أثار قرار قاض تونسي بالتحفظ على الصحافي البارز زياد الهاني بتهمة إهانة الرئيس قيس سعيد، بعدما وجه له انتقادات في تصريحات إذاعية، تضامنا واسعا في الوسط الصحفي بتونس وسط مخاوف مما وصف بتعزيز النهج الدكتاتوري للرئيس التونسي.
وكان أعضاء من هيئة الدفاع عن الهاني قد أفادوا بأن النيابة العامة التونسية أمرت بتوقيف موكّلهم تحفظيّا.
وأشارت الهيئة إلى استجواب الهاني أمام فرقة أمنية دون السماح لمحاميه بالحضور، موضحة أن موكلها اعتقل بموجب مرسوم مكافحة الجرائم الإلكترونية بعد تصريحات أدلى بها في إذاعة محلية.
🟠بعد تلقيه استدعاء للحضور بمقر #الفرقة_المركزية الخامسة لمكافحة #جرائم_تكنولوجيا المعلومات والاتصال #للحرس_الوطني بالعوينة بوصفه “ذي شبهة” https://t.co/eXwPVoeEii via @WPCrumbs
— Kashf Media – كشف ميديا (@KashfMedia) June 20, 2023
اعتقال ومخاوف
ويثير الاعتقال مخاوف إزاء حرية التعبير في تونس منذ أن حصل الرئيس سعيد على سلطات واسعة في 2021، حين حل البرلمان وبات يحكم بمراسيم.
وقالت دليلة بن مبارك محامية الهاني لوكالة رويترز “تم استجواب زياد الهاني في غياب محاميه.. ما حدث مهزلة تعزز النهج الدكتاتوري”.
ولم يعلق الهاني، وهو مقدم برنامج إذاعي يومي، على مزاعم إهانة الرئيس، التي تصل عقوبتها القصوى إلى السجن 5 سنوات.
وفي الأشهر القليلة الماضية، سُجن أكثر من 20 شخصية سياسية وقضائية وإعلامية وتجارية لها علاقات مع المعارضة، واجه بعضها اتهامات بالتآمر ضد أمن الدولة.
وشجبت أحزاب المعارضة الرئيسية الاعتقالات وقالت إن وراءها دوافع سياسية، وحثت جماعات حقوقية السلطات التونسية على إطلاق سراح السجناء.
— Kashf Media – كشف ميديا (@KashfMedia) June 20, 2023
في المقابل، وصف الرئيس سعيد المعتقلين بأنهم إرهابيون ومجرمون وخونة، وقال إن القضاة الذين يطلقون سراحهم سيعتبرون شركاء لهم.
وزياد الهاني صحفي عرف بنقده اللاذع لأغلب الحكومات منذ ثورة 2011 كما كان ينتقد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وهو الآن منتقد شرس للرئيس سعيد. ويردد باستمرار أن سعيد قام بانقلاب ويسعى لتدمير الديمقراطية وضرب حرية الصحافة.
تضامن ودعم
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب عشرات الصحافيين والناشطين التونسيين عن تضامنهم مع الهاني محذرين من السياسة التي تنتهجها السلطات ومن مواصلة تكميم كل الأصوات المعارضة.
وفي هذا السياق، قال الكاتب كمال الرياحي “اليوم صحافي وكل يوم مواطن، الدكتاتورية لا تفرق بين إعلامي ومواطن، كل التضامن مع الزميل الصحفي زياد الهاني”. وأضاف “كلنا متآمرون، كل الشعب في حال سراح مؤقت”.
أما الصحافي علي بوشوشة فقد قال -في تدوينة له عبر موقع فيسبوك- إن حرية الرأي والفكر “أصبحت جريمة في هذا البلد المكمود، الجوع ينهش لحمنا كشعب والدولة تلاحق من ينقدها ومن لا يعجبها قوله، ثم يتبجحون بالقول إن حرية التعبير مكفولة، حرية الرأي وحرية التعبير مهددة قولا وفعلا، وتتقهقر أشواطًا إلى الوراء والوضع لا ينبئ بخير في المستقبل القريب”.
وأطلق عدد من الصحافيين عريضة إلكترونية للتوقيع عليها، مؤكدين أن تصريحات الهاني محل التتبع تندرج في صميم مهنة الصحفي الذي من مهامه التفسير والتعليق على الأحداث وإنارة المتلقي حول مختلف القضايا والمواضيع التي تهم الرأي العام.
وطالب الموقعون السلطات بالإفراج الفوري عن الهاني وإسقاط التتبعات في حقه وتمتيعه بالحرية الكاملة.
كما أعرب الممضون على العريضة عن تضامنهم مع عائلة الصحفي زياد الهاني، ودعوا كل الهيئات النقابية والحقوقية إلى الدفاع عن حرية الصحافة والتعبير التي أصبحت مهددة بعد إصدار المرسوم 54.
رسائل ومساندة
ونشر عدد من الصحافيين رسائل دعم وتضامن مع الهاني، وأعربوا عن مساندتهم له حين قالت الصحافية منية العرفاوي “الفعل الموحش هو أن لا تنام في بيتك الليلة، زياد الهاني أعرف أنك صلب بما يكفي لتقاوم.. وأنت من كنت السند والسنديانة والإسناد للجميع.. قاوم فأنت الثابت.. وما دونك عابرون قطعا مع الأحداث العابرة.. حتى ولو بعد حين!”.
أما نقيب الصحافيين التونسيين فقد قال “الفعل الموحش هو أن تصدر بطاقة إيداع بالسجن في حق الزميل زياد الهاني على خلفية تدوينة أو تصريح إذاعي أو موقف. سيبقى زياد حرا وسيلاحقكم الخزي والعار”.
وحرية التعبير هي المكسب الرئيسي الذي ناله التونسيون بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس بن علي.
لكن ناشطين وصحفيين وسياسيين يقولون إن هذه الحرية تواجه تهديدا جديا تحت حكم سعيد، ويرفض سعيد الاتهامات باستهداف الحريات ويقول إنه لن يكون دكتاتورا.