جاء لقاء كامب ديفيد بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ليعزز تحليلات خبراء تذهب باتجاه أن واشنطن تريد إنشاء مؤسسات دائمة لتحالف ثلاثي غير رسمي في شرق آسيا، حسبما ذكرته صحيفة نيزافيسيمايا الروسية.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إنه على الرغم من أن الدول الثلاث لن تلتزم بالدفاع عن بعضها البعض، فإنها ستعزز التفاعل بين جيوشها، وهذا التعزيز سيتم توجيهه في المقام الأول ضد الصين وكوريا الشمالية، لكن بايدن سيضغط أيضا على شركائه من أجل المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وأشارت إلى أن هذا التحالف المرتقب إن تحقق سيكون بمثابة زلزال سياسي.
تحديات
وذكرت أن إدارة بايدن ترى أن أحد التحديات الأساسية التي تواجه هذا التحالف هو إقناع اليابان وكوريا الجنوبية بذلك، حيث تشوب علاقات البلدين حالة من عدم الثقة الممتدة لعقود، التي وصلت في بعض الأحيان إلى مرحلة الهجوم العلني وخاصة من جانب كوريا الجنوبية على خلفية الاستعمار الياباني لكوريا، الذي استمر 35 عاما.
واحتفلت كوريا الجنوبية مؤخرا بيوم التحرر من الحكم الياباني في عام 1945، لكن كان لافتا أن الرئيس يون سوك يول لم يركز في خطابه بالمناسبة على وحشية السلطات الاستعمارية ومعاناة الشعب الكوري، توضح نيزافيسيمايا.
وبدلا من ذلك، شدد الزعيم الكوري الجنوبي على أن اليابان أصبحت الآن شريكة ملتزمة بنفس قيم بلاده، وبما أن كلا من سيول وطوكيو قلقتان بشأن ما يسمى التهديد النووي من كوريا الشمالية، فقد اختار يون إلقاء اللوم في المشكلة على “العدوان الشيوعي”.
ويرى تقرير الصحيفة الروسية أن واشنطن تتفهم مشاعر مواطني كوريا الجنوبية، لكنها تنظر في القضية مع مراعاة التزاماتها العالمية، حيث تعتقد واشنطن أن قمة كامب ديفيد ستسرع من احتواء الصين وتساعد الولايات المتحدة في الدفاع عن تايوان.
معجزة ولكن
ونقل التقرير عن دينيس وايلدر، الأستاذ في جامعة جورج تاون والمسؤول السابق في الإدارة الرئاسية الأميركية، قوله إن قمة كامب ديفيد كانت معجزة، إذ لم يتمكن الأميركيون في وقت سابق من استدراج قادة اليابان وكوريا الجنوبية إلى غرفة واحدة.
وأكد التقرير ألا أحد من الدول الثلاث يريد استفزاز بكين، وهي التي تعتقد أن الولايات المتحدة تريد عزلها دبلوماسيّا وتحيطها بشبكة من الحلفاء العسكريين المعادين.
وقد نشرت صحيفة غلوبال تايمز، التي يصدرها الحزب الشيوعي الصيني، أن لقاء كامب ديفيد يهدف إلى تشكيل “ناتو مصغر”، وأن هذا سيكون له تأثير مدمر على المنطقة ويؤدي إلى صراعات جديدة في شرق آسيا.
ونسبت نيزافيسيمايا إلى لي هايدونغ، الأستاذ في جامعة الصين للشؤون الدولية، قوله إن “آلية الناتو المصغرة تلعب بسخرية على القلق الناجم عن التهديدات النووية والصاروخية التي نشأت في شبه الجزيرة الكورية. لكن المثلث لا يريد حل هذه المشكلة. على العكس من ذلك، تريد الولايات المتحدة استخدام هذا الخطر الحقيقي لتعزيز دورها المهيمن في المنطقة”.
تعاون
وفي مقابلة مع “نيزافيسيمايا”، أشار ألكسندر فورونتسوف، رئيس قسم كوريا ومنغوليا في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية إلى أن التعاون العسكري بين الدول الثلاثة يتطور بوتيرة سريعة، حيث أصبحت التدريبات البحرية -على سبيل المثال- منتظمة، والهدف هو تشكيل تحالف عسكري وسياسي.
وأضاف فورونتسوف أنه فيما يتعلق بالتسليم المباشر للأسلحة الفتاكة إلى أوكرانيا، فقد ابتعدت كوريا الجنوبية واليابان حتى الآن عن ذلك. لكن الولايات المتحدة تريد أيضا إعطاء المثلث تركيزا مناهضا لروسيا، حيث ستكثف الولايات المتحدة ضغوطها على حليفيها في هذا الصدد.