كشفت وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية البريطانية أن دومينك راب الذي شغل منصب وزير الخارجية في حكومة بوريس جونسون، قد أجاز 3 عمليات على الأقل نفذتها خدمة الاستخبارات السرية البريطانية، شكّلت خطرا حقيقيا بارتكاب التعذيب.
الوثيقة التي وصلت لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني خلال تحقيقها في عمليات استخبارية بريطانية يُعتقد أنها عرّضت أشخاصًا لخطر التعذيب من قبل حكومات أجنبية، كان ضمن تقرير للجنة كشفت عنه صحيفة التايمز البريطانية.
وأشار التقرير إلى أن راب وخلال سنتين من عمله وزيرا للخارجية بين عامي 2019-2021، سمح لخدمة الاستخبارات السرية البريطانية بتمرير معلومات استخبارية لحكومة أجنبية، حيث واجه المشتبه به معاملة قاسية أو غير إنسانية أو مهينة.
وأشار التقرير إلى أنه في عملية أخرى، تضمنت تمرير معلومات استخباراتية مهددة للحياة، كان هناك “خطر حقيقي” من تعرض الشخص المعنِي للتعذيب على يد الحكومة التي تمّ تقديم المعلومات إليها.
وقد جاء هذا الكشف بعد تقرير قدمته لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، أشار إلى أن إجازة وزير الخارجية السابق تبدو خرقا للضمانات القاطعة التي قُدمت للبرلمان بعدم طلب خدمة الاستخبارات السرية تفويضا لتمرير معلومات استخبارية في الحالات التي يوجد فيها خطر جدّي بارتكاب التعذيب.
وقد أشار تقرير لجنة الاستخبارات إلى مخاوف حقيقية حول الثقافة الأمنية والأنظمة المتبعة لدى مكاتب الاتصالات الحكومية، وهي المؤسسة الأمنية البريطانية المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية الإلكترونية.
وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن التقرير يشير إلى أن راب وافق على 3 عمليات شكّلت خطرا حقيقيا بارتكاب التعذيب، فيما وافق على 22 طلبا من خدمة الاستخبارات السرية ارتبطت بخطر وجود “معاملة غير مقبولة” مثل الاعتقال وأمور متعلقة بظروف السجن، بحسب تقرير لجنة الاستخبارات.
وخلال استجوابه من قبل لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، أنكر راب أنه وافق على مثل هذه الإجراءات، معربا عن تشككه في فعالية التعذيب وآثاره الأخلاقية على سمعة وكالات الاستخبارات البريطانية.
وقد أورد تقرير اللجنة أن وزارة الخارجية قدمت دليلا يُظهر بوضوح حقيقة عدم وجود حظر على الوزراء في إجازة إجراءات تشكل خطرا في ارتكاب التعذيب، وأن الوزراء قد أجازوا بالفعل مثل هذه الإجراءات.
وكان الوزير السابق قد أكد لصحيفة التايمز البريطانية أنه اتخذ القرار الصحيح بناء على المعلومات التي كانت أمامه في ذلك الوقت. وقال إنه واثق من أن كل القرارات التي اتخذت كانت قانونية. وبالرغم من ذلك، فقد أكد تقرير اللجنة البرلمانية أن راب تصرف بموجب الصلاحيات الممنوحة له، وأن إنكاره لم يكن مقصودا منه تضليل اللجنة.
في هذه الأثناء، أدانت منظمة “ريبريف” لحقوق الإنسان الإجراءات التي اتخذها وزير الخارجية السابق واعتبرتها غير قانونية. وقال مدير السياسات والمناصرة في المنظمة، دان دولان، إن عمل راب لم يكن قانونيا، متهما الحكومة الحالية باتباع سياسة “تعكير المياه” حول هذه القضية.
وقد أشار دولان إلى حوادث مشابهة مثل اعتقال الناشط السيخي البريطاني-الهندي جاكتر سينغ جوهال في الهند منذ 2017، والذي تعرض للتعذيب على يد السلطات الهندية على خلفية مشاركة معلومات استخبارية بريطانية مع نيودلهي، بحسب دولان.
ولم يذكر تقرير لجنة الاستخبارات والأمن تفاصيل عن تلك الحوادث، أو عن الحكومات الأجنبية والشخصيات ذات الصلة بعمليات تبادل المعلومات الاستخبارية مع الخدمة السرية البريطانية.
يُذكر أن صحيفة “غارديان” البريطانية نشرت في ديسمبر/كانون الأول 2021 أن راب الذي شغل منصب وزير للعدل في وقت سابق لدى حكومتي تيريزا ماي وريشي سوناك، كان قد قال في سنة 2009، عندما كان عضوا في البرلمان، إنه لا يدعم قانون حقوق الإنسان البريطاني ولا يؤمن بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.