إسطنبول – انطلقت فعاليات “مبادرة علماء الأمة لنصرة الطوفان” بمناسبة مرور عام هجري على معركة “طوفان الأقصى”، عبر مهرجان جماهيري حاشد في مدينة إسطنبول.
وشهد المهرجان -أمس الخميس- مشاركة كوكبة من علماء العالم الإسلامي بحضور شخصي أو بكلمات مسجلة، كان من أبرزهم الداعية ذاكر نايك، ومفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني، والشيخ محمد الحسن الددو، بجانب المئات من الأتراك وأبناء الجاليات العربية المقيمين في إسطنبول.
وصلى الحاضرون ركعتين ودعوا دعاء القنوت، حيث رفعوا أكفهم تضرعا لله، داعين لنصرة أهل غزة وفك الحصار عنهم.
وتنظم العديد من مؤسسات علماء المسلمين حول العالم هذه المبادرة بالتنسيق مع هيئة علماء فلسطين، بهدف توحيد الجهود الإسلامية لدعم القضية الفلسطينية والدعوة لتقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني، والتنديد بالمعاناة التي لا يزال يعيشها الفلسطينيون في غزة منذ قرابة العام.
وركز المتحدثون في كلماتهم على ضرورة استمرار النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على أهمية توسيع دائرة الدعم والمقاومة.
“النفير واجب شرعي”
وأكد رئيس هيئة علماء فلسطين نواف تكروري أن مرور عام على “طوفان الأقصى” يمثل “حافزا لمواصلة النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يحقق سوى مزيد من القتل والدمار في غزة خلال العام الماضي”.
وأوضح تكروري أن الاحتلال، بعد فشله في تحقيق أهدافه في غزة، يحاول فتح جبهات جديدة في لبنان، مما يستدعي الاستعداد الكامل لمواجهته في كل مكان.
كما دعا تكروري الشباب في أنحاء العالم إلى السير على خطى مجاهدي غزة، مؤكدا أن المعركة القادمة يجب أن تنتقل إلى كل بقاع الأرض.
من جهته، أشاد الشيخ التركي إحسان جان أوشاك بصمود غزة، قائلا إن “أهل غزة كتبوا تاريخا جديدا، وأثبتوا للعالم أن المسلم، حين يكون مع الله عز وجل، لا يخضع للطغاة بل يجعلهم هم من يركعون”.
وتابع: “نوجه تحياتنا من أرض الخلافة لأهلنا في غزة، ونؤكد أن الامتحان ليس يوميا أو سنويا، بل يمتد طوال الحياة، كما صبر الصحابة 13 عاما حتى أتاهم النصر”.
وفي كلمته، أكد الشيخ محمد الحسن الدَّدوْ على أهمية أن يستمر البذل والعطاء والدعاء والمظاهرات “كطوفان لا يتوقف”، موضحا أن الأمة الإسلامية يجب أن تظل منشغلة بما أصاب إخوانها في غزة ولبنان، وأن تقف بجانبهم في هذه الأوقات العصيبة.
وأشار الشيخ الددو إلى “خطورة التعود على رؤية المجازر التي يرتكبها العدو على مدار عام كامل”، داعيا إلى رفض الصمت أمام هذه الجرائم. كما شدد على أن الشهداء قد قدموا أرواحهم في سبيل هذه القضية، وأن الأمة يجب ألا تخذلهم، بل تواصل السير على نهجهم حتى يتحقق النصر.
“الإنسانية تذبح نفسها”
في السياق، قال الرئيس السابق للشؤون الدينية في تركيا، محمد غورماز إن “حرب غزة ليست مجرد حرب ضد غزة وحدها، بل هي حرب العالم على غزة، وحصار العالم لها وإبادته لأهلها”.
ورأى أن الإنسانية “تذبح نفسها ومعانيها على أعتاب غزة، حيث مضى عام كامل على المجازر التي ترتكب بحق الفلسطينيين دون أن يتحرك العالم أو يتخذ خطوات فعلية لوقف هذه المذبحة”.
واختتم غورماز كلمته قائلا: “ما يحدث في غزة هو مخاض عسير، لكنه سيولد منه مستقبل جديد للإنسانية، وسيكون هذا الفصل الحاسم بين من يقف مع الحق والخير، وبين من يقف مع الأشرار والظلم”.
من جانبه، قال الداعية الإسلامي ذاكر نايك في كلمة مسجلة خلال المهرجان، إن ما يقوم به أهل غزة هو فرض كفاية عن الأمة الإسلامية، ما يجعل فضلهم عظيما على الأمة جمعاء.
