19/2/2024–|آخر تحديث: 19/2/202411:04 م (بتوقيت مكة المكرمة)
يرى محللون أن كافة السياسيين الإسرائيليين يرفضون فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، مشيرين إلى أن رحيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن الحكم لا يعني حدوث تغييرات جذرية في هذا الموقف دون موقف دولي فعلي يتجاوز مرحلة الانتقاد إلى تطبيق عقوبات عملية.
فمن وجهة نظر الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى فإن هناك مصالح مشتركة بين الطيف السياسي الإسرائيلي في مقدمتها رفض الحديث عن الدولة الفلسطينية، وإن اختلفت الأسباب.
ووفقا لما قاله مصطفى خلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، فإن اليمين المتطرف يريد السيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة، بينما يريد آخرون -بينهم عضو مجلس الحرب بيني غانتس– كيانا فلسطينيا أقل من دولة مع سيطرة كاملة على الضفة وهو موقف ينبع من مصالح أمنية، حسب قوله.
ويرى مصطفى أن الحديث عن حدوث تغييرات جذرية في حل وصول غانتس إلى السلطة بدلا من نتنياهو ليس واقعيا، مشيرا إلى أنه (غانتس) كان وزير دفاع في حكومة يائير لبيد التي كانت تسمى حكومة التغيير ومع ذلك لم تفعل شيئا سوى أنها زادت المداهمات في الضفة.
مجتمع يميني
وأكد مصطفى أن المجتمع الإسرائيلي “أصبح يمينيا منذ عقدين، ويعيش فكرة أنه في حالة خطر وجودي دائمة؛ وبالتالي لا يسعى لأي تسوية، ولا يقبل بالتعامل مع الفلسطيني كإنسان لأن الدولة الفلسطينية أيا كان شكلها تهدد وجود إسرائيل”.
الرأي نفسه ذهب إليه المحلل السياسي حسام شاكر بقوله إن الإسرائيليين يرفضون الدولة الفلسطينية مهما كان شكلها، ولكن لأسباب مختلفة، مضيفا أنه “لا يمكن أن تكون حكومة إسرائيل شريكة في أي تسوية سياسية”، وأن هذه الحالة “هي حصيلة اتفاقية أوسلو”.
بالتالي، فإنه المجتمع الإسرائيلي -برأي شاكر- غير مستعد لأي حديث عن دولة مستقلة للفلسطينيين، وهو رأي يوافقه مصطفى بقوله إن هناك إجماعا على رفض فكرة الدولة الفلسطينية، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى وجود خلاف داخلي بشأن طبيعة هذه الدولة -حال وجودها- وحجم الاستيطان في الضفة وطريقة التعامل مع السلطة الفلسطينية.
ولفت مصطفى أن غانتس يحظى بشعبية حاليا لأنه قادم من المؤسسة العسكرية ولديه نزعة أمنية يبحث عنها الإسرائيليون، لكنه في الوقت نفسه يعرف أنه بحاجة إلى اليمين الأقل تطرفا الذي يعارض نتنياهو بسبب ما يعتبره انقلابا قضائيا.
ووفقا لمصطفى فإن هذا اليمين الأقل تطرفا يتحكم في بعض المقاعد الـ40 بالكنيست التي يحاول غانتس الحفاظ عليها بكل الوسائل، “ما يعني أنه لن يحدث أي تغيير جذري يخالف هذا التيار حال وصوله للسلطة، فضلا عن أن الوضع برمّته لن يسمح له بأي تغيير”.
كما أن غانتس -والحديث هنا لشاكر- “سبق وأن تعامل خلال وجوده في الحكومة بنفس الغطرسة الإسرائيلية، وبالتالي فإن الوقائع على الأرض هي ستفرض التغييرات وليس شخص رئيس الوزراء الإسرائيلي”.
وبرأي مصطفى، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن لغانتس تقديمه هو بعض الصلاحيات للسلطة الفلسطينية إرضاء لأميركا التي يدرك أهميتها لأمن إسرائيل.
في المقابل -يقول مصطفى- فإن اليمين يعتقد أن الحكومة الحالية يمكنها الحفاظ على شعبيتها داخليا لو تصدت للضغوطات الدولية، لذلك فإن هذه الضغوط تزيد من وحدة حكومة نتنياهو ولا تضر بها.
لحظة فارقة
وأكد مصطفى أن اليمين الإسرائيلي “يعيش لحظة تاريخية فارقة لأنه يدرك أن سقوط نتنياهو يعني صعود بيني غانتس الذي سيعزز مكانة السلطة، وبالتالي فهو (اليمين) يحاول الحفاظ على الحكومة”، مضيفا “نتنياهو لديه ثقة عالية لأنه يدرك تماما أن اليمين لن يتخلى عليه وخصوصا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وهو يستغل الضغط الدولي لإعطاء شرعية لليمين”.
وعن مدى قدرة إسرائيل على مواجهة الضغوط الدولية والاقتصادية، قال شاكر إن إسرائيل تدرك وجود مخاطر حالية لكنها تضمن دعما سياسيا وعسكريا واقتصاديا من أميركا وبعض الأوروبيين”، مؤكدا أن هذا الأمر “يشجع الطيف المنفلت الذي يتصور أنه قادر على فعل أي شيء وشن أي حروب”.
وأضاف “عمليا الدعم الأميركي والغربي لنتنياهو ما زال بلا قيد ولا حد ولا يوجد حتى انتقاد لسلوك الجيش، وبالتالي الحكومة تتعامل كالطفل المدلل الذي يملي مزيدا من الإملاءات ويلقى استجابة رغم بعض التوبيخ”.
ومن هذا المنطلق، فإن المأزق الحقيقي حاليا -كما يقول مصطفى- هو الذي يعيشه المجتمع الدولي لأنه لم يفرض أي عقوبة على إسرائيل، مما يدفعها لمواصلة ما تقوم به.
وخلص مصطفى إلى أن الشيء الوحيد الذي قد يردع تل أبيب هو فرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية ومالية عليه، لأنها لو دفعت ثمنا لحربها لأوقفتها فورا، حسب قوله.