بعد توجيه لائحة اتهام إليه للمرة الرابعة، تمهد الصعوبات التي يواجهها دونالد ترامب مع القضاء الطريق أمام انتخابات رئاسية قد تكون مشحونة وسريالية، مع محاكمة المرشح الجمهوري بالسعي لقلب نتيجة الانتخابات السابقة، التي يأمل في أن تعيده إلى البيت الأبيض.
وسيحاول الرئيس الجمهوري السابق (البالغ من العمر 77 عاما) التوفيق بين التجمعات الانتخابية وجلساته أمام المحكمة، مع سعيه للفوز بترشيح الحزب العام المقبل وولاية جديدة في المكتب البيضاوي.
ويقول ترامب إن التهم التي وجهت إليه الأشهر الأخيرة مؤامرة يحيكها الرئيس الديمقراطي جو بايدن، منافسه المحتمل في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، لعرقلة محاولته دخول البيت الأبيض مجددا.
وقال ترامب خلال تجمع انتخابي في نيو هامبشير “كيف يمكن لخصمي السياسي الفاسد وغير النزيه جو بايدن أن يحاكمني خلال حملة انتخابية أتقدم فيها بشكل كبير؟”.
وأوضح ترامب أنه أُجبر على “إنفاق المال والوقت بعيدا عن مسار الحملة الانتخابية من أجل محاربة الاتهامات والتهم الزائفة”.
لكن ترامب سعى في الوقت نفسه إلى تحويل المشكلات القانونية التي يواجهها لصالحه، قائلا إنها تزيد من شعبيته.
وأضاف “كل مرة يقدمون لائحة اتهام، نتقدم في صناديق الاقتراع”.
صمت بايدن
ومع تزايد التهم الجنائية الموجهة إلى ترامب، يُبدي بايدن تصميمه على تجنب التعليق على المشكلات القانونية التي يواجهها سلفه الجمهوري.
وغداة توجيه لائحة اتهام إلى ترامب للمرة الرابعة، بتهمة الابتزاز والتدخل في الانتخابات بولاية جورجيا، ألقى بايدن خطابا في ويسكونسن -ولاية متأرجحة رئيسية- ركز فيه على ملف الطاقة من الرياح وتوفير فرص عمل.
وفي مصنع ينشغل بطلبيات توربينات الرياح، تفاخر الرئيس الديمقراطي بالوظائف والاستثمارات الجديدة المرتبطة، حسب قوله، بسياسات كبيرة تتعلق بالطاقة والبنية التحتية أقرها خلال فترة ولايته.
ورغم أن خطاب بايدن كان يهدف بشكل مباشر إلى الرد على تصريحات لترامب عن تراجع الولايات المتحدة، فإن الرئيس الأميركي حرص على عدم ذكر اسم سلفه ولم يعلق على لائحة الاتهام الصادرة في جورجيا.
وقال بايدن “يقولون لنا إن أميركا تنحدر. إنهم مخطئون… أميركا لا تنحدر.. إنها تربح”.
وردا على سؤال عن أحدث التطورات القانونية المتعلقة بترامب، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض أوليفيا دالتون على متن الطائرة الرئاسية -أمس الثلاثاء- إنها “بالتأكيد لن تعلق”.
ويبدي بايدن كثيرا من الحذر قبل منافسته المحتملة مع ترامب الذي لا يزال الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض السباق إلى البيت الأبيض عام 2024.
والتزم بايدن (80 عاما) الصمت منذ وجهت إلى ترامب أول لائحة اتهام في نيويورك في وقت سابق من هذا العام، على خلفية دفع 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز في مقابل شراء صمتها بشأن علاقة خارج الزواج تعود إلى العام 2006.
ويدرك الرئيس الديمقراطي أن أي تعليق منه على لوائح الاتهام الصادرة بحق ترامب سيُشكل على الفور أداة في أيدي الجمهوريين الذين يتهمونه باستغلال القضاء ضد سلفه.
وتجنب بايدن الصحافة وأسئلتها المستمرة غن ترامب منذ بداية الصيف.
مشكلات هانتر
وبدلا من ذلك، يتمسك الرئيس الديمقراطي بالخطابات التي تدرب عليها جيدا بشأن السياسات الاقتصادية الرئيسية، خصوصا خطته للمناخ “قانون خفض التضخم”، إذ سعى إلى تسريع الانتقال نحو مصادر الطاقة النظيفة وإيجاد فرص عمل عن طريق ضخ نحو 350 مليار دولار من الإعانات الحكومية والإعفاءات الضريبية.
ويقول بايدن إنه ولّد بالفعل 110 مليارات دولار من استثمارات خاصة في هذا الإطار.
وفي حملته للانتخابات الرئاسية 2024، يدرك بايدن على الأرجح أنه لا يمكنه تجاهل مسألة لوائح الاتهام الموجهة إلى ترامب والمحاكمات المقبلة.
لكنه يراهن على أن قوة الاقتصاد الأميركي، الذي تحدى توقعات بالركود، ستقنع الناخبين في نهاية المطاف بدعمه.
ولكي يتميز عن منافسه، لا يرى بايدن ضرورة لإبراز مشكلات ترامب القانونية.
من جهة أخرى، يلتزم بايدن الصمت أيضا بشأن المشكلات القانونية التي يواجهها ابنه هانتر المتهم بالتهرب الضريبي وبعقد صفقات مشبوهة في الخارج.
ورغم أن مشكلات ترامب القانونية هي التي تأخذ الحيز الأكبر في الصحافة، فما زال بايدن يواجه معركة صعبة.
وتظهر استطلاعات الرأي أن ثقة الناخبين فيه منخفضة، وهم أصلا لا يفهمون تماما سياسته الاقتصادية، كما يترددون في انتخابه بسبب سنه. ففي حال إعادة انتخابه، سيكون بايدن قد بلغ 86 عاما بنهاية ولايته الثانية.
ومع ذلك، في ذروة حياته السياسية التي استمرت 5 عقود، يراهن بايدن على أن الوقت الذي أمضاه على الساحة السياسية سيعطيه الأفضلية، وأن الناخبين سيفضلون شخصيته على شخصية ترامب.