ملأت مارية بوجديك سيارتها بالمواد الغذائية لتقطع أكثر من 200 كيلومتر حتى توزعها على القرويين المنكوبين جراء الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب، الذين يشكون عدم وصول مساعدات من طرف السلطات.
واستهدفت هذه المتطوعة الوصول إلى سكان قرية تفغاغت الجبلية الواقعة في إقليم الحوز جنوب مراكش، وهو الإقليم الأكثر تضررا من الزلزال الذي ضرب ليل الجمعة مخلفا حتى الآن 2497 قتيلا على الأقل.
أمام هول الكارثة بادرت مارية، التي تتحدر من تفغاغت، إلى التحرك آتية من مدينة أكادير، حيث تعيش على بعد نحو 200 كيلومتر جنوب إقليم الحوز.
وقالت مارية “تلقيت اتصالات من عائلات يقول أفرادها إنهم لا يجدون قوتا إزاء هذه المأساة، اشتريت مواد غذائية بما يعادل 10 آلاف درهم (نحو 980 دولارا) لتقديم يد العون من موقعي المتواضع”.
وأضافت أن “الظروف السيئة التي يعيشها الناجون تضاعف هول المأساة، إنه لأمر كارثي وخطير أن تشعر بالجوع في هذه الظروف، بالنسبة لي تقديم المساعدة أمر طبيعي”.
مستودع صغير
ويعمل ثلاثة من سكان القرية على ترتيب المواد الغذائية في مستودع صغير نجا من الدمار، وهي عبارة عن زجاجات ماء وأكياس دقيق وعلب شاي وحلويات، أوصلها متطوعون مثل مارية وغيرها إلى القرية الواقعة على بعد 60 كيلومترا لكن عبر مسالك غير معبدة.
ووصف أحد هؤلاء الرجال الثلاثة ويدعى محمد -الذي فقد ابنته (16عاما) – الموقف قائلا “قررنا التحرك بعد مرور 24 ساعة على المأساة لأنه لا أحد جاء لمساعدتنا، لذلك نحاول أن ننظم أنفسنا ليتمكن كل منا من سد جوعه”.
ومن جانبه قال مصطفى المشموم (34 عاما) إن “السلطات غائبة حتى الآن، نحن معزولون، لولا المتطوعون لمتنا جوعا”.
يحاول الرجل “تمالك نفسه” رغم أن وقع الكارثة عليه كان قاسيا، إذ خسر كلا من والدته وشقيقه وجدته و5 من أقاربه.
بعد أكثر من 48 ساعة على الفاجعة ما زال الناجون في تفغاغت يمضون ليلتهم في العراء.
ويشكو المشموم حالهم قائلا “طلبنا أمس خياما من السلطات لكن لم نحصل بعد على أي شيء، ننام على الأرض في البرد، نستطيع التحمل لكن الصغار لا يمكنهم ذلك”.
توزيع الماء
مثل مارية، جاء محمد بلقايد من مراكش إلى تفغاغت المنكوبة وسيارته ممتلئة بزجاجات ماء لتوزيعها على الناجين في القرى المجاورة.
وأكد على التزمه بتقديم العون للمتضررين بالرغم من أن الكثيرين حاولوا منعه وذلك لصعوبة الطريق، وأضاف أن “من الضروري أن تكون التعبئة شاملة، السلطات أيضا عليها أن تستنفر ولكن يبدو أنها غائبة”.
إلى جزء آخر من المناطق المنكوبة جاء 13 متطوعا من مدينة الحسمية (شمال) بعدما عبروا نحو 790 كيلومترا لتقديم العون للناجين، وكانت المدينة الواقعة على الساحل المتوسطي عاشت مأساة مماثلة في العام 2004 حين هزها زلزال خلف 628 قتيلا.
وصل هؤلاء في سيارتين وشاحنتين لتوزيع مواد غذائية في عدة قرى بينها تفغاغت ومولاي إبراهيم وأسيف اميكدال، شرق مراكش وجنوبها.
وقال سعيد الحاج أحد هؤلاء المتطوعين “عشنا الوضع نفسه في العام 2004، أمر طبيعي أن نقدم المساعدة بدورنا”.
وهذه المساعدات هي “الأولى التي نتلقاها منذ الفاجعة”، كما يقول محمد بقا (65 عاما) أحد الناجين من الكارثة في قرية سور تحناوت.
قافلة المساعدات
وفي مراكش كان متضامنون آخرون يستعدون -عصر أمس الأحد- لتحضير قافلة من المساعدات، ولهذه الغاية تجمعت عدة شاحنات صغيرة قبالة سوف ممتاز، ملئت بأكياس من الدقيق وقناني المياه والحليب والعصائر ومواد غذائية أخرى، ابتاعها متطوعون لترسل إلى الناجين.
وتجندت عدة جمعيات لإيصال المساعدات للقرى المنكوبة مثل جمعية “دراو سمايل” و”لاينزل انترناسيونال”.
ويقول مسؤول الفرع المحلي لجمعية “لاينز انترناسيونال” إلياس غساني “نحاول بذل قصارى جهودنا فالحاجات كبيرة جدا”.