وأضاف أن التاريخ شهد العديد من الإبادات الجماعية، لكنها لم تكن بهذه البشاعة، إذ كسرت جميع القواعد الأخلاقية والإنسانية. وأكد أن ما يحدث في غزة يجب أن يكون درسا لكل مسلم حول كيفية تمسك أهل غزة بتعاليم الإسلام وصمودهم رغم المعاناة، وأن يتعلموا الصبر من أمهات الشهداء ومن ثبات الأطفال.
وأشار نايك إلى أن صمود أهل غزة كان سببا في اعتناق الكثير من الناس للإسلام، بينما بدأ الملايين حول العالم في التعرف على تعاليم الدين الإسلامي.
ولفت الانتباه إلى أن الملايين خرجوا في مظاهرات في أوروبا تضامنا مع المسلمين في غزة، مما يعكس التحول الذي أحدثته هذه المعاناة في الوعي العالمي.
دعوات لتوحيد الصفوف
وقال رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي (عليه الصلاة والسلام)، الشيخ محمد الصغير، في حديثه للجزيرة نت إن هذا المهرجان يمثل الانطلاقة الرسمية لمبادرة علماء الأمة لنصرة الطوفان، والتي تأتي مع مرور عام على المجازر الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأشاد الصغير بالدور الهام الذي تؤديه المؤسسات والجمعيات الإسلامية، وعلى رأسها هيئة علماء فلسطين، التي أخذت على عاتقها مسؤولية تنظيم هذه المبادرة في ظل الحاجة الملحة لأن يكون الجميع صوتا داعما لأهل غزة.
كما أكد الشيخ الصغير أن هذه المبادرة تهدف إلى توحيد الجهود الإسلامية وتعزيز الدعم العملي والإعلامي لقضية الشعب الفلسطيني، مشددا على أن مثل هذه الفعاليات تسهم في تسليط الضوء على معاناة غزة وفضح ممارسات الاحتلال أمام العالم.
من جانبه، قال الداعية التركي فاتح جونتشكتي في حديثه للجزيرة نت إن من واجب علماء المسلمين، وما زال، أن يكونوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، للتحرك والوقوف إلى جانب المسلمين في قطاع غزة. وأكد أن هذا المهرجان يأتي جزءا من سلسلة فعاليات وخطوات تم اتخاذها سابقا لدعم أهل غزة ماديا ومعنويا.
وأكد جونتشكتي على أهمية توعية الأمة الإسلامية بالمخاطر التي تواجهها في حال استمرار الصمت على ما يحدث في غزة، مشددا على ضرورة التوعية الدينية التي تعرف المسلمين بواجباتهم تجاه إخوانهم في القطاع.
كما دعا الحكومات الإسلامية، التي وصفها بالمتخاذلة، إلى ضرورة التحرك العاجل لوقف المجازر، وإدخال المساعدات الإنسانية، والبدء في إعادة إعمار غزة.
برامج علمية وإغاثية
وتستمر فعاليات المبادرة حتى السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وتشمل مؤتمرات علمية تُعقد في 27 و28 سبتمبر/أيلول الجاري، حيث تتم خلالها مناقشة الفتاوى الشرعية المرتبطة بدور الأمة في “طوفان الأقصى”، بالإضافة إلى جلسات تركز على دور العلماء في دعم المقاومة الفلسطينية.
وفي 29 سبتمبر/أيلول، ستُعقد فعالية دولية تشارك فيها عالمات وداعيات من مختلف الدول الإسلامية لتسليط الضوء على أهمية دور المرأة في نصرة القضية الفلسطينية. وسيُخصص يوم 30 سبتمبر للحديث عن أهمية المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل ودورها كأداة فعالة في مواجهة الاحتلال.
وتستمر المبادرة بتنظيم حملات إغاثية وإنسانية في الأول والثاني من أكتوبر/تشرين الأول، لدعم أهل غزة في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة. ويُخصص الثالث من أكتوبر للدعاء والضراعة، حيث سيتم أداء صلاة ركعتي القيام في المساجد والساحات تضامنا مع غزة.
وتختتم المبادرة فعالياتها في السابع من أكتوبر، بإحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق معركة “طوفان الأقصى”، عبر تنظيم إضراب عالمي وصيام جماعي، إلى جانب مسيرات مليونية ووقفات احتجاجية في العديد من الدول الإسلامية، للمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي ودعم الشعب الفلسطيني.