باتت مدينة نيويورك -التي كانت تعد بوابة العبور إلى الولايات المتحدة عبر جزيرة إيليس- ممتلئة بالكامل، لكن تدفّق المهاجرين الباحثين عن حياة أفضل ما زال مستمرا إليها.
حيث ينام العشرات من طالبي اللجوء -ومعظمهم من غرب أفريقيا- على أرصفة خارج فندق في مانهاتن، بانتظار تسوية أوضاعهم في مركز مؤقت بعد رحلات طويلة محفوفة بالمخاطر هربا من بلادهم.
وما زال طالبو اللجوء يبحثون عن مسكان لهم في المدينة التي بناها المهاجرون بعد أسبوعين من إعلان رئيس البلدية إريك آدامس أنه “لا مكان” في المدينة، بعد وصول حافلات محملة بالمهاجرين من ولايات أميركية أخرى، مشيرا إلى أن “الوضع سيزداد سوءا”.
واتُّهم آدامس بعد تصريحاته التي أطلقها أواخر يوليو/تموز الماضي وشجع فيها المهاجرين على الانتقال إلى مدن أخرى، بأنه انتهك قوانين المدينة المرتبطة بالحق في الحصول على مأوى، ومخالفة روح نيويورك التي يجسّدها تمثال الحرية المرحِّب منذ سنوات طويلة بالوافدين الجدد عن طريق البحر.
عبد الله ديالو أحد هؤلاء المهاجرين المنتظرين أمام فندق روزفلت، وصل “مدينة أحلامه” بعد رحلة استمرت أسبوعين بدأت من موطنه موريتانيا ثم تركيا وبعدها نيكاراغوا، قبل عبور الحدود المكسيكية إلى الولايات المتحدة.
قال ديالو (25 عاما) إن الرحلة كلفته 8 آلاف دولار، وإنه قام بها بحثا عن “الديمقراطية” و”الاحترام”.
ومن بين المهاجرين مواطنون من السنغال، قال بعضهم إنهم ناموا على ألواح الكرتون أمام واجهات متاجر 5 أيام في انتظار نقلهم إلى مآوٍ.
وخلال موجة الحرّ التي ضربت المدينة الأسبوع الماضي، قام متطوعون بتوزيع المياه والطعام على المهاجرين الذين باتت أرصفة نيويورك مأويَ لهم.
ومنذ أبريل/نيسان 2022، وصل أكثر من 93 ألف مهاجر، معظمهم من أميركا الوسطى والجنوبية، إلى نيويورك الملزمة قانونا بتقديم سكن مجاني لأي شخص يطلب ذلك.
وجاء تدفق المهاجرين بعد إرسال ولايات يقودها جمهوريون -مثل تكساس- مهاجرين إلى ولايات ديمقراطية، للاحتجاج على سياسات الهجرة التي ينتهجها الرئيس جو بايدن.
ويعيش حاليا نحو 106 آلاف شخص -من بينهم 54 ألف مهاجر تقريبا- في مدينة نيويورك، إما في مراكز إيواء أو فنادق، بحسب مسؤولين.
والشهر الماضي، أعلن آدامس أن السلطات ستوزع منشورات عند الحدود الأميركية المكسيكية، تفيد بأنه “ليس من المضمون” أنهم سيحصلون على مأوى في نيويورك، وأن عليهم “التفكير” في الذهاب إلى مدينة أخرى.
معاناة مزدوجة
وسعى آدامس لدى السلطات الفدرالية لإيجاد حل يشمل المزيد من الضوابط الحدودية ومساعدات فدرالية للتعامل مع موجة الهجرة، كما يطالب السلطات الفدرالية بالإسراع في الموافقة على تصاريح العمل للوافدين الجدد.
ولطالما كانت مدينة نيويورك ملاذا للمهاجرين، لكن آدامس -وهو ديمقراطي- يحاول الحد من عدد الوافدين الجدد تدريجا.
وتعطي إدارته الآن أولوية السكن المجاني للعائلات التي تضم أطفالا، فيما يتعين على الرجال العزاب إعادة تقديم طلب للحصول على مسكن بعد 60 يوما.
وقال مسؤول في الوكالة التي تدير قسما كبيرا من مساكن المهاجرين أخيرا: “تعاطفنا لا حدود له، لكن المساحة ليست كذلك”.
وبينما ألقى آدامس باللوم على الحكومات الفدرالية وحكومات الولايات لعدم تقديم مساعدة كافية، ما زال اللاجئ الموريتاني ديالو بانتظار مسكن له لإعالة نفسه، فهو لا يريد بحسب قوله إلا “الوسائل الضرورية لإعالة نفسه”.
وقال “عبرنا الكثير من البلدان للوصول إلى هنا. لقد عانينا. أتينا إلى هنا لأننا نثق في هذا البلد. نحن نثق بالولايات المتحدة”.