تمثل اتفاقات أبراهام إحدى المبادرات النادرة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي تسعى إدارة الرئيس الحالي جو بايدن لتوسيعها وتعميقها، فإلى ماذا تطمح واشنطن من وراء ذلك؟
وتساءل برنامج “من واشنطن” (2023/10/5): إن كانت إدارة بايدن تسعى لكسب ورقة رابحة انتخابيا تعوّل عليها لكسب تأييد قطاعات واسعة من الناخبين للفوز بولاية رئاسية ثانية لبايدن؟ أو أنها تطمح لقطع الطريق على النفوذ الصيني في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد نجاح الوساطة الصينية بين الرياض وطهران؟
ويشار إلى أنه في 15 من شهر سبتمبر/أيلول 2020 رعى الرئيس ترامب في البيت الأبيض التوقيع على اتفاقات أبراهام لتطبيع العلاقات بين إسرائيل من جهة، والبحرين والإمارات من جهة أخرى، لينضم إليهما -لاحقا- المغرب ثم السودان، وصاحَب اتفاقات أبراهام شعور بأنها أُبرمت على حساب الفلسطينيين.
ومن بين المؤشرات على الأولوية الكبيرة التي توليها إدارة بايدن لملف اتفاقات أبراهام؛ تعيينها للسفير الأميركي لدى إسرائيل دان شابيرو، مستشارا أولا للتكامل الإقليمي بوزارة الخارجية الأميركية.
وفي لقاء حصري للبرنامج أوضح شابيرو، أن التكامل الإقليمي فرصة للدول لتعمل معا في المنطقة، لتطبيع علاقات قد تكون موجودة حتى يصبحوا شركاء في تحديات مشتركة، وبناء فرص اقتصادية لمواطنيهم.
وقال شابيرو، إنه منذ توقيع اتفاقات أبراهام شهد التعاون الإسرائيلي مع شركائها العرب ارتفاعا مهما، وكذا زيادة ملحوظة في نسبة المعاملات التجارية بينهم، مشيرا إلى وجود رحلات سياحية بين هذه البلدان، الأمر الذي يعزز التواصل بين شعوب هذه الدول، ولكنه يرى أن كل هذه الإنجازات غير كافية لتعميق العلاقات بين إسرائيل وشركائها العرب.
وأشار إلى أن هناك دولا في الشرق الأوسط وأفريقيا وشرق آسيا تجري محادثات سرية مباشرة مع إسرائيل، ومع الشركاء في منتديات التكامل الإقليمي، حول كيفية توطيد العلاقات مع تل أبيب، ولكنه تحفّظ على ذكر أسماء تلك الدول؛ نظرا لسرية تلك المعلومات حتى الآن.
وأوضح أن هناك نقاشا نشطا يدور حول إمكانية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وتعدّ أميركا شريكا رئيسا في تلك المناقشات، مبينا أنه إذا تحقق ذلك فسيكون تحولا كبيرا؛ بسبب النفوذ الكبير الذي تتمتع به السعودية في العالمين العربي والإسلامي.
أما عن التخوف الأميركي من النفوذ الصيني في المنطقة، رأى مدير مكتب الجزيرة في العاصمة الصينية ناصر عبد الحق، أنه منذ إعلان أميركا في عهد أوباما خطتها لتحويل سياستها إلى منطقة آسيا، فقد وجدت الصين في ذلك فرصة كي تسدّ الفراغ الأميركي في المنطقة.
ولكن يبدو أن أميركا عندما رأت التوسع والمشروعات الصينية، فقد شعرت بنوع من الخطر من هيمنة الصين على المنطقة، وهذا ما جعل بكين ترى أن إبرام أميركا لاتفاقات مع دول المنطقة، سيزيد من العبء الأميركي لأنه لن يكون بمقدورها السيطرة على كلّ من منطقتي الصين والشرق الأوسط، في الوقت ذاته.