قالت فرانشيسكا ألبانيز المقررة الأممية الخاصة لحقوق الإنسان في فلسطين، إن محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب حرب إبادة في غزة تفتح عهدا جديدا في العلاقات بين الجنوب المستضعف والشمال المستقوي، وتسلط الضوء على حروب إبادة لم يعترف بها بعد.
وأمرت محكمة العدل الدولية -اليوم الجمعة- إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة والتحريض المباشر عليها، حيث رفضت -في حكمها الصادر اليوم الجمعة- الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا.
وفي لقاء مطول مع موقع “972 +” الإسرائيلي قالت ألبانيز إن الحجج التي قدمها الادعاء الجنوب أفريقي في المحكمة كانت قوية في سعيها لإثبات وجود نية إسرائيلية مبيتة لارتكاب إبادة في غزة، وإن انبراء خبراء قانونيين من جنوب أفريقيا وأيرلندا للدفاع عن شعب ما زال يتعرض للاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الذي نكبت به جنوب أفريقيا سابقا، قد أثّر فيها أيما تأثير.
وأضافت ألبانيز -وهي محامية دولية استلمت وظيفتها الحالية العام الماضي لتكون أول امرأة تعين في المنصب الذي يوثق الانتهاكات بحق الفلسطينيين- أن ما صدمها هو استخدام إسرائيل مصطلحات القانون الدولي الإنساني نفسه لتسويغ هجماتها على المدنيين.
لكن إسرائيل عانت كثيرا حسبما تقول المسؤولة الأممية لتقديم تفسير مقنع لحربها على المدنيين في غزة، بل وبدا أنها تعاني وهي تحت مجهر العدالة والإعلام.
وتقول ألبانيز إن المحاكمة تجاوزت مسألة الإبادة التي تجري في غزة إلى رمزية معارضة الاستعمار ككل.
الصمت الأوروبي
وردا على سؤال عن أسباب صمت الدول الأوروبية في مسألة الإبادة بحق المدنيين في غزة؟، ترى ألبانيز هذا الصمت طبيعيا بالنظر إلى الذهنية الأوروبية التي ما زالت حبيسة ترسبات وتداعيات الفترة الاستعمارية.
وأضافت أن كثيرا من حروب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الدول الأوروبية الاستعمارية ما زالت طي الإنكار، كتلك التي ارتكبتها ألمانيا في ناميبيا قبل بضعة عقود من الهولوكسوت.
ورغم أن أي قرار بخصوص تهمة الإبادة نفسها قد لا يتخذ قبل سنوات طويلة، فإن الملاحقات ضد إسرائيل في محكمة العدل من شأنها منح بريق أمل لمن يعيشون في جنوب العالم وحياتهم معلقة على شفير الهاوية، على حد تعبير ألبانيز.
وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، قدمت جنوب أفريقيا طلبًا لإقامة دعوى ضد إسرائيل بشأن انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.
ولم تصدر محكمة العدل الدولية أوامر لإسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في غزة، ولكنها ألزمت إسرائيل باتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية الفلسطينيين.
جدير بالذكر أن محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة في محكمة العدل (وهي واحدة من هيئات الأمم المتحدة الـ6) منفصلة عن مسعى قانوني آخر في لاهاي أيضا، حيث طلبت الجمعية العامة الأممية الشهر الماضي من المحكمة إبداء رأي استشاري في مدى قانونية احتلال الأراضي الفلسطينية، وهو رأي غير ملزم، على عكس القرارت المؤقتة التي تصدرها الهيئة في قضايا حروب الإبادة.