في إحدى المدارس التي تستضيف النازحين الفلسطينيين القادمين من شمال قطاع غزة، يجتمع المعلم طارق العنابي بالأطفال ليقدم لهم دروسا في اللغة الإنجليزية.
وقد نزح مئات الآلاف من شمال القطاع إلى وسطه وجنوبه نتيجة الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والتي أسفرت عن عشرات الآلاف من الشهداء وتدمير البنية التحتية، مسببة كارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقًا للمصادر الفلسطينية والمنظمات الدولية.
ويقوم العنابي، البالغ من العمر 25 عامًا، بجهود تطوعية “بهدف الحفاظ على استمرارية العملية التعليمية وتحسين مستوى الأطفال” الذين توقفوا عن الدراسة بسبب الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب الإسرائيلية على القطاع المحاصر.
وأضاف قائلاً “كنت معلمًا في قطاع غزة، تحديدًا في حي الزيتون، ولكن المدرسة تم تدميرها بشكل شبه كامل خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع”.
جهد طوعي
وتابع العنابي “السكان الذين نزحوا من المناطق الشمالية في مدينة غزة اضطروا للنزوح إلى الجنوب، ونحن نعمل بجهد شخصي طوعي لتحسين مستوى التعليم للطلاب. ونسعى جاهدين لتقديم المساعدة بالإنجليزية لضمان استمرارهم في عملية التعلم”.
ووزع المعلم لوحات خشبية صغيرة وبعض الطباشير على الطلاب، بعد أن أجلسهم في ساحة مدرسة طه حسين في مدينة رفح جنوب القطاع، بهدف تقديم الدروس لهم مجانا.
وقال “لقد قمنا بتوزيع لوحات صغيرة وطباشير للطلاب، بهدف توجيه طاقتهم وتخفيف الضغط عن أنفسهم قليلاً، وذلك ليكونوا قادرين على نقل صوتهم القوي إلى العالم الخارجي”.
وحذر العنابي من أن استمرار الطلاب بالانقطاع عن التعليم سيساهم في نسيان المعلومات التي تعلموها. لذلك “نحن نعمل بكل جهد لضمان استمرارهم في التعليم، بهدف الحفاظ على وجود المعرفة التي اكتسبوها في ذهنهم”.
بيئة غير ملائمة
بسبب امتلاء الفصول الدراسية بالنازحين القادمين من مناطق مختلفة، قرر العنابي تدريس الطلاب بالهواء الطلق في ساحة المدرسة، واستغل فناءها لتدريس الطلاب، حيث إن الفصول مكتظة بالسكان ولا يوجد مكان آخر متاح لتقديم الدروس بشكل فعال.
وأكد المعلم أن الظروف البيئية غير مهيأة وغير مناسبة لعملية التدريس، ولكن هذا هو الوضع الحالي، وهو يقوم بما يستطيع القيام به.
ويعيش النازحون بمدارس القطاع، الذين يبلغ عددهم 2.3 مليون نسمة، تحت ظروف صعبة للغاية تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، وذلك بعد أن قامت إسرائيل في حربها المستمرة بقطع كافة الإمدادات من كهرباء وماء ووقود وعلاج وغذاء.
في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سمحت إسرائيل بدخول قوافل محدودة جدا من المساعدات الإغاثية لغزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر. ومع ذلك، تقول الأمم المتحدة إنها لا تلبي احتياجات النازحين بشكل كاف، ولا تعتبر كافية لتلبية احتياجاتهم.