كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته وقصفه على قطاع غزة اليوم السبت، وقلص للمرة الثانية خلال أسبوع المنطقة التي زعم أنها “إنسانية” في خان يونس، وارتكب مجزرة جديدة باستهداف مدرسة تؤوي نازحين غرب دير البلح وسط القطاع.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن قوات الاحتلال قصفت مدرسة أحمد الكرد المجاورة لمدرسة خديجة في دير البلح، قائلا إن الغارات الإسرائيلية تجددت غربي مدينة دير البلح.
من جانبها، قالت وزارة الصحة في غزة إن 30 فلسطينيا استشهدوا وأصيب أكثر من 100 -بينهم حالات خطيرة- في غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين غربي دير البلح.
وقال المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى خليل الدقران للجزيرة إن أغلب المصابين الذين وصلوا إلى المستشفى بعد استهداف مستشفى ميداني داخل مدرسة خديجة في دير البلح من الأطفال.
وأضاف الدقران أن معظم المصابين يعانون من حروق شديدة في أجسادهم تدل على استخدام الاحتلال صواريخ وقذائف محرمة دوليا، مشيرا إلى أن عددا من الجرحى فارقوا الحياة في ظل اكتظاظ المستشفى وافتقاره إلى الأدوية والمستلزمات الطبية.
مناشدات وزارة الصحة
بدورها، ناشدت وزارة الصحة في غزة المؤسسات الدولية والجهات المعنية ضرورة التدخل السريع لحماية ما تبقى من مؤسسات صحية.
وأعلنت الوزارة في بيان خروج عدد من مراكز الرعاية الأولية الصحية من الخدمة، بالإضافة إلى نقاط طبية ميدانية عدة.
وذكرت أنه لم يعد بالإمكان تشغيل المستشفى الأوروبي رغم الحاجة الماسة لذلك.
وأوضحت أن زيادة أعداد النازحين دون ماء وفي أماكن جريان مياه الصرف الصحي تجعل الأوضاع مواتية لانتشار فيروس شلل الأطفال وغيره من الأمراض بين جموع النازحين.
في المقابل، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو استهدف مجمع قيادة وسيطرة تابعا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تم إخفاؤه داخل مجمع مدرسة خديجة في وسط قطاع غزة.
وأضاف أنه تم القضاء على عدد ممن سماهم “مخربي حماس” اختبؤوا وعملوا من داخل المجمع، على حد قوله.
وأضاف أن ما سماها “منطقة المجمع الإرهابي” استُخدمت مخبأ لعناصر حماس، كما أن الحركة طورت وخزنت وسائل قتالية في المجمع.
وأفادت مصادر طبية للجزيرة بأن 46 فلسطينيا استشهدوا إثر تواصل القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة وسط وجنوبي قطاع غزة منذ صباح اليوم.
وقال مراسل الجزيرة إن شخصين استشهدا -أحدهما طفل- إثر قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية في بلدة بني سهيلا شرقي خان يونس جنوبي القطاع.
وأفاد المراسل أيضا بانتشال جثامين 5 شهداء إثر قصف استهدف أمس الجمعة منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة.
كما أفاد مراسل الجزيرة بأن طواقم الإسعاف انتشلت جثامين 5 شهداء إثر غارة استهدفت منزلا لعائلة المصري في منطقة مصبّح شمال مدينة رفح، كما أصيب عدد آخر في الهجوم.
وقالت مصادر طبية إن جثامين 14 شهيدا وصلت إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس منذ صباح اليوم السبت.
وأفاد المراسل باستشهاد وإصابة عدد من الفلسطينيين إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة عبسان شرقي مدينة خان يونس.
كما استشهد شخص واحد وأصيب آخرون إثر قصف بمسيّرة على مقبرة وسط خان يونس.
وقال مراسل الجزيرة إن جثامين 5 شهداء وصلت إلى مجمع ناصر الطبي انتشلوا من بلدة القرارة شمالي خان يونس.
تشييع جثامين
وأصيب عدد من الشبان برصاص قناص على دوار بلدة بني سهيلا شرقي خان يونس، كما شهدت مناطق متفرقة وسط وجنوب وشرقي خان يونس غارات جوية وقصفا مدفعيا استهدف منازل ومنشآت تجارية، مما أدى إلى تدميرها.
وفي السياق ذاته، قال مراسل الجزيرة إن طفلا توفي في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح نتيجة الجفاف وسوء التغذية.
كما أفاد المراسل باستشهاد 5 أشخاص -بينهم 3 أطفال- إثر قصف استهدف منزلا في بلدة الزوايدة وسط غزة.
وقد شيع أهالي البلدة جثامين من استشهدوا في استهداف الجيش الإسرائيلي، وتم نقل جثامين الشهداء من مستشفى شهداء الأقصى، حيث أدى المشيعون صلاة الجنازة عليهم.
