دوّت انفجارات عنيفة في العاصمة الأوكرانية كييف إثر هجوم جوي روسي مكثف بطائرات مسيّرة، وصواريخ “كروز”، وصواريخ باليستية، فيما قالت أوكرانيا إن دفاعاتها استطاعت تدمير معظم الأهداف الجوية، فيما تشهد المنطقة محاولات للتهدئة بزيارة مبعوث صيني لأوكرانيا، ومبادرة أفريقية لإنهاء الصراع.
وقالت الإدارة العسكرية لمدينة كييف إن الهجوم الروسي على كييف استثنائي في كثافته، وإنه شهد إطلاق عدد كبير من الصواريخ الهجومية في أقصر فترة زمنية.
وأعلنت الإدارة العسكرية، في المقابل، تدمير معظم الأهداف الجوية في سماء العاصمة، مؤكدة أن الحطام سقط على 5 أحياء مختلفة في المدينة، وأشعل النار في سيارات، لكن لم ترد أنباء عن وقوع خسائر.
وفي خيرسون، قال حاكم المقاطعة الأوكراني ألكسندر بروكودين إن شخصين قتلا، وأصيب آخرون، جراء قصف روسي متواصل على المقاطعة.
وأضاف بروكودين أن القوات الروسية قصفت المقاطعة خلال الساعات الماضية نحو 80 مرة، أطلقت خلالها أكثر من 400 قذيفة مدفعية؛ وأشار إلى أن القصف استهدف أحياء سكنية، ومؤسسة تعليمية، في قلب المدينة.
وفي مقاطعة ميكولايف المجاورة، أكد عمدة المقاطعة إسقاط الدفاعات الأوكرانية 4 صواريخ روسية من نوع “كروز”، أطلقت من البحر الأسود، مشيرا إلى أن استمرار القصف الروسي على المناطق الساحلية من المقاطعة ألحق أضرارا في البنية التحتية.
وفي زاباروجيا، قالت السلطات الموالية لروسيا إن الجيش الروسي شن هجوما مكثفا ببطاريتي صواريخ ومدفعية على حشد كبير من مقاتلي القوات الأوكرانية غرب أوريخوف، في المقاطعة.
في المقابل، ذكرت مواقع عسكرية روسية أن مقاطعة بيلغورود الروسية تعرضت لقصف بقنابل فوسفورية من الجانب الأوكراني.
ونشر موقع “ريدوفكا” العسكري صورا لدخان يتصاعد من مناطق في مقاطعة بيلغورود؛ وأشار الموقع إلى أن القوات الأوكرانية قصفت المقاطعة باستخدام راجمة الصواريخ “غراد”.
تحول نوعي
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن بلاده ستحصل على قدرات عسكرية جديدة، تمكنها من إغلاق أجوائها في وجه الهجمات الروسية المتواصلة؛ مشيرا إلى أهمية الجولة الأوروبية للرئيس فولوديمير زيلينسكي في تشكيل ما سماه “تحالف الطائرات المقاتلة” ضد موسكو.
وتعهّدت بريطانيا بإمداد كييف بـ”مئات” الصواريخ الدفاعية أرض-جو “في الأشهر المقبلة”، والمسيّرات الهجومية البعيدة المدى (200 كيلومتر)، لتضاف إلى صواريخ كروز من طراز “ستورم شادو” تعهّدت بريطانيا الأسبوع الماضي بتسليمها لكييف، لتكون الأولى التي تطلبها أوكرانيا منذ أشهر لضرب أهداف بعيدة عن خط المواجهة.
وبهذا الشأن، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن ذلك سيتطلب ردا عسكريا مناسبا؛ وأضاف أن الجيش الروسي سينظر في القرارات ذات الصلة من وجهة نظر عسكرية.
ويرجع التحول النوعي في القدرات الأوكرانية لصد الهجمات الجوية الروسية إلى منظومات الدفاع الجوي التي تسلمتها كييف من دول غربية خلال الأشهر الماضية، وأبرزها:
- منظومة الدفاع الجوي الأميركية “ناسامز”، التي تسلمتها كييف أواخر العام الماضي، ويمكنها اعتراض الطائرات المروحية والمُسيّرات وصواريخ كروز، كما يمكنها الاشتباك مع 72 جسما جويا مُعاديا في وقت واحد.
