في ظل الحديث عن مساعيه لاقتلاع أهالي قطاع غزة من أرضهم ووطنهم، يعمل الاحتلال الإسرائيلي بالموازاة على تهجير الفلسطينيين من مناطقهم بالضفة الغربية، من خلال إفراغ المخيمات من أهلها وتهجيرهم قسرا إلى خارجها.
وقد هجّر الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 20 ألف فلسطيني قسرا من مخيم جنين شمالي الضفة بعد تدميره بالكامل، كما أكد محافظ جنين. كما أجبر جيش الاحتلال العائلات الفلسطينية على النزوح قسرا من مخيم الفارعة جنوب طوباس شمال الضفة الغربية.
وهجرت قوات الاحتلال أكثر من نصف سكان مخيم طولكرم البالغ عددهم نحو 14 ألف نسمة. وأما في مخيم نور شمس في المحافظة نفسها، فقد أجبر الاحتلال أكثر من 80% من سكانه على النزوح خارجه بعد تدمير ممنهج لمئات المنازل فيه.
ووفقا للأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، د. مصطفى البرغوثي، فإن الضفة الغربية هي الهدف الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي، وهو يركز حاليا على المخيمات بإخراج الأهالي من بيوتهم وتدمير منازلهم، مشيرا إلى أن السيناريو الذي طبقه في قطاع غزة يجري تطبيقه على الضفة.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي -يضيف البرغوثي في حديثه لبرنامج “مسار الأحداث”- ما كان قد بدأه عام 1948، عندما قام من خلال المجازر التي ارتكبها بتهجير 70% من الشعب الفلسطيني، وكان قادته، وبينهم والد رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو يلومون ديفيد بن غوريون (أول رئيس وزراء إسرائيلي) على أنه أبقى 200 ألف فلسطيني في أراضي 1948، ولاموا حكومتهم على أنها لم تنجح عام 1967 في تهجير كل الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويؤكد البرغوثي أن الاحتلال الإسرائيلي قام عام 1948 بتدمير 521 قرية وبلدة فلسطينية والتي هجر أهلها، و”اليوم دمر كل قطاع غزة، وشرع في تدمير الضفة الغربية”، مشيرا إلى أن المشروع الصهيوني يكشف اليوم عن وجهه الحقيقي.
ويتفق الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي، د. مهند مصطفى مع البرغوثي في كون الضفة الغربية هي الأهم بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، والذي يقضي مخططه بالتمهيد لضم الضفة الغربية ولاحقا تهجير الفلسطينيين منها، وهو السيناريو نفسه الذي جهزه لقطاع غزة.
ويركز الاحتلال حاليا على مخيمات الضفة الغربية وخاصة في الشمال، لاعتقاده أنها معقل المقاومة الفلسطينية، كما يوضح مهند مصطفى، والذي يؤكد أن هدف نتنياهو أيضا هو القضاء على الحركة الوطنية الفلسطينية، “الحلم الذي يراوده منذ التسعينيات”.
ويشن الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية “السور الحديدي” استهدفت مخيمات جنين وطولكرم أولا وامتدت إلى محافظة طوباس، وخاصة طمون ومخيم الفارعة، وهي العملية التي قال الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي إنها ستشمل كل مناطق الضفة، لكنها تركز حاليا على المخيمات.
تناقض جوهري
وفي السياق نفسه، يرى مهند مصطفى أن تصريح نتنياهو لقناة فوكس نيوز الأميركية لا يخرج عن إطار المخطط الإسرائيلي المتعلق بالتهجير، حيث إنه وصف خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة بأنها “أول فكرة جديدة منذ سنوات”، وقال إن إسرائيل فكرت في موضوع تهجير سكان غزة قبل ترامب.
وزعم نتنياهو في مقابلته مع فوكس نيوز أن إخراج الفلسطينيين من القطاع “لن يكون قسريا أو تطهيرا عرقيا”، وقال إن الفلسطينيين يمكنهم أن يعودوا إلى أرضهم بعد “انتقال مؤقت” لكن بشرط التنصل مما وصفه بـ”الإرهاب”.
وتتعارض تصريحات نتنياهو بشأن التهجير مع اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويشير مهند مصطفى إلى وجود تناقض جوهري بين هذه التصريحات والمرحلة الثانية من الاتفاق.
ولمواجهة مخطط الاحتلال والإدارة الأميركية بشأن تهجير الفلسطينيين، يقترح البرغوثي أن يتوحد الفلسطينيون بكل أشكالهم داخل جبهة وطنية عريضة، وأن يتخذ العرب والمسلمون موقفا حازما يؤكد على رفض التهجير، وأن تمارس الضغوط على الدول العربية المطبعة مع الاحتلال كي تلغي التطبيع، بالإضافة إلى دعم موقف مصر والأردن والسعودية المتحد برفض تهجير الفلسطينيين.