رد المقاومة
ميدانيا، يتصدر حي تل الهوى المشهد في جنوب مدينة غزة، حيث يجري قتال ضارٍ من شارع إلى آخر أسفر عن تفجير دبابات إسرائيلية واستهداف قوة مشاة وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح حسب بيانات كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وأعلنت كتائب القسام أنها أوقعت أفراد قوة مشاة إسرائيلية بين قتيل وجريح بتفجير عبوة رعدية مضادة للأفراد، كما قالت إن مقاتليها قنصوا جنديا إسرائيليا كان يعتلي إحدى الآليات المتوغلة.
وفي المحور نفسه، أعلنت كتائب القسام تدمير مقاتليها دبابتي “ميركافا-4″ إسرائيليتين حولهما عدد من الجنود بعبوتي “شواظ”، واستهداف دبابة ثالثة بقذيفة الياسين 105.
كما أعلنت القسام إطلاق صاروخ “سام 7” باتجاه طائرة مروحية إسرائيلية في سماء حي تل الهوى.
أما القصف الإسرائيلي الكثيف فقد تركز على جنوب القطاع، خصوصا بلدتي عبسان وبني سهيلا ومدينتي خان يونس ورفح.
كما شهدت مناطق في محافظتي خان يونس ورفح اشتباكات بين فصائل المقاومة وجيش الاحتلال.
وشهد وسط القطاع وشماله أيضا غارات وقصفا مدفعيا من الجيش الإسرائيلي على مدن وبلدات البريج والنصيرات ومنطقة المغراقة.
وامتد القصف الإسرائيلي أيضا إلى بيت لاهيا شمالي القطاع ومدينة غزة التي شهدت أيضا اشتباكات بين المقاومة والجيش الإسرائيلي.
وقد بثت كتائب القسام مشاهد لكمائن ضد جنود الاحتلال داخل مخيمي يبنا والشابورة في مدينة رفح.
أوامر بالإخلاء
من جهته، أكد رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي مواصلة الجيش الضغط العسكري من أجل استعادة المحتجزين في غزة.
وقال هاليفي في ختام جولة لتقييم الوضع بمنطقة خان يونس إن الجيش الإسرائيلي يصر على العمل حتى تفكيك آخر كتيبة لحركة حماس.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي اليوم السبت إنه طلب من الفلسطينيين إخلاء الأحياء الجنوبية في منطقة خان يونس مؤقتا حتى يتمكن من “العمل بقوة” هناك، وطلب منهم الانتقال إلى منطقة إنسانية في المواصي.
وقال جيش الاحتلال أمس الجمعة إن قواته خاضت معارك مع مقاتلين فلسطينيين في مدينة خان يونس ودمرت أنفاقا وبنى تحتية أخرى، في مسعى لقمع وحدات مسلحة صغيرة تواصل قصف القوات بقذائف الهاون.
وفي بيان له زعم المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي أنه “في ضوء عمليات إطلاق قذائف صاروخية من أحياء بالجزء الغربي للمنطقة الإنسانية في خان يونس أصبح البقاء في تلك المنطقة خطيرا”.
والاثنين الماضي، قلص الجيش الإسرائيلي المنطقة التي زعم أنها إنسانية بإصدار أوامر إخلاء تطالب سكان الأحياء الشرقية لخان يونس بالإخلاء الفوري سبقها بهجوم جوي ومدفعي وتوغل بري مفاجئ، مما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من الفلسطينيين.
لا إنسانية وغير آمنة
وخلال الأشهر الماضية طالب الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بمغادرة أماكن إقامتهم والتوجه إلى هذه الأحياء جنوبي القطاع بزعم أنها إنسانية وآمنة.
وفجر اليوم السبت أطلقت آليات إسرائيلية نيران أسلحتها الرشاشة صوب خيام النازحين في المناطق الجنوبية من مدينة خان يونس.
وتفتقر المنطقة التي يزعم جيش الاحتلال أنها إنسانية ويجبر الفلسطينيين على التوجه إليها لأدنى مقومات الحياة الإنسانية، فضلا عن اكتظاظها بالنازحين.
ومع صدور أوامر الإخلاء شهدت مناطق غرب وجنوب خان يونس حركة نزوح كبيرة من قبل المواطنين إلى المناطق الغربية لوسط قطاع غزة.
وفي يوليو/تموز الجاري ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرتين في أحياء مدينة خان يونس التي زعم أنها آمنة.
ووفق آخر إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي، فإن عدد النازحين في قطاع غزة بلغ نحو مليوني فلسطيني، بينهم 1.7 مليون يعيشون في منطقة المواصي غرب جنوب القطاع بظروف معيشية مروعة، وفق بيان سابق لمنظمة المساعدة الإنسانية الدولية (أوكسفام).
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أميركي خلفت أكثر من 129 ألفا بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني المتردي في غزة.