- منظومة الدفاع الجوي الأميركية “باتريوت” التي تسلمتها أوكرانيا في أبريل/نيسان الماضي، ويمكن لصواريخها الاعتراضية الوصول إلى ارتفاع يزيد على كيلومترين، وضرب أهداف على بُعد 160 كيلومترًا.
- منظومة الدفاع الألمانية من طراز “آيريس تي إس إل إم”، (Iris-T-SLM) التي تسلمتها كييف في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ويصل مدى صواريخها إلى 40 كيلومترا، ويمكنها ضرب أهداف على ارتفاع 20 كيلومترا.
باخموت
وفي مدينة باخموت بإقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا، أكدت قيادة عمليات الشرق الأوكرانية سيطرة قواتها على منطقة كانت بحوزة القوات الروسية في الضواحي الغربية للمدينة، مؤكدة أن الوضع القتالي والعملياتي للجنود الأوكرانيين في المدينة يتحسن يوميا، وبشكل تدريجي.
وقال الجيش الأوكراني إن وتيرة القتال مع القوات الروسية تزداد على محاور باخموت وليمان وأفدييفكا ومارينكا، وأن حدة الأعمال العدائية تتصاعد في باخموت ومارينكا، وفق تعبيره.
في السياق نفسه، قالت هيئة الأركان الأوكرانية إن قائد القوات البرية للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي زار أحد خطوط المواجهة المتقدمة على الجبهة، وتحدث عن الوضع في باخموت.
وقال سيرسكي إن القوات الأوكرانية في المدينة تستخدم مبدأ الدفاع النشط، وتلجأ إلى هجمات مضادة في بعض الاتجاهات قرب باخموت، وإن الموارد الكبيرة للقوات الروسية هناك لا تمنع المقاتلين الأوكرانيين من تدمير خططها، حسب تعبيره.
في المقابل، تفقد مالك شركة “فاغنر” الروسية يفغيني بريغوجين خطوط القتال الأمامية غربي مدينة باخموت. ونشر موقع موال للمجموعة العسكرية الروسية الخاصة مقطعا يظهر بريغوجين وهو يستمع إلى تقرير قائد ميداني، قال إنه على خطوط التماس الأولى مع الجيش الأوكراني.
مبادرة أفريقية
سياسيا، قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا اليوم الثلاثاء إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وافقا على استقبال مجموعة من الزعماء الأفارقة لبحث خطة سلام محتملة لحل الصراع.
ولفت رامافوزا إلى أنه أجرى “اتصالات منفصلة” مع كلّ من بوتين وزيلينسكي نهاية الأسبوع الماضي، قدّم خلالها مبادرة صاغتها زامبيا والسنغال وجمهورية الكونغو وأوغندا ومصر وجنوب أفريقيا.
وأضاف “ستتوقف فرص نجاح هذا على المناقشات التي ستُجرى”، مشيرا إلى أن خطة السلام مدعومة أيضا من زعماء السنغال وأوغندا ومصر، وأن الأمين العام للأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا على علم بالمبادرة، فيما عبّرت واشنطن ولندن عن دعمهما “الحذر” للخطة.
يأتي هذا، فيما يبدأ الممثل الصيني الخاص للشؤون الأوراسية، المكلف بمناقشة تسوية النزاع في أوكرانيا، لي هوي، زيارة إلى كييف، يبحث خلالها تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية.
وسيزور المبعوث الصيني أيضا روسيا وعددا من دول الاتحاد الأوروبي بينها بولندا وفرنسا وألمانيا.
وكانت الصين نشرت في فبراير/شباط الماضي وثيقة من 12 نقطة تتضمن موقفها من حرب روسيا وأوكرانيا ورؤيتها لحل الصراع بينهما، وذلك بالتزامن مع الذكرى الأولى لاندلاعه.