكته من أدوات اكتسبتها عبر سنين عدة من الكفاح والنضال من أجل الحصول على الاستقلال.
وأضاف عبد المنعم -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) “اكتسبت مشروعيتها من ممارستها فعل المقاومة منذ زمن بعيد، واستوعبت جيدا الفكرة التي تصدّرها إسرائيل عن نفسها بأنها الجيش الذي لا يُقهر”، وما ترسخ عنها في الوجدانين الجمعي والفردي.
فكانت الأداة الأولى التي استخدمتها المقاومة لدحض هذه الصورة، من خلال إظهار إخفاق الصورة النمطية التي طالما روّجت لها إسرائيل بأنها تمتلك “الجيش الذي لا يقهر”، وذلك بما أقدمت عليه يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي في عملية طوفان الأقصى.
والأداة الثانية -كما يقول استشاري الطب النفسي- هي “إظهار الجانب غير المرئي من القسوة والحقد واتباع أساليب غير شريفة من القتل والدمار”. وكل هذا “كان يحدث في الماضي دون أن يراه العالم، لكن الآن وسائل الاتصال أصبحت متنوعة وعديدة، والعالم كله يرى ما يحدث في اللحظة نفسها”.
فإسرائيل تجيد دائما لعب دور الضحية منذ إنشائها، واستغلال “الهولوكوست” في تصدير هذه الصورة للعالم، لكن “المقاومة أدارت المعركة بذكاء شديد جدا، وجعلت الصورة الحقيقية لهذا الكيان الصهيوني واضحة أمام العالم كله، بعد ممارسته كل صور الإرهاب على سكان قطاع غزة”.
الصورة الأخلاقية
ويذكر عبد المنعم أن الأداة الثالثة التي وظّفتها حماس من أجل التأثير نفسيا في الاحتلال الإسرائيلي كانت عبر “الصورة الأخلاقية الجميلة التي أظهرتها المقاومة في استضافة الأسرى وخروجهم وامتنانهم للمعاملة الحسنة التي وجدوها”، وصاحَب ذلك تركيز إعلامي، مما أثّر في العقل الجمعي للعالم.
والأداة الرابعة كانت في قدرة حماس على تغيير الأفكار، وتغيير الصورة النمطية التي صدّرها الإعلام الإسرائيلي بأن “حماس إرهابية”؛ لكنها استطاعت الانتصار في معركة الوعي، مما “جعل العديد من العواصم العالمية تنتفض في مظاهرات من أجل وقف العدوان، وهذا -أيضا- كان له أثره في متخذي القرارات السياسية الذين وقعوا كثيرا تحت تأثير الدعاية الصهيونية”.
أما الأداة الخامسة فكانت “صمود الشعب الفلسطيني، واتخاذه المقاومة جزءا من القضية، فعلى مدار الأحداث لم نر أحدا من أهل فلسطين يدين المقاومة، وإنما كان الصبر والتمسك بفكرة المقاومة والتمسك بالأرض والفداء واضحا جدا؛ وهذا يعطي رؤية بأن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه وثابت على مبادئه”.
الشؤون المعنوية
وعن أهمية الجانب النفسي في إدارة المعارك، قال استشاري الطب النفسي “إن جميع جيوش العالم لديها وعي شديد بتأثير الجانب النفسي في تشكيل الرؤية والهمم، ولذلك ستجد دائما في كل الجيوش إدارة الشؤون المعنوية”، التي يسلك عملها مسارين:
- الأول هو العمل الذي يتوجه لأفراد هذا الجيش داخليا، وهذا ما يظهر أثره في المعارك وأثناء العدوان، وهي فكرة الانتماء القوي للأرض عند الفلسطيني والعربي والمسلم، ولذلك تمسّك الناس بأرضهم مع كل الصعوبات التي يجدونها، مع إحياء روح الفداء والتضحية.
- الثاني يعمل على نفسية الطرف المقابل، فعندما تريد أن تهزم جيشا مهما كان قويا فلا بد من أن تحدث تأثيرا في معنويات هذا الجيش، بحيث لا يستطيع مواجهتك، خاصة إذا كان لا يدافع عن قيم أو عن هُوية أو عن أرضه، ومن ثم يتكوّن لديه انهزام داخلي وفي الروح المعنوية؛ فيحدث انهيار في هذا الجيش مهما كانت قوته، ويخفق في تحقيق أهدافه السياسية.