4/1/2024–|آخر تحديث: 4/1/202410:59 م (بتوقيت مكة المكرمة)
يرى خبراء ومحللون أن التصريحات الأميركية الأخيرة التي تستبعد القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تشير إلى احتمال تغير نظرة واشنطن للحركة وربما التعامل معها مستقبلا، لكنهم يرون أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن إسرائيل وستواصل العمل من أجل القضاء على كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، قال في مؤتمر صحفي -يوم الأربعاء- إن القضاء على حماس كفكرة أمر مستبعد، وإنها ليست مجرد مجموعة من الإرهابيين ليتم القضاء عليها عسكريا.
ومن وجهة نظر المسؤولة السابقة بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ياسمين الجمل، فإن تصريحات كيربي “تمثل اعترافا بحقيقة أن إسرائيل لن تتمكن من هزيمة حماس أبدا”، وإنها ربما تكون قادرة على الحد من قدراتها العسكرية.
وخلال مشاركتها في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قالت الجمل إن قوة حماس “أجبرت واشنطن على مراجعة نظرتها لها؛ لأن مفهوم الردع بدا واضحا خلال الشهور الثلاثة الماضية”.
حماس صدمت العالم
ليس هذا فحسب، فإن المسؤولة السابقة في البنتاغون ترى أن “العالم صدم من قدرة حماس على توجيه ضربات موجعة لإسرائيل بعد 3 أشهر من الحرب”، مضيفة أن إسرائيل نفسها “لم تكن تتوقع ذلك”.
وترى ياسمين الجمل أن السبب في تباين المواقف بين أميركا وإسرائيل يعود إلى الطريقة البراغماتية التي تعتمدها الولايات المتحدة في تعاطيها مع الخصوم، بينما ترى إسرائيل الأمور من منظور واحد وهو “أن حماس تمثل خطرا وجوديا لا بد من القضاء عليه”، حسب قولها.
الأمر نفسه ذهب إليه المحلل السياسي عريب الرنتاوي، بقوله إن تصريحات كيربي تمثل تقدير موقف أميركيا للحرب بالدرجة الأولى، فضلا عن أنها تؤكد فشل إسرائيل في تحقيق هدف القضاء على حماس.
لكن الأمر الأهم الذي يراه الرنتاوي في تصريحات كيربي، هو أن “الحرب ستتوقف، بينما ستظل حماس باقية، وربما يتم التعامل معها مستقبلا كحركة تحرر حفاظا على المصالح الأميركية”.
بدوره، قال الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، إن قدرة القسام على توجيه ضربات موجعة لإسرائيل وتكبيدها خسائر فادحة وحقيقية “أعطى انطباعا مؤكدا لتل أبيب وحلفائها بأنه لا يمكن القضاء على حماس عسكريا”.
وبالتالي -يضيف مكي- فإن الولايات “تحاول الذهاب إلى مقاربة جديدة خلاصتها القبول ببقاء الحركة مع وقف إطلاق النار، وهو أمر يتعارض تماما مع ما يعلنه وما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.
خلاف في وجهات النظر
لكن اللافت -بنظر مكي- هو أن تصريحات كيربي تشير إلى أن واشنطن “قد تقبل بحماس كأمر واقع فكري وعقائدي واجتماعي واسع، لكن هذا قد لا تشمل كتائب القسام”.
ويرى مكي أن واشنطن “لا تختلف عن إسرائيل من حيث رغبتها في القضاء على القوة العسكرية للحركة، وإن لم يكن الآن فلاحقا، خصوصا بعد الحرب الأخيرة التي أكدت أن قوة القسام باتت خطرا لا يمكن القبول به”.
وفيما يتعلق بسحب حاملة الطائرات الأميركية “جيرالد فورد” من المنطقة، قال الرنتاوي إنه “يعكس عدم رضا واشنطن عن سعي نتنياهو لإشعال حرب إقليمية”، مشيرا إلى أن واشنطن تدرك حاليا أن المنطقة “تقف على فوهة بركان، وهو أمر يتعارض مع مصالحها”.
ويرى الرنتاوي أن واشنطن “ليست راغبة في حرب إقليمية شاملة ولا تريد الانصياع وراء غريزة الانتقام التي تدفع إسرائيل لضرب كل خصومها في المنطقة، وبالتالي فهي تحاول كبح جماحها”.
ويؤيد مكي هذا الرأي، بقوله إن سحب حاملة الطائرات هو “رسالة غضب فقط؛ فالولايات المتحدة لن تتخلى عن إسرائيل لأي سبب خلال العقد الحالي على الأقل؛ لأنها جزء من مصالحها وأمنها القومي بغض النظر عن طبيعة ساكن البيت الأبيض”.
ومن هذا المنطلق، فإن ما يجري بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونتنياهو -برأي مكي- “ليس سوى مناكفات تتعلق بحرب غزة وبانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة؛ لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد عودة الرئيس السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض؛ حتى يظل هو الآخر رئيسا للحكومة”.
بدورها، قالت ياسمين الجمل، إن الدعم الأميركي لإسرائيل “ليس قابلا للنقاش حاليا ولا في المستقبل المنظور لأنه قضية أساسية بالنسبة للحزبين الديمقراطي والجمهوري”، مؤكدة أن أمن إسرائيل “أولوية لإدارة بايدن، وهذا أمر لا يمكن التأثير فيه بسهولة”.
وختمت الجمل بأن سحب حاملة الطائرات جيرالد فورد “لا يعني عدم الرضا عن إسرائيل؛ لأن هناك ألفي جندي أميركي بالمنطقة، واستعراض قوة في شرق المتوسط، ناهيك عن أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن التف حول الكونغرس للمرة الثانية من أجل إرسال مزيد من الأسلحة لإسرائيل”.