تبدو فرص زعيم المعارضة العلمانية في تركيا كمال كليجدار أوغلو الفوز في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 28 مايو/أيار الجاري “بعيدة المنال”، بحسب محللين يرون أن الرئيس رجب طيب أردوغان في وضع أفضل بالنظر إلى فارق الأصوات المريح الذي حصل عليه في الجولة الأولى.
وحصل كليجدار أوغلو (74 عاما)، مرشح تحالف المعارضة المكون من 6 أحزاب، على 45% من الأصوات في اقتراع يوم الأحد الماضي، في حين حصل أردوغان (69 عاما) على 49.5%، وهو أقل بقليل من الأغلبية اللازمة لتجنب خوض جولة إعادة.
وفي الانتخابات البرلمانية التي أجريت في الوقت نفسه، فاز تحالف الشعب، الذي يضم حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان وأحزابا قومية وإسلامية، بما يبلغ 322 من أصل 600 مقعد في البرلمان الجديد.
وبعد نتائجها المخيبة للآمال، استأنفت المعارضة التركية اليوم الثلاثاء حملاتها في محاولة لحشد أصوات الشباب، عبر العزف على وتر الوضع الاقتصادي الصعب وتدهور قيمة الليرة التركية وارتفاع نسبة التضخم.
وكتب كليجدار أوغلو على تويتر متوجها إلى الشباب قائلا “لا يمكنكم تحمل كلفة أي شيء. عليكم حتى التفكير في ثمن فنجان القهوة. لقد سُرقت منكم متعة الحياة بينما يفترض أن يكون الشباب بعيدين عن الهموم. لم يعطوكم ذلك ولا ليوم واحد”.
وأضاف “لن تستعيدوا شبابكم مرة أخرى.. أمامنا 12 يوما، يجب أن نخرج من النفق المظلم”.
عن توجه كليجدار للشباب، يقول بيرك إيسن الباحث في العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول، إن “كليجدار أوغلو ليس اسما جديدا بالنسبة للشباب، فهو يبلغ من العمر 74 عاما، ولم ينجح فعليا في تحريك الناخبين الشباب”.
وأضاف “المعارضة مفككة بالكامل، سيكون من الصعب عليها تجميع صفوفها مجددا للفوز” في الدورة الثانية يوم 28 مايو/أيار الجاري، متوقعا “نسبة مشاركة أقل” عما كانت عليه في الجولة الأولى.
في المعسكر المقابل، قال إبراهيم قالن الناطق باسم الرئاسة التركية والمستشار المقرب لأردوغان اليوم الثلاثاء “الدورة الثانية ستكون أكثر سهولة بالنسبة إلينا. هناك فارق 5 نقاط (بين المرشحيْن)، حوالي مليونين ونصف المليون صوت. يبدو أنه ليس لديهم أي فرصة لسد هذه الفجوة”.
ورقة الأكراد
وإلى جانب الشباب، يأمل كليجدار أوغلو أن يصوت الأكراد، الذين يمثلون حوالي 10% من الناخبين، بقوة لصالحه في الدورة الثانية.
وأعلن حزب الشعوب الديمقراطي المناصر لقضايا الأكراد في نهاية أبريل/نيسان الماضي تأييده لزعيم المعارضة، وهو نفسه كردي علوي، لكن يُعتقد أن نسبة المشاركة في الجولة الأولى بالمحافظات ذات الأغلبية الكردية كانت تحوم حول 80%، وهو أقل بكثير من المعدل الوطني البالغ 89% تقريبًا.
بيد أن الحصول على دعم كردي أكبر قد يمثل سيفًا ذا حدين يجعل محاولة كليجدار أوغلو للوصول إلى السلطة شبه مستحيلة، حيث نجح أردوغان في ربط المعارضة بحزب العمال الكردستاني المسلح المحظور، الذي شن تمردًا مسلحًا ضد الدولة التركية لعقود، وهو خطاب نجح في تأطير القوميين والمحافظين على ما يبدو.
حول هذا يقول سونر كاغبتاي المحلل في معهد واشنطن “بشكل عام، التحالف الانتخابي بين كليجدار أوغلو وحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد أضر به”.
وأضاف “بقي بعض ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي في المحافظات ذات الأغلبية الكردية في منازلهم يوم الانتخابات، في حين تخلى بعض الناخبين القوميين الأتراك عن كليجدار أوغلو ولاموه على تحالفه مع حزب الشعوب الديمقراطي”.
كتلة سنان أوغان
حصل سنان أوغان، المرشح القومي، على 5% من الأصوات، وقد يكون دعمه حاسمًا في الجولة الثانية. وأوغان قومي علماني بعيد عن المحافظين المتدينين، لكنه شنّ أيضًا حملة قوية على “الإرهاب”، وهي كلمة يستخدمها العديد من السياسيين الأتراك لإدانة الأكراد.
لذلك يرى كورساد إرطغرل من جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، أن “النزعة القومية المعادية للأكراد للتيار الذي يمثله أوغان تجعل من الصعب جدًا على كليجدار أوغلو إبرام صفقة” معه.
ويرجح إرطغرل أن تواصل حملة أردوغان التركيز على القضايا الأمنية، وهي صيغة رابحة بين الطبقة العاملة “القومية المحافظة”، كما أن فكرة بناء “تركيا العظيمة” من خلال مشاريع البنية التحتية والاستفادة من “الحساسيات الأخلاقية لدى الأغلبية المحافظة” كانت أيضًا في صميم رسائل أردوغان.
وحتى لو حصل كليجدار أوغلو على دعم أوغان بطريقة ما، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى عزوف الأكراد عن التصويت له، بحسب بيرك إيسين أستاذ العلوم السياسية بجامعة سابانجي.
وأضاف إيسين أنه بعد فوزه بنسبة 49.5% في الجولة الأولى، لا يحتاج أردوغان إلى تقديم تنازلات كبيرة لأوغان للفوز في الجولة الثانية.
ويرى إمري بيكر من مجموعة أوراسيا الاستشارية، أنه سيكون من الأسهل على أردوغان استمالة الناخبين على عكس منافسه، ومن المرجح أيضا أن يشارك أنصار أردوغان بأعداد أكبر للتصويت في جولة الإعادة من أنصار كليجدار أوغلو مع تراجع زخم المعارضة.